الأمم المتحدة تحذّر من مجاعة في السودان وسط أسوأ أزمة نزوح داخلي

الأمم المتحدة تحذّر من مجاعة في السودان وسط أسوأ أزمة نزوح داخلي

20 مارس 2024
الأطفال في السودان من أكثر الفئات المهدّدة بالمجاعة (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مسؤولو الأمم المتحدة يحذرون من تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان بسبب نزاع مستمر لأكثر من 11 شهرًا، مشيرين إلى انعدام الأمن الغذائي وخطر المجاعة.
- إديم وسورنو تصف الوضع بالناجم عن صراع وحشي، مع مستويات عالية من العنف والخسائر بين المدنيين، وتؤكد على انعدام الأمن الغذائي الحاد لـ90% من السكان في مناطق مثل الخرطوم ودارفور.
- الوضع الإنساني يزداد سوءًا مع نزوح داخلي وخارجي هائل، وتحذيرات من أن السودان قد يواجه أسوأ أزمة جوع في العالم، مع دعوات لمجلس الأمن لضمان وصول المساعدات الإنسانية.

حذّر مسؤولون أمميون من تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان وانعدام الأمن الغذائي فيه وسط تهديد بخطر مجاعة، وذلك بعد أكثر من 11 شهراً من النزاع في البلاد التي كان قد اندلع في منتصف إبريل/ نيسان 2023 متسبّباً في أزمة إنسانية بلا حدود، في خلال اجتماع عقده مجلس الأمن الدولي في نيويورك اليوم الأربعاء.

وأتى هذا الاجتماع بناءً على طلب غويانا وسويسرا، الدولتين اللتين تنسّقان قضايا الصراعات والجوع في مجلس الأمن الدولي. وقد طُلب الاجتماع في أعقاب ما يُعرف بـ"مذكّرة بيضاء" يبعث بها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى مجلس الأمن بموجب القرار 2417 المتبنّى في عام 2018. وبحسب القرار، يُطلب من الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريس في الوقت الراهن) أن يقدّم تقريراً سريعاً إلى مجلس الأمن الدولي في حال وجود "خطر مجاعة نتيجة نزاع وانعدام أمن غذائي على نطاق واسع".

وفي الإحاطة التي عرضتها مديرة قسم العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ونائبة وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إديم وسورنو في خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي، قالت: "نحن هنا اليوم للتحذير من حالة انعدام الأمن الغذائي واسعة النطاق وسريعة التدهور في السودان، وهو الوضع الناجم عن 11 شهراً من الصراع الوحشي والمتواصل".

وتوقّفت وسورنو عند مستويات العنف المفزعة في هذا الصراع التي أوقعت خسائر فادحة بين المدنيين، مشيرةً إلى "روايات مروّعة عن العنف الجنسي والهجمات العرقية التي وقعت حتى الآن في مناطق النزاع الساخنة"، واصفةً الوضع بـ"الكابوس". وأوضحت أنّ "ثمّة تقارير عن مقابر جماعية، وعمليات اغتصاب جماعي، وهجمات عشوائية مروّعة في مناطق مكتظة بالسكان، وفظائع عديدة أخرى (...) قد يرقى عدد منها إلى مستوى جرائم حرب".

وأشارت وسورنو إلى استمرار القتال العنيف، خصوصاً في "الخرطوم ودارفور وكردفان التي تؤوي 90% من السكان الذين يواجهون مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وحيث يستمرّ القتال العنيف منذ 340 يوماً". كذلك تحدّثت عن تدمير مصانع الغذاء والمزارع والبنية التحتية، مبيّنةً أنّ انتقال الأعمال العدائية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي إلى ولاية الجزيرة مثّل ضربة إضافية لمصادر الغذاء، ولا سيّما أنّ هذه الولاية تُعَدّ سلّة غذاء السودان نظراً إلى توفيرها نحو نصف إنتاج البلاد من القمح.

