استنفار كوادر الصحة يتواصل لتخفيف آلام ضحايا زلزال المغرب

11 سبتمبر 2023
استنفر الكادر الطبي فور وقوع الزلزال (آدم محمد/ الأناضول)
+ الخط -

داخل قسم المستعجلات (الطوارئ) بمستشفى مدينة تارودانت الحكومي تبذل الممرضة المغربية أمينة فاريسي مع العديد من زملائها كل ما بوسعهم لإسعاف مئات المصابين نتيجة الزلزال المدمر والدموي الذي ضرب البلاد ليل الجمعة، متحدين الكثير من الصعاب التي تفرضها طبيعة هذه الفترة العصيبة.
تقول فاريسي لـ"العربي الجديد": "لم نغادر قسم المستعجلات منذ وقوع الزلزال، ونبذل كل ما بوسعنا مرضاة لله واحتراماً لواجبنا المهني، إنها لحظات صعبة عندما تجد نفسك في مواجهة الموت، لكن لا يمكن لأي عامل في مجال الصحة ألّا يستجيب لنداء الواجب في هذه الظروف".
مع توالي عمليات الإنقاذ التي أطلقتها السلطات المغربية يتواصل ارتفاع عدد الإصابات، وتعيش الطواقم الطبية والتمريضية في مستشفيات الأقاليم المتضررة في الحوز، وشيشاوة، وورزازات، ومراكش، وأزيلال، تحت ضغط استثنائي فرضته الفاجعة.
تدعم الفرق الطبية العسكرية الفرق المدنية المشاركة في عمليات الإنقاذ على التكفل بالمصابين، وتمت تعبئة أكثر من 1000 طبيب و1500 ممرض من القطاعين العمومي والخاص، بحسب الناطق باسم الحكومة مصطفى بايتاس.

وحول ظروف عمل الأطباء خلال الفاجعة، يقول الطبيب محمد  فلاح، العامل بمستشفى الحوز، لـ"العربي الجديد": "واجهنا ضغطاً كبيراً بسبب الحالات الكثيرة التي كانت تصل إلى المستشفى خلال اليوم الأول للكارثة، وكان ذلك يحدث في وقت متزامن، وكانت الإصابات متنوعة ما بين الجروح والكسور والإصابات الخطيرة، مع ما رافق ذلك من مشاهد مؤلمة. من أكثر الحالات التي أثرت في نفسي حالة سيدة تبلغ من العمر 78 سنة، أصيبت بكسور خطيرة، لكن لم تمنعها إصابتها البليغة من السؤال عن مصير ابنها وأسرته الذين كانوا تحت أنقاض البيت". يتابع فلاح: "قدرنا أن نكون في الصفوف الأولى لتخفيف آلام المصابين، ونحن مجبرون على تجاوز أثر الصدمة حتى نؤدي واجبنا المهني والإنساني في إنقاذ وعلاج المصابين، وتقديم الدعم النفسي للعديد منهم ممن واجهوا صدمة البقاء تحت الأنقاض لساعات، أو فقدان بعض الأهل والجيران. في ظل هذه الظروف الصعبة لا يفكر أحد في مغادرة المستشفى نظراً لحاجة ضحايا الزلزال للرعاية، والأطباء والممرضون استعادوا في هذه المحنة ذكريات الوقوف على خطوط المواجهة الأمامية خلال زمن تفشي فيروس كورونا".
ويقول المدير الجهوي للصحة في جهة مراكش آسفي، عبد الحكيم مستعد، إن "الأطر الصحية لم تكتف منذ اللحظات الأولى للفاجعة بساعات الدوام الاعتيادية، بل التحق الجميع بالمؤسسات الاستشفائية فوراً، والجميع يواصلون العمل المستمر إلى حد الساعة، كما أن واجب رعاية وإنقاذ المنكوبين لم يقتصر على الكوادر الصحية العاملة في المستشفيات الحكومية، وإنما كانت هناك مساهمة مهمة لأطر المستشفى العسكري، وأطباء القطاع الخاص، إلى جانب أطباء وممرضين قدموا من جهات أخرى للمشاركة في عمليات الإنقاذ، وهذه مبادرات إيجابية متوقعة من الأطر الصحية".

الصورة
تشارك كوادر طبية تابعة لمؤسسات مختلفة (حمزة متقي/الأناضول)
تشارك كوادر طبية تابعة لمؤسسات مختلفة في مهمات العلاج (حمزة متقي/ الأناضول)

وتابع المسؤول الصحي، في تصريحات لـ"العربي الجديد": "كانت هناك تعبئة لجميع الأطراف المتداخلة في عمليات الإنقاذ والإسعاف، والهدف هو الوصول بأسرع وقت إلى الضحايا، وتقديم الإسعافات اللازمة لهم، أو نقلهم إلى المستشفيات للحصول على الرعاية، ومنذ الليلة الأولى، كان وصول المصابين للحصول على العلاج والرعاية سريعاً ومنظماً".
وفي حين تستمر عمليات إنقاذ ضحايا الزلزال عبر تكثيف الجهود لبلوغ المناطق النائية والبعيدة، وتوفير الرعاية الصحية للناجين من قبل مئات الأطر الصحية العاملة في المستشفيات، بدا لافتاً إحداث مختصين في الطب النفسي خلية استماع للمساعدة في التعامل مع الضغط النفسي والتوتر والقلق ومخاوف ما بعد التجربة الصعبة، وبات بإمكان سكان المناطق المتضررة من الزلزال، الحصول على الدعم النفسي والعلاج السلوكي بفضل خلية الاستماع، في سياق الانخراط في التصدي لتبعات الزلزال، وتحقيق المواكبة النفسية، إذ أتاح القائمون على خلية الاستماع للمتضررين أرقاماً هاتفية لتلقي الاتصالات، وتوفير استشارات نفسية من قبل أخصائيين.

ويأتي ذلك في وقت تعالت فيه مطالبات فعاليات مدنية للجهات المسؤولة بتوفير الدعم النفسي والمعنوي للناجين من الزلزال، وتوفير أخصائيين نفسيين على مدار الساعة، إذ خلّف الزلزال الأقوى في المغرب منذ أكثر من قرن، فضلاً عن الخسائر البشرية والمادية، صدمة في نفوس سكان المناطق المنكوبة، وامتد ذلك إلى بقية الجهات في البلاد.

المساهمون