الأسيرة المحررة عطاف عليان تعلن الإضراب عن الطعام حتى تسليم جثمان خضر عدنان

رام الله

جهاد بركات

جهاد بركات
07 مايو 2023
أسيرة محررة تعلن الإضراب عن الطعام حتى تسليم جثمان خضر عدنان
+ الخط -

أعلنت رائدة الإضرابات الفردية في سجون الاحتلال الأسيرة المحررة عطاف عليان، اليوم الأحد، عن اعتصام مصاحب لإضرابها الجديد عن الطعام أمام مقر الصليب الأحمر الدولي في مدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، من أجل تنفيذ وصية الشهيد الأسير الشيخ خضر عدنان، بعدم تشريح جثمانه، ودفنه بجوار والده، وللمطالبة بالإفراج عن جثمانه الذي ما زال محتجزا لدى الاحتلال الإسرائيلي.

عليان التي كانت قد خاضت ثلاثة إضرابات فردية في سجون الاحتلال في الثمانينيات والتسعينيات، جلست صباح اليوم الأحد، على فرشة صغيرة في باحة الصليب الأحمر ومعها حقيبة يدها وحقيبة ظهر صغيرة، ومعطف، ودفتر وقلم، ونظارة القراءة الخاصة بها، وبين يديها صورة خضر عدنان، وما لبثت أن تجمع عدد من الكاميرات حتى وقفت وبدأت بمؤتمر صحافي مقتضب قبل أن تعود للجلوس على فرشتها الصغيرة.

الصورة
الأسيرة المحررة عطاف عليان (العربي الجديد)
مؤتمر صحافي مقتضب للأسيرة المحررة عطاف عليان (العربي الجديد)

وقالت عليان حول شروعها بالإضراب عن الطعام: "إن لم نستطع الوقوف وقفة جادة خلال إضراب خضر عدنان، فعلى الأقل علينا أن نساهم في تنفيذ وصيته، وحتى لو كنت وحدي فهذا لا يهمني، سأضرب عن الطعام وأعتصم، وقد اخترت مقر الصليب الأحمر لأنه يعتبر نفسه مؤسسة إنسانية، يتواجد في أماكن الاشتباك، فعليه أن يتحمل مسؤولياته تجاه أسرانا وشهدائنا".

وأكدت عليان أنها ستستمر بالإضراب حتى تسلم جثمان عدنان، قائلة: "مثلما قال خضر عدنان للسجان عندما حاول أن يحط من عزيمته؛ وقال له السجان إن مقاومتك قد انخفضت، فضحك خضر وقال: ولكن درجة كرامتي ارتفعت، كرامته كرامتنا لذلك كما قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والله لا نصلين العصر إلا في بني قريضة؛ أقول والله لن أقطع إضرابي ولن أقف عنه إلا بعد أن نتسلم جثمان خضر عدنان".

ووجهت عليان عدة رسائل إحداها للرئيس الفلسطيني محمود عباس، قائلة له: "إنه مسؤول، والمسؤولية تكليف وليست تشريفا"، ثم تابعت: "بغض النظر عن معارضتنا، والله يقطع أمعاءنا أن يظهرك الاحتلال ويظهرك العدو بموقف العاجز عن الوقوف أمام قضايا شعبه ويظهرك أنك عدو لهذا الشعب، نحن نريدك قويا، وأن تكون داعما لقضايا شعبك".

ودعت عليان عباس للسعي جاهدا وبقوة لتحرير الأسرى، وقالت: "إن لم يستطع فتحرير جثامين الشهداء".

الصورة
الأسيرة المحررة عطاف عليان (العربي الجديد)
الأسيرة المحررة عطاف عليان خاضت العديد من الإضرابات إسنادا للأسرى (العربي الجديد)

وحول هذه الدعوة، قالت عليان لـ"العربي الجديد": إنها وجهت رسالتها إلى عباس بعيدا عن مواقف المعارضة، وإنها تشعر بالخجل والألم أن الاحتلال يظهر القيادة الفلسطينية عاجزة، مطالبة عباس بنفض هذا العجز الذي أراده الاحتلال له وللسلطة الفلسطينية، حسب وصفها.

أما رسالتها للصليب الأحمر فقالت إنه مؤسسة أخذت على عاتقها الوقوف مع المظلوم في كل مكان، مطالبة إياه بتحمل مسؤولية إعادة الجثامين، وتابعت: "نريد أن يعود جثمان خضر عدنان وألا يشرح بناء على وصيته، وهذا سبب وجودي في مقر الصليب".

ووجهت عليان كذلك رسائل إلى الفلسطينيين خصوصا في الضفة الغربية، قائلة إن هناك عطاء كبيرا منهم، وهناك الكثير ممن يضحون لكن بشكل فردي ويتم اغتيالهم بوقت قصير، لكن تلك التضحية الفردية برأيها، تحتاج إلى أن تساهم الفصائل الفلسطينية بتجميعها، وأن تعود لتنظيم أنفسها وتقف المواقف الصحيحة".

وقالت عليان إن الاحتلال وإن أسكت صوت عدنان، فصوته الصادح انتقل إلى قلوب الفلسطينيين وضمائرهم، معتبرة أن هدف الاحتلال من خلال احتجاز الجثامين هو المتاجرة بأعضائهم، ومؤكدة أن هناك أولوية لما وصفته بتدفئة قلوب أمهات الشهداء وآبائهم باحتضان الجثامين.

