الاحتلال يكرر استهداف الباحثين عن الخبز في غزة

09 ديسمبر 2024
صراع الخبز في دير البلح، 27 نوفمبر 2024 (أشرف أبو عمرة/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت مدينة رفح مجزرة مروعة خلال الاجتياح الإسرائيلي، حيث قُتل نحو 20 فلسطينياً وأصيب العشرات أثناء محاولتهم الحصول على أكياس الطحين، وسط ملاحقة القناصة والطائرات المسيرة للمدنيين.

- تفاقمت أزمة الطحين في قطاع غزة بسبب النهب المنظم لشاحنات المساعدات، مما أدى إلى نقص حاد في الطحين وإغلاق المخابز وارتفاع أسعاره بشكل جنوني، مما جعل الحصول عليه شبه مستحيل للعديد من الأسر.

- يعاني الفلسطينيون من صعوبة في توفير الخبز والمواد الغذائية الأساسية، معتمدين على الأرز والمعكرونة، في ظل نقص المساعدات الإنسانية وارتفاع أسعار الحطب وغاز الطهي.

هرع عشرات من الفلسطينيين إلى محل تجاري في شمالي مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، مساء الأحد، بحثاً عن أكياس الطحين (الدقيق)، بعدما علموا أنّ فيه كميات متبقية منذ ما قبل اجتياح الاحتلال الإسرائيلي للمدينة في منتصف العام الحالي، لكن طائرات الاحتلال ارتكبت مجزرة جديدة بحقهم.
وتقول مصادر محلية إنّ جيش الاحتلال قتل نحو 20 فلسطينياً وأصاب العشرات من الباحثين عن الطحين في محيط مناطق التوغلات البرية، كما يلاحق القناصة والطائرات المسيرة الجوعى في الشوارع بالرصاص والقذائف، واستشهد العشرات خلال بحثهم عن الطعام، أو ملاحقتهم لشاحنات المساعدات الإنسانية.
وتضاعفت أزمة الطحين وما تلاها من إغلاق للمخابز الآلية ونصف الآلية والمخابز الشعبية بفعل إعلان عدد من المؤسسات الإنسانية تعليق أنشطتها في توزيع المساعدات من جراء عمليات السطو والنهب التي تقوم بها عصابات منظمة تحت حماية قوات الاحتلال، والتي تستولي على شاحنات الدقيق والمساعدات الإنسانية والإغاثية.
ويكاد الطحين يختفي بشكل شبه تام من أسواق قطاع غزة، وتضاعفت أسعار المتوفر منه ليتجاوز سعر كيس الطحين الـ25 كيلوغراماً إلى ما يزيد عن 1000 شيكل (قرابة 280 دولاراً أميركياً)، بعد أنّ كان سعره لا يتجاوز عشرة دولارات، الأمر الذي أدى إلى إغلاق المخابز.
وفي محاولة للتغلب على الأزمة، تفتح بعض المخابز الصغيرة نوافذ لتبديل الطحين بالخبز بمقابل مادي، إلا أن غلاء ثمن الطحين لم يساعد في ترويج الفكرة، بينما قامت بعض المخابز التي ما زالت قادرة على تجهيز الخبز ببيع ربطة الخبز التي تضم ثمانية إلى عشرة أرغفة بنحو 35 شيكلاً (عشرة دولارات)، رغم أنها لا تكفي لسد احتياجات أسرة صغيرة.
ولم تفلح محاولات تجاوز الأزمة عبر توزيع بعض المؤسسات الإنسانية والإغاثية لـ"الكيس الطارئ"، والذي بدأ توزيعه على الأسر الكبيرة (عشرة أشخاص فما فوق)، والذي لا يكفي تلك الأسر سوى عدة أيام فقط، كما لم يظهر التوزيع أي أثر إيجابي على الأسعار في الأسواق.
ويضطر نحو مليوني نازح فلسطيني إلى خوض مهمة شبه مستحيلة يومياً لتوفير رغيف الخبز، سواء بالاصطفاف في طوابير طويلة للحصول على الكيس الطارئ، أو البحث في الأسواق لشراء الكمية اللازمة لكفاف يوم أسرهم، قبل أن تبدأ مهمة صعبة ثانية تتمثل في صناعة الخبز في ظل نفاد غاز الطهي، والغلاء الشديد في أسعار الحطب، والاكتظاظ داخل أفران الطين الشعبية.

مخابز الطين في خانيونس. 21 نوفمبر 2024 (هاني الشاعر/الأناضول)
مخابز الطين في خانيونس، 21 نوفمبر 2024 (هاني الشاعر/الأناضول)

يقول الفلسطيني أشرف حميد، لـ"العربي الجديد"، من مدينة غزة، إنه لم يتمكن من شراء الخبز منذ أكثر من أسبوعين نتيجة إغلاق المخابز وعدم توفر الطحين، فيما توقفت المخابز البلدية وأفران الطين عن البيع، ما دفعه إلى الاعتماد بشكل تام على المعكرونة والأرز لإطعام أطفاله.
ويشير حميد إلى شح البقوليات وغلاء أسعارها، ومن بينها الأرز والمعكرونة والبرغل والفريكة، ما يدفعه إلى شراء عشرة كيلوغرامات من الطحين لتوفير الخبز، رغم أن السعر باهظ ويزيد 25 ضعفاً عن سعره الطبيعي. ويضيف: "تقوم زوجتي بعجن كيلوغرام طحين يومياً، فيما أقوم بخبزه داخل فرن طين شعبي قريب من الخيمة التي نعيش فيها".
بدوره، يجد الفلسطيني أدهم لولو صعوبة كبيرة في توفير الخبز بعدما توقفت المخابز عن العمل، ويقول لـ"العربي الجديد"، إنه يكافح بشكل يومي لإطعام أطفاله، موضحاً أنه "قبل الأزمة الحادة الحالية، كنت أشتري الخبز بأسعار مرتفعة، إلى أن توقف بيعه بشكل تام من جراء شح الطحين، والارتفاع الخيالي في أسعار الكميات القليلة المتوفرة منه في قطاع غزة. يطاردني القلق طوال الوقت، ففي حال نفاد الكميات المحدودة التي قمت بشرائها، خاصة مع الارتفاع المتواصل في ثمن الطحين، وكذلك عدم توفر الخبز الذي يتم تصنيعه في مناطق محددة، لا أعرف كيف يمكنني توفير المزيد من الطحين في ظل حالة الشح الشديد المتزامنة مع عدم قدرتي على الشراء".

قضايا وناس
التحديثات الحية

لم يحصل الفلسطيني نضال ماضي على "الكيس الطارئ" حتى اللحظة، إذ لم تصله الرسالة المخصصة للاستلام، في حين لا يمكنه شراء أي كمية من الطحين في ظل الغلاء الشديد الحاصل، وهو مضطر إلى الطبخ على نار الحطب، ويعتمد على الوجبات التي لا تحتاج إلى الخبز، كالأرز والبقوليات، لكنها لا تفي بالغرض، إذ يشعر أطفاله بالجوع طوال الوقت.
ويوضح ماضي أن "أزمة الطحين والخبز تضاف إلى مجموعة من الأزمات التي تواجه الفلسطينيين منذ بداية العدوان، والتي بدأت بخسارة بيوتهم ومصادر رزقهم، ثم نزوحهم القسري نحو أماكن تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الأساسية. لكن أزمة الطحين تعتبر الأقسى، إذ لا توجد أي بدائل يمكن للسكان اللجوء إليها لتجاوز الأزمة أو تخفيفها".