رصد مهتمون بشؤون التعليم في المجتمع الفلسطيني في أراضي الـ1948 محاولات متصاعدة لفرض المزيد من الرقابة الأمنية على المدارس والمعلمين تكريساً لدور المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في جهاز التربية والتعليم، كان آخرها مصادقة لجنة التربية والتعليم بالكنيست الإسرائيلي بالقراءة الأولى على مشروع قانون يمنع تشغيل المعلمين المؤيدين أو المتماهين مع "الإرهاب"، وإقالتهم إداريا دون إجراء قضائي بلجنة الطاعة.
يقول رئيس لجنة قضايا التعليم العربي، شرف حسان، لـ"العربي الجديد"، إن "مشروع القانون الذي يأتي ضمن قانون التربية صادق عليه الكنيست بالقراءة التمهيدية لتحضيره للقراءة الأولى"، واصفا القانون الأصلي بأنه "خطير ومازال كذلك، لأنه يتيح لوزارة التربية والتعليم الحق في الإقالة الإدارية لمن يتم اتهامه بالتماهي أو دعم أو الدعوة إلى ما يسمى الإرهاب".
تدخلات سياسية في جهاز التربية والتعليم
ويصف حسان مصطلح "الإرهاب" بأنه "فضفاض، ويرفض القائمون على المشروع توضيح معنى كلمة إرهاب بشكل مفصل، مما يجعل التعبير عن الآراء السياسية المشروعة يمكن وضعها تحت خانة الإرهاب، ليصبح بذلك القانون مصدرا لتخويف المعارضين"، مضيفا أن "التشديد الآخر في القانون يكمن في نقل معالجة الشكاوى ضد المعلمين من المستوى التأديبي إلى المستوى الإداري، بمعنى إعطاء صلاحيات كبيرة للإداريين في وزارة التربية والتعليم، ما يعني إعطاء الفرصة لمزيد من التدخلات السياسية ولاستغلال جهاز التربية والتعليم بشكل سياسي".
وحول أهداف القانون يقول حسان: "يسعى القانون المقترح إلى إعادة تدخل جهاز المخابرات (الشاباك) بشكل رسمي في شؤون وزارة التربية والتعليم، وإعطائه المزيد من الصلاحيات، مما قد ينمي الخوف والوساطات في التعيينات ويحرم المعلمين من أي دور تربوي، وهو ما سيضعف جهاز التربية والتعليم العربي"، مؤكدا أن "إعادة الشاباك إلى جهاز التربية والتعليم مجددا يعيدنا إلى حقب صعبة في تاريخ مجتمعنا العربي".
ويرى حسان أن حالة الحرب على غزة "توفر الأرض الخصبة لتمرير القوانين العنصرية"، قائلا: "اليمين المتطرف يستغل حالة الحرب والأجواء المشحونة والعنصرية المتفشية ضد العرب لتمرير قوانين كثيرة بشكل سريع"، موضحا أنه "رغم عدم حسم الكثير من النقاط في القانون، إلا أنه جرى إقراره بالقراءة الأولى، على أن تحسم الأمور العالقة عند القراءة الثانية".
ويستغرب المتحدث ذاته من العجلة في المصادقة على مشروع القانون رغم أن "الشاباك وضح أكثر من مرة أنه لا يرى في المعلمين خطرا استراتيجيا على أمن الدولة"، مضيفا أن "إدخال العرب الفلسطينيين في القدس الشرقية ضمن هذا القانون هو محاولة في طريق أسرلة جهاز التربية والتعليم بالقدس الشرقية"، موضحا أن "قسما من هذه القوانين سيتم استغلالها ضد المعلمين اليهود اليساريين والنقديين".
ولفت رئيس لجنة قضايا التعليم العربي إلى أن "مستوى تعليم العرب وفقا لامتحانات البيزا يعادل مستوى التعليم في دول العالم الثالث، وقريب جدا لمستوى التعليم في الضفة الغربية، والفجوة بينه وبين التعليم في المجتمع اليهودي كبيرة جدا، تتراوح ما بين 3 إلى أربع سنوات، وهذه القوانين تثبت الفجوة ولا تقلصها".