الأعياد اليهودية تكبد أهالي الخليل معاناة إضافية

21 أكتوبر 2024
الاحتلال الإسرائيلي يغلق المسجد الإبراهيمي أمام المسلمين، 2 سبتمبر 2024 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعاني مدينة الخليل من انتهاكات إسرائيلية متزايدة، خاصة خلال الأعياد اليهودية، حيث يتم إغلاق المسجد الإبراهيمي أمام المسلمين لتمكين المستوطنين من إقامة طقوسهم.
- تصاعدت الانتهاكات في الأسابيع الأخيرة، مع إغلاق المسجد ومنع الأذان وفرض قيود على صلاة الجمعة، في محاولة لفرض السيطرة الكاملة على المناطق المحتلة.
- تتوسع إجراءات تهويد المسجد الإبراهيمي مع كل عيد يهودي، بينما تمنع السلطات الإسرائيلية التوثيق الإعلامي وتوفر التسهيلات للمستوطنين.

تعيش مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية ظروفًا استثنائية إثر تعرّضها للانتهاكات الإسرائيلية تزامنًا مع الأعياد اليهودية في الشهر الجاري، ولا سيما أنها على موعد مع اقتحامات استيطانية خلال اليوم الاثنين، وغداً الثلاثاء، إذ يحتفل اليهود بما يسمى "عيد العرش" والذي بدأت طقوسه اليوم عبر إغلاق المسجد الإبراهيمي في وجه المصلّين المسلمين، تمهيدًا لتركه مستباحًا من قبل الجماعات الاستيطانية.

ودعت الجماعات الاستيطانية عبر صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين إلى إقامة حفلات غنائية راقصة، ومسارات سياحية لإقامة طقوس تلمودية في باحات المسجد الإبراهيمي، فيما استهلّ المستوطنون طقوسهم الدينية، أمس الأحد، باقتحام منطقة "بئر حرم الرامة" شمال مدينة الخليل. والتي لم تُقتحَم منذ نحو عامين. 

الصورة
إجراءات مشددة عند مداخل ومخارج الحرم الإبراهيمي 5 إبريل 2024 (Getty)
إجراءات مشددة عند مداخل الحرم الإبراهيمي ومخارجه 5 إبريل 2024 (Getty)

ومنطقة بئر حرم الرامة هي منطقة ترجّح الروايات أنها المكان الذي استراح فيه نبي الله إبراهيم قبل الآف السنين، ونصب فيها خيمته تحت أشجار البلوط. وذلك كان محط اعتبار ديني لليهود، وموقعًا يقتحمه المستوطنون، وفق ما نصّ عليه اتفاق الخليل "بروتوكول إعادة الانتشار 1997" في البند السابع الذي أشار إلى أن "حرم الرامة/ألوني مامير مكان يهودي والشرطة الفلسطينية مسؤولة عن حمايته" كما أكد البند أحقية اليهود اقتحام المنطقة، بالتنسيق المشترك مع الجانب الفلسطيني. 

وبحسب عضو لجنة الدفاع عن الخليل، هشام الشرباتي في حديث لـ"العربي الجديد"، فإن حافلات المستوطنين بحماية قوات الاحتلال، أغلقت أمس، الطريق الواصل بين منطقة رأس الجورة وشارع بئر حرم الرامة، ومنطقة قيزون، ومنعت حركة المركبات فيها، واعتلى جنود الاحتلال منازل المواطنين بهدف تأمين اقتحام الجماعات الاستيطانية التي أدى أتباعها صلوات تلمودية في موقع بئر حرم الرامة، علمًا أن المكان فلسطيني خالص، ويدار خدماتيًّا من الهيئة المحلية في الخليل، غير أن الاحتلال يحاول باستمرار إثبات يهودية المكان، تمهيدًا للسيطرة عليه مستقبلًا.

انتهاكات الاحتلال متواصلة في الخليل

ويقول الشرباتي: "يهدف الاحتلال الإسرائيلي يوميًّا إلى فرض مظاهر السيادة الكاملة في مناطق تعتبر محتلة وفق القانون الدولي، لكن الرسالة واضحة هي أن المناطق التي يقتحمها المستوطنون توحي بأن الاحتلال يتعامل معها على أنها مناطقه بشكل كامل، وفي سياق آخر يهدف الاقتحام إلى زيادة التضييق على الفلسطينيين، والتنغيص الذي يهدف لاحقًا إلى الترحيل، وذلك عبر منعهم من الحركة، وإرهابهم بالسلاح، وإجبارهم على إغلاق محالهم التجارية، فقط كي يتم اقتحام الجماعات الاستيطانية". 

وشهدت الأسابيع الثلاثة الماضية ذروة الانتهاكات الإسرائيلية بحقّ مدينة الخليل والبلدة القديمة، خاصّة المسجد الإبراهيمي، بعد أن أغلقه الاحتلال الإسرائيلي أربعة أيام منذ التاسع من الشهر الجاري، وصولًا إلى فرض قيود على صلاة الجمعة فيه، ومنع رفع الأذان فيه نحو 70 مرّة، وصولًا إلى إغلاقه خلال اليوم وغدًا، بحجّة الأعياد اليهودية، فضلًا عن إجراءات أمنية مشددة غير مسبوقة منذ 7 أكتوبر/تشرين أول العام الماضي، حيث يغلق الاحتلال الأبواب والحواجز الحديدية بشكل مفاجئ ومتعمّد في أوقات الصلاة، من دون أي مبرر، وذلك للحدّ من وصول المصلّين إلى المسجد.