وأكدت وسورنو أنّ "نحو 730 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد في الوقت الذي أدى فيه الصراع إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية بنسبة مذهلة بلغت 83% مقارنة بفترة ما قبل الأزمة"، أي ما قبل 15 إبريل/نيسان 2023.

ونبّهت نائبة وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إلى أنّ الصراع أدّى إلى "أسوأ ازمة نزوح داخلي، إذ نزح 6.5 ملايين شخص في داخل البلاد منذ بداية الأزمة الحالية، بالإضافة إلى 3 ملايين قبل نشوبها في إبريل 2023. كذلك لجأ 1.8 مليون شخص آخرون إلى دول مجاورة". وفي الوقت نفسه، حذّرت وسورنو من أنّ السودان في طريقه إلى مواجهة "أسوأ أزمة جوع في العالم"، شارحةً أنّ "18 مليون شخص، أي أكثر من ثلث سكان البلاد، يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد".

وتخوّفت وسورنو من أنّ سكان السودان "قد يواجهون بحلول شهر مايو/ أيار المقبل، في بعض أجزاء دارفور، ما نُطلق عليه المرحلة الخامسة من التصنيف المتكامل لانعدام الأمن الغذائي الحاد، أي مرحلة الكارثة". وأوضحت أنّ "سوء التغذية يرتفع إلى مستويات مثيرة للقلق ويودي بالفعل بحياة الأطفال"، مشيرةً إلى أنّ "تقييماً حديثاً بيّن أنّ طفلاً واحداً يموت كلّ ساعتَين في مخيم زمزم في الفاشر، شمالي دارفور. ويقدّر شركاؤنا في المجال الإنساني أنّ في الأسابيع والأشهر المقبلة، من الممكن أن يقضي نحو 222 ألف طفل في مكان ما في المنطقة بسبب سوء التغذية". وتابعت وسورنو أنّ "أكثر من 70% من المرافق الصحية لا تعمل، وأنّ الأطفال الذين يعانون بالفعل من سوء التغذية يصيرون أكثر عرضة للوفاة بسبب أمراض تُعَدّ الوقاية منها ممكنة".

ولفتت مديرة قسم العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الانتباه إلى أنّ على الرغم من تبنّي مجلس الأمن الدولي قراراً يقضي بوقف الأعمال العدائية في السودان في خلال شهر رمضان ويسمح بإدخال المساعدات الإنسانية، فإنّ ترجمة ذلك على أرض الواقع ما زالت بعيدة المنال.

وطالبت وسورنو مجلس الأمن الدولي بالعمل على "ضمان احترام الأطراف التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك حظر استخدام التجويع كوسيلة للحرب وحماية السلع الحيوية والبنية التحتية والخدمات اللازمة للنظم الغذائية والإنتاج"، بالإضافة إلى "ضمان التزامها بالحوار لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية عبر خطوط التماس والحدود، مع زيادة تمويل العمليات الإنسانية والضغط من أجل وقف فوري لإطلاق النار والتوصّل إلى حلّ سلمي للصراع".

من جهته، حذّر نائب المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة كارل سكاو، في اجتماع مجلس الأمن الدولي نفسه، من ارتفاع مستويات الجوع وسوء التغذية الحاد منذ اندلاع النزاع في العام الماضي. وأكد أنّ "ثمّة خطراً حقيقياً ومتزايداً من أن يؤدّي العنف في السودان قريباً إلى خلق أكبر أزمة جوع في العالم (...) فيواجه ما يقرب من 28 مليون شخص في كلّ أنحاء المنطقة انعدام الأمن الغذائي الحاد، من بينهم 18 مليوناً في السودان وسبعة ملايين في جنوب السودان ونحو ثلاثة ملايين في تشاد".

تجدر الإشارة إلى أنّ القتال الدائر في السودان بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، منذ منتصف إبريل 2023، أدّى إلى مقتل أكثر من 14 ألف شخص، في حين دمّر البنى التحتية للبلاد ودفع إلى إطلاق تحذيرات من مجاعة محتملة وأجبر الملايين على النزوح من مناطقهم في داخل السودان وإلى خارجه.

المساهمون