اضطرابات القلب تهديد غامض يلاحق مرضى كورونا لفترة طويلة

05 مارس 2022
سجلت زيادة ملحوظة في أمراض القلب خلال فترة جائحة كورونا (Getty)
+ الخط -

يبدي أطباء قلقا إزاء مضاعفات محتملة قد تطال بعض الأشخاص على صعيد صحة القلب والأوعية الدموية بعد أشهر على إصابتهم بكوفيد-19 (كورونا)، رغم أنه من المبكر الجزم بوجود علاقة سببية في هذا الإطار.

قبل أيام، أكدت أكاديمية الطب الفرنسية المخولة الإعلان عن الآراء العلمية المجمع عليها في فرنسا، أن "المراقبة السريرية للقلب والأوعية الدموية ضرورية لدى جميع المصابين بكوفيد-19، حتى لو كانت الإصابة خفيفة"، مشيرة إلى وجود "صلات خطرة" بين كوفيد-19 وأمراض القلب والأوعية الدموية، بناءً على دراسات حديثة عدة.

ومن المعلوم سابقا أن مرضى القلب والأوعية الدموية يواجهون مخاطر أكبر للإصابة بالأشكال الخطرة من كوفيد-19، ويعود ذلك خصوصا إلى أن الفيروس يتشبث بمستقبِل إنزيمي هو "ACE2" موجود بشكل خاص في خلايا الأوعية الدموية.

لكن طبيعة التأثيرات على صحة القلب والأوعية الدموية لدى الناس عمومًا، وهل يمكن أن تطرأ بعد فترة طويلة من الإصابة، ما زالت أسئلة تزيد الضبابية المرتبطة بما يُعرف بـ"كوفيد طويل الأمد"، وهي مجموعة أعراض دائمة هناك قصور في فهمها وتحديدها.

وأشارت الأكاديمية الفرنسية إلى أنه "تم الإبلاغ حتى الآن عن تبعات (دائمة) على صحة القلب والأوعية الدموية فقط لدى مرضى دخلوا المستشفى، ضمن سلسلة صغيرة، ومع فترة متابعة قصيرة".

زيادة كبيرة في أمراض القلب والأوعية الدموية بعد جائحة كوفيد-19

لكن دراسة كبيرة أجريت في الولايات المتحدة، ونشرتها مجلة "نيتشر" الشهر الماضي، غيّرت المعادلة، إذ إن نتائجها "تنبئ بزيادة كبيرة في أمراض القلب والأوعية الدموية في جميع أنحاء العالم" بعد جائحة كوفيد-19.

وأجريت الدراسة على أكثر من 150 ألفا من قدامى المحاربين في الجيش الأميركي، والذين أصيبوا بكوفيد-19، وهي تقيس وتيرة اضطرابات القلب والأوعية الدموية في السنة التي تلي الإصابة، وتقارنها بمجموعات تضم قدامى محاربين لم يصابوا بالعدوى.

وبينت نتائج الدراسة أنه "بعد 30 يوما من الإصابة، يكون الأفراد المصابون أكثر عرضة للإصابة باضطرابات القلب والأوعية الدموية"، وبينها خصوصا حالات التهاب في القلب، أو سكتات دماغية، وتشير الدراسة إلى أن هذا الخطر "موجود حتى لدى الأفراد الذين لم يدخلوا المستشفى" بسبب كوفيد-19، رغم أن درجة هذا الخطر أدنى بكثير لدى هؤلاء المرضى.

وقال الإحصائي البريطاني، جيمس دويدج، إنه "من الصعب للغاية استخلاص استنتاجات مهمة" من هذه الدراسة، متحدثا عن وجود الكثير من التحيزات المنهجية في البحث.

ومن بين مواضع التحيز الواضحة بحسب دويدج، أن قدامى المحاربين الأميركيين، رغم عددهم الكبير، هم فئة متجانسة للغاية، لأنها تتكون إلى حد كبير من رجال كبار السن، لذلك فهي ليست بالضرورة تمثيلية، حتى لو سعى معدو الدراسة إلى تصحيح هذه التحيزات الإحصائية، كما أن الدراسة لا تميز بوضوح إلى أي مدى تحدث الاضطرابات بعد فترة طويلة من الإصابة.

من هنا، ثمة اختلاف في النتيجة إذا ما تعرض المريض للاضطرابات القلبية الوعائية بعد فترة قصيرة من الإصابة بكوفيد-19 لا تتعدى شهراً، أو بعد عام تقريباً. وجسب جيمس دويدج، لا تسمح الدراسة بالتمييز بشكل كاف بين "المضاعفات طويلة المدى من تلك المرتبطة بالمرحلة الحادة من المرض".

هل هناك خصوصية تجعل فيروس كورونا أكثر خطورة على القلب؟

لاحظ طبيب القلب الفرنسي، فلوريان زوريس، عيوبا كثيرة في الدراسة، لكنه يعتبر أنها تجعل من الممكن دعم الفرضيات التي يعتبرها أطباء قلب كثر محتملة في ما يتعلق بفيروس كورونا، والذي، مثل الفيروسات الأخرى، يمكن أن يسبب التهابا دائما.

ويضيف زوريس: "نعلم منذ فترة طويلة أن الالتهاب عامل خطر على القلب والأوعية الدموية، وفي الواقع، نسجل الأمر نفسه بالضبط مع الأنفلونزا"، موضحا أنه في عشرينيات القرن الماضي، سجلت أمراض القلب والأوعية الدموية ازديادا كبيرا في أعقاب جائحة الإنفلونزا الإسبانية.

ويؤكد زوريس أن الدراسات الحالية لا تجعل من الممكن قول إن كورونا أخطر على صحة القلب من غيره من الفيروسات، ويبدي شكوكاً في وجود "فرق كبير" مع الأنفلونزا.

لكن السؤال لا يغير بالضرورة كثيرا على صعيد الصحة العامة. فمن لحظة ظهور هذا الخطر، يرى طبيب القلب أنه من الخطر على أي حال السماح لفيروس كورونا بالانتشار بحرية، نظراً لقدرته القوية على التفشي.

(فرانس برس)

المساهمون