شهدت الأسابيع الثلاثة الماضية ذروة الانتهاكات الإسرائيلية بحقّ مدينة الخليل والبلدة القديمة

ويقول منسق "تجمع المدافعين عن حقوق الإنسان"، بديع دويك لـ "العربي الجديد"، "إن الجماعات الاستيطانية بدأت منذ ساعات مساء أمس، التحضير للحفلات الغنائية، والطقوس التلمودية، في محيط المسجد الإبراهيمي، عبر تركيب الإضاءات الملوّنة على جدرانه، ورفع الشمعدان المضيء على سطحه، ونصب الأعلام الإسرائيلية على كلّ مواقع المسجد، ووضع الكراسي، في ساحاته، وتحديد مسارات المستوطنين الذين بدؤوا بالتجمهر والاقتحام الواسع بحجّة الاحتفال بالأعياد التي تعكّر حياة الفلسطينيين المحيطين في المسجد". 

وكانت صفحات المستوطنين على مواقع التواصل قد نشرت دعوات للتجمهر عند مفرق "راموت" في القدس، للوصول إلى المسجد الإبراهيمي، بعد أن تم تحضير مواقف المركبات لهم، وتحديد مسارٍ سياحي لهم لاقتحام المسجد الإبراهيمي الذي يطلق عليه المستوطنون اسم "مغارة المكفيلة" ولا سيما أن مساحة المسجد كلّها مستباحة للاقتحام. 

الصورة
قوات الاحتلال الإسرائيلي في الخليل، 21 سبتمبر 2024 (الأناضول)
قوات الاحتلال الإسرائيلي في الخليل، 21 سبتمبر 2024 (الأناضول)

ويلفت دويك إلى أن الجماعات الاستيطانية جهّزت حافلات تنقل صغيرة لتنفيذ مسار سياحي في المسجد الإبراهيمي والأحياء في البلدة القديمة من الخليل، التي يمنع على السكّان الفلسطينيين فيها الحركة، فيما تنفّذ جولات استيطانية واستفزازية بحماية جنود الاحتلال في مناطق "تل الرميدة، وبيت هداسا، وشارع الشهداء" التي يحرم الفلسطينيون الوصول إليها والمشي فيها.

ويتابع دويك: "لم تتوقف تعزيزات الاحتلال الأمنية طوال الساعات الماضية في البلدة القديمة، ونصبت الخيام لاستقبال المستوطنين من خارج مستوطنات الخليل، وحضرت شخصيات دينية وسياسية إسرائيلية، وما يزيد المشهد خطورة عن الأعياد السابقة هو وجود السّلاح بحوزة كافة المستوطنين، ما يشكل حالة من القلق لدى السكان من المواجهة مع المستوطنين الذين باتوا يطلقون النار صوب منازل السكّان دون أي رادع". 

وتتوسع إجراءات تهويد المسجد الإبراهيمي مع حلول كلّ عيد يهودي في كل عام، غير أن المغاير هذا العام، هو مسارعة المستوطنين فرض وقائع جديدة على المسجد الإبراهيمي، ولا سيما أن المؤسسات الدولية والوفود الدبلوماسية، والمؤسسات الإعلامية منعوا مرّات عديدة من الوصول إلى المسجد والأحياء المحيطة به للحيلولة دون توثيق ما يجري من انتهاكات بحقّ المسجد، والمناطق المجاورة المعروفة بـ "المناطق المحاصرة أو المغلقة"، في المقابل وفّرت سلطات الاحتلال كل ما هو متاح لتنفيذ إجراءات تهويد المنطقة والسيطرة عليها، والضغط على سكّانها للخروج منها، ضمن أساليب التهجير الطوعي أو التهجير الصامت، بحسب دويك. 

ويحيط بالمسجد الإبراهيمي والبلدة القديمة نحو 70 عائقًا حركيًّا على شكل حواجز من المكعبات الإسمنتية أو البوابات الحديدية والإلكترونية والنقاط العسكرية، كما أن ثلاثة من هذه الحواجز تؤدي مباشرة إلى المسجد، أغلق الاحتلال منها اثنين منذ عام تقريبًا، وهما: "حاجز أبو الريش وحاجز 160"، ما يعني منع نحو 3 آلاف ممن يقطنون قرب المسجد من الصلاة فيه وزيارته، في الحين الذي تجري فيه تسهيلات وصول المستوطنين إلى المسجد الذي يسيطر الاحتلال على 63 % من مساحته التي حوّلها إلى كنيس يهودي منذ مجزرة المسجد الإبراهيمي التي ارتكبها المستوطن المتطرف باروخ جولدشتاين، فجر الـ 25 فبراير/ شباط 1994.