الأمم المتحدة: طرد المهاجرين من تونس إلى ليبيا يؤجج الابتزاز والانتهاكات

11 يونيو 2024
وقفة احتجاجية أمام مقر بعثة الاتحاد الأوروبي في تونس، في 9 مايو 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تقرير سري للأمم المتحدة يكشف عن قيام قوات حرس الحدود التونسية بتسليم مهاجرين إلى ليبيا، حيث يواجهون ظروفاً قاسية مثل الابتزاز، التعذيب، والقتل.
- استناداً إلى شهادات وأدلة مصورة، يوثق التقرير نقل حوالي ألفي مهاجر من تونس إلى ليبيا، مشيراً إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
- يدعو التقرير إلى إعادة النظر في سياسات الهجرة وإدارة الحدود بما يحترم حقوق الإنسان، مطالباً بإلغاء تجريم الهجرة غير الشرعية وبدعم دولي لضمان التزام إدارة الحدود بحقوق الإنسان.

أفاد تقرير سري للأمم المتحدة عن حقوق الإنسان اطلعت عليه "رويترز" بأن قوات حرس الحدود في تونس ألقت القبض على مهاجرين وسلمتهم إلى حرس الحدود في ليبيا، حيث يتعرضون للابتزاز والتعذيب والقتل، بالإضافة إلى العمل القسري.

ويلعب البلدان دوراً رئيسياً في جهود الاتحاد الأوروبي الرامية إلى وقف تدفق المهاجرين ​​من شمال أفريقيا إلى جنوب أوروبا عبر البحر المتوسط. وجاء في التقرير الذي يحمل تاريخ 23 يناير/ كانون الثاني أن مئات المهاجرين في تونس ألقي القبض عليهم ضمن موجة من الاعتقالات وطردوا إلى ليبيا خلال النصف الثاني من العام الماضي.

واستند التقرير إلى مقابلات أجريت مع 18 شخصاً سبق احتجازهم، بالإضافة إلى أدلّة؛ وهذه الأدلة هي صور ومقاطع مصورة لعمليات تعذيب في إحدى المنشآت.

وقال الخبير الليبي في مجال حقوق الإنسان، طارق لملوم: إنّ عمليات نقل المهاجرين هذه جرت في أوائل مايو/ أيار. وأضاف أن نحو ألفي مهاجر كانت تونس تحتجزهم نقلوا إلى ليبيا هذا العام، مشيراً إلى مقابلات أجريت مع أكثر من 30 مهاجراً.

الأمم المتحدة: طرد جماعي للمهاجرين من تونس

واطلع دبلوماسيون في المنطقة على تقرير الأمم المتحدة الذي لم يُنشر عنه شيء سابقاً. وجاء في التقرير أن "عمليات الطرد الجماعي من تونس إلى ليبيا وما يرتبط بها من احتجاز تعسفي للمهاجرين يؤججان عمليات الابتزاز والانتهاكات، وهي بالفعل قضايا حقوق إنسان منتشرة على نطاق واسع في ليبيا".

وأشار التقرير إلى أن مسؤولين ليبيين يطلبون آلاف الدولارات مقابل إطلاق سراح بعض المهاجرين. وأضاف "يصب هذا الوضع في مصلحة هؤلاء الذين يستغلون الضعفاء، ومنهم المتاجرون بالبشر". ولم ترد السلطات الليبية ولا التونسية على طلبات للتعليق على تقرير الأمم المتحدة.

وقال متحدث باسم بعثة الأمم المتحدة في ليبيا: إنه ليس بوسعه التعليق على هذا التقرير. وفي 16 إبريل/ نيسان، قال عبد الله باثيلي الذي كان حينها كبير مسؤولي الأمم المتحدة هناك، إنه "يشعر بقلق بالغ إزاء الوضع المزري للمهاجرين واللاجئين في ليبيا الذين يعانون انتهاكات لحقوق الإنسان طوال عملية الهجرة".

وقال الاتحاد الأوروبي العام الماضي، إنه سينفق 800 مليون يورو حتى عام 2024 في شمال أفريقيا لوقف تدفق المهاجرين عبر البحر المتوسط. والهجرة مصدر قلق رئيسي للناخبين في انتخابات البرلمان الأوروبي التي جرت الأسبوع الماضي وشهدت مكاسب لأحزاب اليمين المتطرف.

