"إنها مأساة.. شيء غريب ما حدث"، هكذا وصف بعض أهالي مدينة نورشوبينغ، 120 كم غرب العاصمة استوكهولم، للصحافة السويدية اكتشاف جثة جارهم لارس كالبورغ، البالغ من العمر 82 عاماً، بشقته في شاليغاتان بعد 4 سنوات على وفاته.
وأعاد اكتشاف الجثة بعد سنوات السجال حول ظاهرة اكتشاف موت المواطنين بعد فترات طويلة على رحيلهم في المجتمعات الاسكندنافية، كمؤشر على الفردية وسرعة الحياة وانشغال البشر عن بعضه بعضاً.
ويبدو أن غياب العجوز، منذ 25 يونيو/حزيران 2018، لم يثر استغراب السلطات والجيران. وبالرغم من أن الشهادات تقول إن "الجيران ومن اعتاد مشاهدته تساءلوا عن سبب اختفاء لارس"، فإن أحداً لم يقم بفتح باب شقته للكشف عن حالته منذ 4 سنوات، وفقاً للصحيفة السويدية "افتونبلاديت".
في العادة تقوم المجمعات السكنية بالكشف كل 6 سنوات على نظام التهوية، وهذا ما أدى إلى اكتشاف موت لارس أخيراً بعد قيام الموظفين بفتح الشقة ليكتشفوا الجثة المتحللة.
Lars Carlborg, 82, låg död i sitt hem i fyra år https://t.co/dSqqIRtCyf
— G 📎I am (still) (@RoteGn) June 12, 2022
وكان من الصعب تحديد سبب الوفاة بسبب حالة الجثة، واعتمدت السلطات على شهادة البقال والصيدلي القريبين من بيت لارس لتحديد زمن وفاته، حيث شاهدوه آخر مرة في 2018، أي قبل نحو عام ونصف العام من جائحة كورونا التي تسببت، في مجتمعات الشمال الأوروبي، بعزلة كبيرة لكبار السن، قبل أن تباشر السلطات الاجتماعية التخفيف عنهم.
وفي العادة، يقوم نظام دفع إيجارات السكن على "الدفع التلقائي" من حساب الشخص البنكي إلى الشركة المؤجرة، لذا يبدو أن الأمور لم تثر شكوكاً لدى موظفي التجمع السكني.
وشهادة بعض الجيران، خصوصاً الشباب، تقول إنهم لم يقابلوه ولا مرة واحدة على الدرج أو الشرفة، رغم أنهم جيران، أما جارته "ليزا" في الـ63 من عمرها عبرت عن تأثرها لوفاته دون اكتشافه: "لم أتحدث معه قط، لكننا تقابلنا أثناء التسوق، كان يبدو لطيفاً، يبتسم ودائماً يرتدي ربطة عنق، أعتقد أنه علينا الانتباه على بعضنا البعض أكثر"، مؤكدة "إذا لم يكن لديك أقارب فإن أحدا لا يسأل عنك".
ويبدو أن العجوز المتوفى لم يكن له أقارب ليتصلوا ويطمئنوا عليه، وفقاً لتفاصيل نشرتها الصحف السويدية نهاية الأسبوع.
وقدرت الشرطة السويدية، بعد الاستماع للشهادات وفحص سجله الطبي، أن الوفاة حدثت بشكل طبيعي، ونشرت الصحافة أن لارس كان لديه أخت وحيدة توفيت منذ سنوات طويلة، وبأن السجلات أفادت أنه مواليد 1935، ولم يتزوج على الإطلاق، وتخرج من كلية الاقتصاد بجامعة استوكهولم، وعمل منذ الستينيات أستاذاً في الثانويات قبل تقاعده، ونشرت له صور قديمة يبدو فيها مرحاً مع أشخاص آخرين، وهكذا وصفه طلابه.
وعدم اكتشاف جثث المتوفين ليس شيئاً جديداً في مجتمعات الشمال الأوروبي. ففي العام الماضي اكتشفت السلطات النرويجية جثة شخص توفي في شقته بعد 11 عاماً، ولم يُعرف تاريخ وفاته إلا من علبة حليب وجدت في الثلاجة، ومن صحيفة اشتراها.
ويعيش آلاف كبار السن في الدول الاسكندنافية في عزلة، وخصوصاً أولئك الذين يرفضون الانتقال إلى دور رعاية المسنين.
والوفاة في عزلة جزء من تسارع وتيرة حياة الاسكندنافيين، الذين عادت مجتمعاتهم أثناء جائحة كورونا لمناقشة أوضاع كبار السن والفئات الضعيفة في معازلهم السكنية من دون تواصل مع العالم الخارجي.
وبالنسبة للعجوز الثمانيني لارس، فإن كل الأسئلة التي دارت في أذهان الناس حاولت الصحافة الإجابة عليها، فلا أقارب يتواصلون معه، والرعاية الاجتماعية من البلديات لكبار السن توقفت بطلب منه قبل وفاته بزمن، وهاتفه جرى قطعه بعد توقف استخدامه لسنوات.
ورغم ذلك، كشفت الشهادات أن الرجل الراحل عاش "مستمتعاً بحياته"، فلم يفوت فرصة أو إجازة إلا وجاب فيها دول العالم مسافراً بين قاراتها. وبحسب ما نقل عنه طلابه القدامى وزملاء أقل سناً منه، فإنه رغم رحيله على هذا النحو "فقد عاش حياته سعيداً مع أنه لم يكن متزوجا".
وجرى دفن العجوز في مقبرة قريبة، من دون مراسم كبيرة، وفقط بحضور موظفي المقبرة، بحسب وصيته.