اسكتلندا: الزراعة العمودية تبعث الأمل في تحقيق الحياد الكربوني

29 أكتوبر 2022
كيني هيي: من الممكن زرع كمية هائلة من الأشجار في مساحة صغيرة جداً (إندي بوشانان/فرانس برس)
+ الخط -

محاطاً بأشجار يافعة داخل "مزرعة عمودية" قد تكون في طليعة الكفاح البريطاني من أجل بلوغ مستوى الحياد الكربوني، يعبّر الباحث الاسكتلندي كيني هاي عن حماسته إزاء "النتائج الأولى المذهلة" لتجاربه.

في هذا الموقع الداخلي، تنمو الأشجار المدعومة بصمّامات ثنائية باعثة للضوء باللون الأرجواني أو اللون الأخضر، بسرعة أكبر بستّ مرّات في المعدل، مقارنة بالسرعة التي كانت ستنمو فيها لو أنّها زُرعت في الهواء الطلق. وقد يُحدث مثل هذا التطوّر انقلاباً واسعاً في القطاع ويساعد المملكة المتحدة على تحقيق أهدافها المحددة لعام 2050 على صعيد الحياد الكربوني، بحسب هيئة "فورستري أند لاند سكوتلاند" المسؤولة عن إدارة غابات اسكتلندا.

واكتسبت المزارع العمودية زخماً في السنوات الأخيرة حول العالم، وهدفها تزويد سكان المناطق الحضرية بالمنتجات الطازجة على مدار العام. ويُصار إلى إقامتها في مستودعات مليئة بمعدّات متطوّرة تقنياً، وتُزرَع بها أعشاب وخضراوات في حاويات فوق الأرض، في طبقات عدّة، وتحت إضاءة اصطناعية، ومن دون مبيدات حشرية، وبإمدادات مياه يتمّ التحكّم فيها بشكل كبير.

الصورة
مشتل للزارعة العمودية في اسكتلندا 2 (إندي بوشانان/ فرانس برس)
الزراعة العمودية قد تحدث انقلاباً واسعاً في القطاع (إندي بوشانان/ فرانس برس)

وقد استفادت هذه المواقع في السنوات الأخيرة من التطوّر التكنولوجي الكبير؛ من الصمامات الثنائية (ليد) التي خفّضت بشكل كبير فاتورة الكهرباء، إلى الروبوتات وتقنيات الرؤية عبر الكمبيوتر والذكاء الصناعي. وبتطبيق هذه التقنية على الأشجار، تشير التجارب التي أُعدّت في اسكتلندا بالتعاون مع الشركة المتخصصة "إنتليجنت غروث سوليوشن" (حلول النموّ الذكية) إلى أنّ ثمّة نباتات تنمو نحو 40 إلى 50 سنتيمتراً في 90 يوماً، فيما يستغرق في العادة بلوغ هذا الحجم 18 شهراً في الهواء الطلق.

وتخطّط هيئة إدارة الغابات في اسكتلندا لزرع نحو 24 مليون شجرة سنوياً، لكنّ الحاجة إلى الزراعة بسرعة تزيد من الطلب على الشتلات عالية الجودة، بحسب أحد مديريها كيني هيي. ويقول هيي لوكالة فرانس برس إنّ المشروع الذي تبلغ مساحته 300 متر مربّع ينطوي على "إمكانات هائلة"، موضحاً أنّه "في إمكانك زرع كمية هائلة من الأشجار في مساحة صغيرة جداً"، الأمر الذي قد يساعد في مكافحة الاحترار المناخي. يضيف هيي: "سوف ننظر الآن بعناية في كيفية دمج هذه الطريقة في عملياتنا المعتادة".

في هذا المشتل العمودي بمعهد "جيمس هوتون" الواقع بالقرب من مدينة دندي، جنوب شرقي اسكتلندا، يضغط أحد الفنيّين على زرّ يرسل مصعداً على علوّ تسعة أمتار من الأرفف التي تحتوي الشتلات. الهواء في الموقع دافئ ورطب، أي أنّ الظروف مثالية.

ويقول مؤسس شركة "إنتليجنت غروث سوليوشن" ديف سكوت، لوكالة "فرانس برس"، إنّ إحدى مزايا المشروع هي أنّه يمكّن الباحثين من ضبط الضوء والرطوبة والمياه ودرجة الحرارة والتربة، بشكل تكون فيه لكلّ نبات "وصفة" خاصة به. ويُصار إلى التحكّم في المياه والتغذية بواسطة الكمبيوتر، وتُغذّى النباتات عبر شبكة أنابيب بلاستيكية.

وتعمل المشاتل العمودية في جوّ أكثر رطوبة مقارنة بمواقع أخرى من قبيل الخيام البلاستيكية، وبالتالي تفقد كميات أقلّ من المياه. وبحسب سكوت، تحقّقت هذه التطوّرات بفضل التطوّر في تقنيات "ليد"، إذ خُصّصت ثنائيات باعثة فريدة لكلّ نوع من الأشجار، مع تكييف لونها خصوصاً.

ويوضح سكوت أنّه "في السنوات الأخيرة، وصلت تقنية ليد إلى نقطة تحوّل، مع تضاعف الكفاءة كلّ عامَين". وأظهرت إحدى العيّنات نموّاً سريعاً جداً، الأمر الذي جعل الجذور أضعف من أن تتيح للشجرة تحمّل الريح. وتقام الآن تجربة جديدة لمحاولة إبطاء النموّ والتأكد من أنّ للأشجار جذوراً قوية بما يكفي. ويشرح سكوت أنّه في الإمكان "تمديدها وتقليصها وممارسة ضغط عليها عن عمد لتحضيرها للعالم الخارجي، ويمكن القيام بشتى أنواع الأمور". يضيف أنّ "كلّ عام يشهد تحقيق نتائج أفضل من العام السابق".

(فرانس برس)

المساهمون