وفي الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، انخفض عدد المهاجرين الوافدين إلى أوروبا عبر البحر المتوسط ​​بأكثر من 60% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023. وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني في الرابع من يونيو/ حزيران، إن الانخفاض يرجع "قبل أي شيء" إلى المساعدة القادمة من تونس وليبيا. لكن جماعات لحقوق الإنسان تقول إن سياسة الاتحاد الأوروبي المتمثلة في نقل السيطرة على الهجرة إلى دول أخرى مقابل تقديم مساعدات تؤدي إلى انتهاكات وتخفق في معالجة القضايا الأساسية.

وقال الرئيس التونسي قيس سعيّد في مايو/ أيار: إن مئات الأشخاص يصلون إلى بلاده كل يوم، وإن تونس تنسق عودة المهاجرين مع الدول المجاورة. وتقول السلطات الليبية إنها تعمل مع الدول المجاورة لحل قضايا الهجرة.

ولم يتسنّ لرويترز التحقق من الروايات الواردة في تقرير الأمم المتحدة عن حدوث انتهاكات من مصادر مستقلة.

وخلصت بعثة لتقصي الحقائق تابعة للأمم المتحدة العام الماضي، إلى ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحق مهاجرين في ليبيا في بعض مراكز الاحتجاز التي تديرها وحدات تلقت دعماً من الاتحاد الأوروبي. ولم يرد متحدث باسم المفوضية الأوروبية على أسئلة طرحتها رويترز.

 الحرق حيّاً والضرب بالرصاص

جاء في التقرير الأحدث للأمم المتحدة، أنّ هناك نمطاً يقوم فيه مسؤولو الحدود التونسيون بالتنسيق مع نظرائهم الليبيين لنقل المهاجرين إما إلى مراكز احتجاز العسه وإمّا نالوت، الواقعتين على الجانب الآخر من الحدود في ليبيا.

وقال التقرير: إنّ المهاجرين يتعرضون للاحتجاز لفترات تتراوح بين بضعة أيام وعدة أسابيع قبل نقلهم إلى مركز احتجاز بئر الغنم بالقرب من طرابلس. ويتولى جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية الليبي وخفر السواحل إدارة مركزي الاحتجاز.

وأوضح تقرير الأمم المتحدة، أن جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية يمنع باستمرار مسؤولي الأمم المتحدة من الدخول إلى الموقعين. وجاء المهاجرون الذين تمت مقابلتهم خلال إعداد تقرير الأمم المتحدة من فلسطين وسورية والسودان وجنوب السودان. وكان الحصول على معلومات من المهاجرين الأفارقة أكثر صعوبة، فقد كان يجري ترحيلهم، وكان التواصل معهم أكثر تعقيداً.

وأضاف التقرير، أن الندوب وعلامات التعذيب كانت واضحة على ثلاثة من المهاجرين الذين تمت مقابلتهم. ووصف تقرير الأمم المتحدة المؤرخ في يناير/ كانون الثاني الأوضاع في العسه وبئر الغنم بأنها "بشعة". وأوضح "مئات المعتقلين مكدسون في حظائر وزنازين، غالباً ما يكون فيها مرحاض واحد صالح للاستخدام ولا يوجد صرف صحي أو تهوية".

وفي بئر الغنم، كانت هناك اتهامات بأن المسؤولين ابتزوا المهاجرين للحصول على مبالغ تتراوح بين 2500 وأربعة آلاف دولار تبعاً لجنسياتهم مقابل إطلاق سراحهم.

ووفقاً لتقرير يناير/ كانون الثاني، قال شهود للأمم المتحدة إن حرس الحدود في العسه، أحرقوا رجلاً سودانياً حياً وأطلقوا الرصاص على محتجز آخر لأسباب غير معروفة. وأضاف التقرير أن محتجزين سابقين تعرفوا على تجار بشر بين مسؤولي حرس الحدود العاملين هناك.

وجاء في التقرير أن "النهج الحالي الخاص بالهجرة وإدارة الحدود غير ناجح"، داعياً ليبيا إلى إلغاء تجريم المهاجرين الذين يدخلون البلاد بطريقة غير قانونية، وطالب بدعم دولي كامل لدفع إدارة الحدود إلى الالتزام بحقوق الإنسان.

(رويترز)

المساهمون