قال الأسير الفلسطيني زكريا الزبيدي، أحد أبطال عملية "نفق الحرية"، تعقيبا على استشهاد شقيقه الأسير المحرر داود الزبيدي، إن كل من فقدهم من عائلته، سواء والديه أو شقيقيه داود وطه، لم يتمكن من وداعهم بسبب الأسر.
وزارت محامية هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، حنان الخطيب، الأسير الزبيدي، للاطمئنان على حالته النفسية بعد استشهاد شقيقه داود. وقالت الخطيب في بيان نشرته الهيئة، مساء السبت: "رغم صلابته، إلا أن استشهاد شقيقه يعد مصابا كبيرا. كان اللقاء مليئا بالمشاعر التي كشفت أن العلاقة بين الأسير زكريا والشهيد داود كانت قوية".
ونقلت الخطيب على لسان زكريا: "عندما سمعت في الراديو عن إصابة أخي داود، ونقله إلى مستشفى رمبام في حيفا، أيقنت أن وضعه خطير، واستشهاده يفتح صفحة جديدة من غطرسة وهمجية الاحتلال التي لن تزيدنا إلا تصميماً على مواصلة النضال حتى الحرية والاستقلال".
وأكمل زكريا: "كل الذين فقدتهم من عائلتي لم أودعهم، ولم أدفنهم. استشهد أبي حين كنت في سجن جنين، وعرفت الخبر عبر إذاعة المسجد، وأمي استشهدت في معركة المخيم، ومن شدة المعركة دفنها الصليب الأحمر، وهي التي كانت تردد دائماً (الله يجعل يومي قبل يومك)، وأخي طه دفنوه وأنا تحت حطام المخيم، ثم استشهد داود، ولم أستطع توديع أي منهم، وتلقي العزاء لا أعرفه، ولم أجربه أو أمارسه بشكل شخصي".
وأضاف: "نحن نعرف الطريق، ولا نخشى المصير، فيوم معركة مخيم جنين كل الأخوة ارتدوا الزي العسكري، وتأهبوا للدفاع عنه، والشهادة مطلب كل فلسطيني حر، وما يعزيني هو أن داود شهيد، وقد نال ما طلبه، وهذا فخر لنا. ذات يوم وصفنا شخص بأننا (أولاد أم العبد)، نعم نحن أبناء الشهيدة، ولكي أتماسك في سجني أستعين بقراءة القرآن الكريم".
وعاد زكريا للحديث عن استشهاد شقيقه: "داود مارس حق العودة بجثمانه، فاستشهد في ذكرى النكبة، حتى عندما أخرجوه من جنين، كان جسده رافضاً للاحتلال، ورافضا اللجوء، إذ وجدوه في حيفا القريبة من بلدنا قيساريا، وما يعزيني أن جثمانه كان موجودا في فلسطين، حتى جثمانه كان رافضا فكرة التهجير، ويمارس حق العودة".
واستذكر داود بقوته وصلابته وقلبه الطيب، وقال: كان مزيجا من الخشونة والطيبة، وعرف بالعدل، وكان كتيبة كاملة. يعمل من دون ضجة، وكان لي كالظل، وفي سنوات المطاردة، كنت أستغرب عندما أراه، فرغم حرصي الشديد خلال تحركاتي، واتخاذ الاحتياطات الأمنية حتى لا يعرف أحد تحركاتي، كان يجدني، وعندما أراه فجأة أقول له: من أين خرجت؟ كان كأنه ظل يمشي خلفي. لا أستطيع تصديق أنه رحل، ولكن هذا قدرنا".
ورغم أحزانه، تحدث الأسير زكريا الزبيدي عن الشهيدة شيرين أبو عاقلة، والتي وصفها بأنها "الصحافية الفلسطينية الوطنية"، كما أرسل التعازي لعميد الأسرى، كريم يونس، في رحيل والدته التي صبرت 40 عاماً، ولم يتحقق حلمها باحتضانه حراً.
واستشهد الأسير المحرر داود الزبيدي يوم الأحد الماضي، بعد يومين من إصابته بجروح خطيرة خلال اقتحام مخيم جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة، وبعد نقله من المستشفى إلى أحد مستشفيات الداخل الفلسطيني المحتل، أعلنت قوات الاحتلال استشهاده وسط اتهامات للاحتلال باغتياله، ولا يزال يحتجز جثمانه.