كما هي الحال منذ بداية فصل الشتاء الجاري والفصول السابقة، تغرق مخيمات النازحين السوريين بالسيول من جرّاء الأمطار الغزيرة. وقد وجدت مئات العائلات النازحة في سهول ريف جسر الشغور الشمالي الغربي وسهل عكار شمال غربي سورية نفسها في وضع مماثل، أمس الخميس، بعد فيضان النهر الكبير الشمالي متسبّباً في غرق الأراضي الزراعية وبأضرار كثيرة في مخيمات النازحين المجاورة.
ومخيمات الساحل، الواقعة في الريف الشمالي الغربي لمحافظة إدلب شمال غربي سورية والأكثر تضرراً هي مخيمات "خربة الجوز" و"الزوف" و"الزيارة" و"بداما" و"عطاء الخير" و"سلمى" و"عائدون" و"الجبل" و"النهر" و"صلاح الدين" و"الحمرات" و"الإخاء".
ورأى الناشط السوري حسام الجبلاوي أنّ الوضع في "المخيمات التي أقيمت على أرض جبلية مأساوي جداً"، شارحاً لـ"العربي الجديد" أنّ "الخيام فيها جُرفت وغرقت وتشرّد ساكنوها من جرّاء الأمطار الغزيرة والسيول الناجمة عنها أخيراً". أضاف أنّ "هذا الوضع يتكرّر سنوياً، خصوصاً أنّها مخيمات منسية ومهملة من قبل المنظمات الإنسانية والمجتمع المدني، ولا تصلها المساعدات إلا مرّة سنوياً، فيما الخيام المصنوعة من النايلون مهترئة وفي حاجة إلى استبدال".
وأشار الجبلاوي إلى أنّ عدد النازحين السوريين شمال غربي سورية من سكان هذه المخيمات يبلغ نحو 120 ألفاً، نزحوا بمعظمهم ما بين عامَي 2015 و2016 بعد حملة النظام على جبل الأكراد والتركمان، وكلها تقع عند الحدود السورية-التركية". أضاف أنّ "لا مساكن من الطوب فيها، ولم تبادر المنظمات إلى إنشاء أيّ مساكن من هذا النوع للنازحين في تلك المناطق إذ تُعَدّ خطوط تماس وهي بالتالي غير آمنة".
أحمد الإبراهيم من النازحين المتضرّرين في مخيم الزوف، أخبر "العربي الجديد" أنّه اضطر إلى مغادرة خيمته مع عائلته بعد "غرقها من جرّاء السيول. وقد لجأت إلى أحد أقربائي إلى حين توقف الأمطار ويُصار إلى إصلاح خيمته مجدداً". أضاف أنّ "وضع مخيّمنا سيّئ والمساعدات الإنسانية قليلة جداً، ولم يطرأ على حالنا أيّ جديد ولم نشهد أيّ أمر إيجابي منذ نزوحنا الذي قارب عامه السادس"، مؤكداً "نحن بلا اهتمام ولا دعم ولا حتى مساعدات إغاثية".
من جهتها، قالت النازحة حنان العدناني المتضررة في مخيم خربة الجوز لـ"العربي الجديد" إنّ "الأمطار الغزيرة تسبّبت في كارثة لي ولأبنائي الأربعة، بعد أن داهمت المياه خيمتنا وحوّلتها إلى بركة من الوحل". وناشدت العدناني المنظمات التي تُعنى بالدعم "التدخّل والمساعدة في إيجاد سكن أو خيام بديلة على الأقلّ، والعمل بجدية لإيجاد حلول لهذه المشكلة المستعصية لي ولسكان المخيمات في كلّ عام".
وفي سياق متصل، تحدّث الإعلامي أحمد أبو حمزة لـ"العربي الجديد" عن الوضع العام للنازحين في المخيمات الواقعة بريف إدلب الغربي التي تُعرف بمخيمات الساحل، مبيّناً أنّ "عدد المخيمات المتضرّرة بين خربة الجوز والعزوف يبلغ 10 مخيمات. والأضرار تتراوح ما بين ضرر كلي وجزئي، فيما الاستجابة كانت ضعيفة جداً من قبل المنظمات ولا ترتقي إلى حجم الكارثة التي حلت بالمنطقة".
وأوضح أبو حمزة أنّ "100 خيمة تضرّرت كلياً ولم تعد صالحة للسكن. وقد أصابت أضرار جزئية 80 في المائة في المخيمات العشرة (المذكورة). أمّا المنطقة المتضررة فتقع بالقرب من مجرى النهر الرافد لمجرى النهر الكبير الشمالي الذي يقسم المياه بالنصف".
أضاف أبو حمزة أنّ "ثمّة مخيمان عشوائيان تضرّرا شمال غربي سورية بصورة كبيرة، بالإضافة الى مخيمات نظامية وأخرى بعيدة عن مجرى النهر، إذ إنّها تقع في مكان منخفض. كذلك ثمّة مخيمات واقعة عند مجرى المياه من الجبل". لكنّه لفت إلى أنّ "منسوب المياه انخفض الآن، ولو استمرّ هطول الأمطار لفترة أطول لكانت الكارثة أكبر، علماً أنّ المتضررين توجّهوا إلى أقارب لهم أو جيران لم يتضرروا".
وقد وثّقت منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) تضرّر أكثر من 525 خيمة في 43 مخيماً للمهجّرين والناجين من الزلزال، وفي مرافق عامة ومنازل وطرقات حيوية ومزارع وبساتين، أوّل من أمس الأربعاء، من جرّاء منخفض جوي ثانٍ في خلال أسبوع وثالث منذ بداية الموسم، صاحبته أمطار غزيرة، الأمر الذي "يعمّق فجوة الاحتياجات الإنسانية شمال غربي سورية".
وشرحت المنظمة أنّ مناطق شمال غربي سورية تشهد منخفضاً جوياً بدأ تأثيره يوم الثلاثاء الماضي بأمطار غزيرة تسبّبت في سيول جارفة وفيضان روافد لنهر العاصي الذي ارتفع منسوب المياه فيه، الأمر الذي أدّى إلى وقوع أضرار كبيرة في المخيمات وإغلاق طرقات، فيما غمرت المياه الأراضي الزراعية وتسرّبت إلى المنازل والمرافق الطبية والتعليمية. وتواصل فرق الدفاع المدني السوري أعمال الاستجابة لنداءات الاستغاثة التي أطلقها مواطنون في المناطق والمخيمات للتخفيف من حجم الكارثة وتقليل الأضرار.