الأردن: مختصون ينتقدون عدم دسترة الحق في الصحة ونقص أدوية الأمراض المزمنة

26 ديسمبر 2022
نقص الأدوية الأساسية للأمراض المزمنة يشكل خطراً حقيقياً على المرضى (العربي الجديد)
+ الخط -

أجمع مشاركون في جلسة حوارية بعنوان "إشكالية أدوية الأمراض المزمنة في القطاع الصحي العام"، نظمها، اليوم الإثنين، مرصد الحماية الاجتماعية، التابع لجمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، على صعوبة حصول المرضى المصابين بالأمراض المزمنة في الأردن على أدويتهم. 

وانتقد المشاركون عدم وجود نص في الدستور الأردني يكفل الحق بالصحة، مؤكدين أن نقص الأدوية الأساسية يشكل خطراً حقيقياً على صحة المرضى، ما يضطرهم أحيانا لجوء إلى القطاع الخاص وشراء أدويتهم على نفقتهم الخاصة، فيما العديد من المرضى لا يمكنهم الحصول على أدويتهم من دون دعم الحكومة ولا يملكون المال الكافي لذلك. 

ووفق مرصد الحماية الاجتماعية، فقد انخفض الإنفاق على القطاع الصحي خلال الأعوام السابقة، ففي عام 2019، خُصص لميزانية وزارة الصحة من الميزانية العامة نحو 7 بالمائة، لتنخفض عام 2020 إلى 6.4 بالمائة ثم إلى 6 بالمائة في 2021. 

ويقول الأمين العام السابق للمجلس الصحي العالي ومستشار منظمة الصحة العالمية، محمد رسول الطراونة، إن الدستور الأردني لم ينص على الحق في الصحة، لكن قانون الصحة العامة عالج الأمر، مضيفا أن دسترة الحق في الصحة كان مطلبا لجهات حقوقية ومختصين، ورجح أن الكلفة المادية حالت دون دسترة هذا الحق رغم أن ما يدفع على الصحة تجنى ثماره في القطاعات الأخرى، وهو ضرورة للتنمية المستدامة. 

ويرى أن المشكلة لا تكمن في التشريعات بل في بالتطبيق، مشيرا إلى أن النظام الصحي الأردني في الوقت الحاضر غير كفء وغير مستدام ومتشظ وغير عادل في توفير الخدمات الطبية والمشاركة في دفع بدل التأمين الصحي، على حد قوله، قبل أن يضيف: "للأسف لدينا هدر، والهدر يرافقه نقص بالأدوية". ونبه في هذا الإطار إلى أن الأمراض السارية تتسبب بحوالي 78 بالمائة من الوفيات في الأردن، وأبرزها أمراض الضغط والسكري والسرطان والقلب. 

الأمراض السارية تتسبب بحوالي 78 بالمائة من الوفيات في الأردن

ويلفت الطراونة إلى عدم توفر أدوية الأمراض المزمنة بكميات كافية لتلبية احتياجات المرضى، مشيرا أيضا إلى وجود مشكلة في توفير الموارد البشرية وتطويرها، واصفا بيئة العمل في القطاع العام الأردني بأنها طاردة لأطباء الاختصاص، ما أنتج هجرة أدمغة إلى القطاع الخاص المحلي والدول المجاورة. 

بدورها، تقول رئيسة جمعية سيدات عين البستان لرعاية الأيتام في محافظة عجلون شمالي البلاد، صباح الصباغ، إن الأدوية والأجهزة الطبية غير متوفرة بشكل حقيقي لمحتاجيها، فالجمعية بعد أن كانت تهتم فقط برعاية الأيتام، أصبحت تتابع توفر الأدوية في المحافظة، وهناك شكاوى من عدم توفر أدوية القلب والضغط أحيانا لمدة أسبوعين أو أكثر، وأحيانا يضطر المرضى للحصول على الأدوية من متطوعين ومحسنين. 

وتنقُل الصباغ عن مواطنين عدم حصولهم على أدوية الضغط الشهرية لفترة تمتد إلى عدة أشهر، لافتة إلى أن الكميات التي تصل إلى صيدليات المراكز الصحية تنفد بسرعة رغم أن العلاج هو حق لهم، مطالبة المراكز الصحية الحكومية بتوفير قائمة بمراجعيها من أصحاب الأمراض المزمنة والاحتفاظ بحصتهم من الدواء كحق من حقوقهم، حتى وإن تأخروا عن الحضور للمركز الصحي".

من جانبه، يصف المتخصص في الاقتصاد والسياسات الصحية والدوائية، يوسف زوانة، إشكالية الدواء في الأردن، بأنها واسعة ومتشعبة وأهم أسبابها التحول الديمغرافي، المرتبط بنمطية الأمراض المزمنة بسبب ارتفاع معدل الأعمار، بعد أن كانت سابقا الأمراض المعدية هي السائدة. 

ويرى أن هناك مشكلة في توزيع وتوريد الأدوية بسبب الإدارة المركزية الشديدة في وزارة الصحة، وهو ما ينعكس بشكل كبير على المرضى، ويؤدي إلى عدم حصولهم على الأدوية التي يحتاجونها، مشيرا إلى أن السوق الدوائي يعاني، فالقطاع الدوائي الأردني سوق صغير جدا مقارنة بالمحيط، وهو بحدود 700 مليون دولار، فيما لبنان ضعف هذا الحجم، وفي بلجيكا 7 مليارات دولار، مع أن عدد السكان مقارب للأردن، رغم أن القطاع الدوائي الأردني من أكثر القطاعات تطورا، مقارنة بالمحيط الإقليمي العربي.

المساهمون