اعتماد نظام "التعاقد" في الصحة يثير جدلاً في المغرب

06 ديسمبر 2022
رفض اعتماد نظام جديد للتشغيل بموجب عقود بقطاع الصحة (فاضل سنا/فرانس برس)
+ الخط -

أثار مشروع قانون جديد يهدف اعتماد نظام جديد للتشغيل بموجب عقود بقطاع الصحة في المغرب، جدلاً واسعاً في صفوف مهنيي ونقابات القطاع، في وقت تراهن فيه الحكومة على مشروع إصلاحي يضمن نجاح الورشات الكبرى التي انخرط فيها البلد خاصة على صعيد تعميم التغطية الصحية، والاستجابة للتحديات المطروحة على المنظومة الصحية.

وأعاد مشروع القانون الذي تمت دراسته ومناقشته في المجلس الحكومي، المنعقد الخميس الماضي، إلى الأذهان ما أثاره نظام التعاقد في قطاع التعليم من إشكالات واحتجاجات مازالت مستمرة منذ بدء العمل به في عام 2016 لتوظيف أساتذة في المدارس الحكومية بموجب عقود قابلة للتجديد.

ولجأت وزارة التربية الوطنية في عام 2019 إلى التخلي عن النظام نهائياً واستحداث نظام أساسي يصير هؤلاء الأساتذة بموجبه كوادر في الأكاديميات، ويشتمل على مقتضيات تضمن الاستقرار المهني من قبيل الحقّ في الترقية والتقاعد والاستفادة من الحركة الانتقالية الجهوية وغيرها. لكن الاحتجاجات استمرت بسبب إصرار الأساتذة على دمجهم في الوظيفة العامة وعلى أن تكون مناصبهم المالية تابعة لوزارة التربية لا الأكاديميات.

إلى ذلك، أعلنت النقابة المستقلة للممرضين رفضها التام لنظام التعاقد وفق الصيغة التي جاءت بها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، مبررة ذلك بفشل نظام التعاقد في مجموعة من القطاعات الأخرى.

ورفضت النقابة المستقلة للممرضين ما وصفته بـ"الطريقة الأحادية" التي تم اعتمادها من قبل وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بشأن تمريرها مشاريع القوانين 07.22، 08.22 و09.22 للمجلس الحكومي، مؤكدة استنكارها، واعتراضها التام لمضمون ولطريقة تمرير هذه المشاريع.

وقال الكاتب الوطني للنقابة المستقلة للممرضين، مصطفى جعا، اليوم الثلاثاء، لـ"العربي الجديد"، إنه في الوقت الذي تم فيه الإعلان أن هدف إصلاح المنظومة الصحية هو تحفيز وتثمين الموارد البشرية عن طريق إحداث قانون وظيفة صحية، إلا أننا فوجئنا بمقتضيات تعاكس ما أعلن عنه وستسهم في الإجهاز على الحقوق والمكتسبات وخلق الهشاشة الوظيفية والمساهمة في المزيد من الاحتقان داخل القطاع، مشيرا إلى أن بعض تلك المقتضيات ستدفع إلى مغادرة وهجرة العديد من الأطر الصحية.

وتابع: "بالنسبة لنا كنقابة وكمهنيي صحة، التعاقد مرفوض بتاتا لأنه سيؤدي إلى خلق هشاشة وظيفية في القطاع، وسيؤثر على استمرارية القطاع كمرفق عمومي، كما سيفتح الباب أمام الفوضى والأخطاء الطبية، دون نسيان ما سيخلقه من احتقان على شاكلة ما يعيشه قطاع التعليم في المغرب جراء وجود موظفين يتمتعون بما تتيحه لهم الوظيفة العمومية من حقوق وآخرين سيطالبون بإدماجهم".

وقررت الحكومة المغربية، ضمن مشروع قانون جديد أعدته وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، اعتماد نظام جديد للتشغيل بموجب عقود بقطاع الصحة، يؤدي إلى ترسيم المتعاقد، وذلك علاوة على التوظيف النظامي، واعتماد نظام فعّال للأجور محفز لمهنيي الصحة.

ويقوم هذا النظام على جزء ثابت يشتمل على المرتب والتعويضات المخولة لهم بموجب الأنظمة الأساسية الخاصة المطبقة عليهم، وجزء متغير يخول وفق المبالغ والشروط والكيفيات المحددة بنص تنظيمي، على أساس الأعمال المنجزة، وتحديد أوقات وأنظمة عمل خاصة بمهنيي الصحة.

وينص مشروع قانون رقم 09.22 يتعلق بالضمانات الأساسية الممنوحة للموارد البشرية بالوظيفة الصحية، على خضوع مهنيي الصحة لمقتضيات الأنظمة الأساسية الخاصة المطبقة عليهم والتي لا تخالف مشروع هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه.

ويتمحور المشروع الحكومي الجديد، وفق مذكرته التقديمية، حول تحديد الموارد البشرية الخاضعة لمقتضياته في الفئة العاملة بالمجموعات الصحية الترابية المحدثة بموجب القانون رقم 08.22، وتقوية ضمانات الحماية القانونية للموظفين، واعتبار كل تهديد أو اعتداء عليهم، تهديدا واعتداء على المرفق الصحي وإضرارا مباشرا به.

وكان الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، قد قال في ندوة صحافية، الجمعة الماضية، إن مشروع هذا القانون المتعلق بالضمانات الأساسية الممنوحة للموارد البشرية بالوظيفة الصحية يهدف إلى "تمكين المنظومة الصحية من الاستجابة لطلبات المواطنين خاصة مع تعميم التأمين الصحي لكافة المغاربة بداية السنة المقبلة".

واعتبر أن المشروع "سينهض بأوضاع هذه الفئة وتأهيلها وتحفيزها ماديا ومعنويا وتحسين أوضاعها المهنية"، و"سيمكنها من تأدية المهام الوظيفية المنوطة بها على أحسن وجه خدمة للصالح العام وكذا تحسين العرض الصحي العمومي على الصعيد الوطني".

المساهمون