عليان وتاريخ من الإضرابات

ولا تعد هذه المرة الأولى التي تعلن فيها عليان إضرابا عن الطعام وهي خارج السجون، فقد روت لـ"العربي الجديد" عدة إضرابات خاضتها إسنادا للأسرى، استمر أحدها لثلاثين يوما في العام 2000، إسنادا لإضراب الأسرى الذي استمر للمدة ذاتها، وقالت إنها فكت إضرابها بعد أن أنهى الأسرى إضرابهم، لأنها تشعر بأنها ما زالت معهم، وخروجها الجسدي من الأسر لم يعنِ خروج قلبها وعقلها عن قضية الأسرى.

وأعادت التجربة خلال إضراب خضر عدنان الأول في العام 2012، حيث استمر إضرابها لـ11 يوما في حينه واختارت الصليب الأحمر كذلك لتنفيذ تلك الخطوة.

أما في داخل السجن فيسجل أحد التقارير البحثية المنشور لدى مؤسسة الدراسات الفلسطينية أنها كانت رائدة له، حيث نفذت أثناء اعتقالها ثلاثة إضرابات: الأول وقت التحقيق معها عام 1987، والثاني عام 1992، والثالث عام 1997 وذلك ضد اعتقالها الإداري، وقد استمرت في إضرابها آنذاك 40 يوماً.

وتقول عليان لـ"العربي الجديد" إن ذهابها أو أي أسير كما خضر عدنان لهذه الإضرابات، ليس ضربا من الانتحار، بل إن الأسير في داخل السجن يعتقد أن هذه هي الورقة الرابحة دائما، ولكنها تكون الخطوة الأخيرة، "ليس من أجل تعذيب أنفسنا، بل لإظهار صوتهم الذي يحاول العدو كتمه، وأن يظهر نفسه إنسانيا بالتعامل مع الأسرى، فكان الإضراب الموصل لهذا الصوت رغم المعاناة".

زوجة خضر عدنان تدعو للإضراب

وبعد إعلان عليان للإضراب دعت رندة موسى زوجة الأسير خضر عدنان إلى الإضراب في مقرات الصليب الأحمر في كل المحافظات الفلسطينية، للضغط من أجل تنفيذ وصية عدنان.

وقالت موسى لـ"العربي الجديد": "أوجه رسالة إلى كل أحرار العالم، ولكل من آلمهم فقد الشيخ خضر عدنان وفراقه؛ سيروا على خطى الأسيرة المحررة عطاف عليان في الضغط على المؤسسات الحقوقية والدولية، وخصوصا مؤسسة الصليب الأحمر، من أجل تطبيق وصية الشيخ بعدم لمس الاحتلال لجثمانه وعدم تشريحه، ولكي نلقي عليه نظرة الوداع وأن يدفن بجانب والده كما أراد هو، أشكر عليان على هذه البادرة وهذه المبادرة وأعتبرها رافعة للنضال واستمرارا لنضال الشيخ حتى بعد استشهاده".

بدوره، اعتبر المحامي محمد عليان والد الشهيد المقدسي بهاء عليان أحد المتحدثين باسم حملة أهالي الشهداء لاسترداد جثامين أبنائهم في حديث مع العربي الجديد، وقد كان أول الواصلين لمساندة عليان في اعتصامها؛ أن الحراك في ملف الجثامين حتى اللحظة يعد حراكا فرديا يعبر عن الغضب الشديد والاستياء من حالة الصمت المحلية والدولية، وقد وصل عدد الشهداء المحتجزة جثامينهم إلى 133 شهيدا.
وأكد المحامي عليان أن عطاف عليان إزاء هذا الصمت تعلن بموقف استثنائي إضرابا عن الطعام، مطالبا بتحويل كل المواقف الفردية إلى جماعية، وإلى حراك دائم لاسترداد الجثامين.

ذات صلة

الصورة
صورة للشهيدة وفاء جرار وزعتها عائلتها بعد إعلان استشهادها، 5 أغسطس 2024

مجتمع

منذ أكثر من عامين كانت الفلسطينية وفاء جرار (50 عاماً) إحدى مُؤسِّسات "رابطة تجمّع أمهات الشهداء والأسرى" في الضفة الغربية، ولم تكن تعلم أنها ستصبح إحدى هؤلاء.
الصورة
الأستاذة الجامعية الهولندية ثيا هيلهورست التي تخوض إضراباً عن الطعام دعماً لقطاع غزة (إكس)

مجتمع

تنفّذ الأستاذة الجامعية الهولندية ثيا هيلهورست إضراباً عن الطعام أمام برلمان بلادها، من أجل لفت الانتباه إلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والجوع فيه.
الصورة

مجتمع

في عيد الأم أفادت تقارير فلسطينية بأنّ 37 أمّاً يستشهدن يومياً في قطاع غزة، في حين أنّ 28 أسيرة مغيبة في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
الصورة
تضامن في غزة مع الأسيرات بالسجون الإسرائيلية (عبد الحكيم أبو رياش)

مجتمع

أكدت مؤسسات تُعنى بشؤون الأسرى الفلسطينيين، الخميس، أنّ العام 2023 يُعدّ الأكثر دموية بحقّ النساء الفلسطينيات على مدار تاريخ سنوات الاحتلال الإسرائيلي.