استطلاع رأي: ارتفاع عدم التسامح مع المهاجرين بين الشباب المغاربة

22 مارس 2023
مهاجرون من أفريقيا جنوب الصحراء على الساحل المغربي (فاضل سنّا/ فرانس برس)
+ الخط -

يكشف استطلاع للرأي ارتفاع منسوب عدم التسامح بين الشباب المغاربة تجاه المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، فيما لا يخفي أكثر من نصف أهل البلاد رفضهم أن يتحوّل المغرب إلى بلد استقبال للمهاجرين.

وقد عُرضت نتائج الاستطلاع في مؤتمر صحافي عقدته العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان (غير حكومية) والمركز المغربي للمواطنة (غير حكومي). وتناولت الهيئتان، في المؤتمر، انطباعات المغاربة وتصوّراتهم حول الهجرة والمهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، مبيّنتَين أنّ ثمّة مؤشّرات على ارتفاع منسوب عدم التسامح بين الأشخاص دون 30 عاماً، تجاه المهاجرين، مقارنة ببقية الفئات العمرية المشاركة.

وتفيد نتائج الاستطلاع بأنّ 53% من المغاربة دون 30 عاماً يرفضون تمكين المهاجرين من الوصول إلى الخدمات الاجتماعية من قبيل الصحة والتعليم. كذلك فإنّ 58% من هؤلاء لا يقبلون بدمج المهاجرين بصفتهم مسـتخدَمين أو عمّال مقاولات في البلاد، ولا يقبلون أن يجاورهم في السكن مهاجر.

ويرى 79% من المشاركين دون 30 عاماً أنّ العدد الحالي للمهاجرين في المغرب مرتفع، ويظنّ 71% منهم أنّ المهاجرين يساهمون في ارتفاع نسبة البطالة بين المغاربة.

ويعيد الاستطلاع تنامي خطاب الكراهية بين من هم دون 30 عاماً والبعيد عن قيم التسامح التي يتميّز بها الشعب المغربي، إلى أنّه ردّ فعل إزاء الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها المغاربة، خصوصاً البطالة المنتشرة بين الشباب، وكذلك إزاء ادّعاءات مهاجرين أنّ شمال أفريقيا هي للأفارقة من جنوب الصحراء.

في هذا الإطار، يقول رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان عادل تشيكيطو لـ"العربي الجديد" إنّ تلك النتائج "منبّه على أنّ المدّ العنصري وخطاب التحريض على الكراهية يتزايدان في البلاد"، لافتاً إلى أنّه "على الرغم من استمرار قيم التسامح واحترام الآخر في المجتمع المغربي فإنّ التحريض على الكراهية من قبل بعض المغاربة ارتفع بصورة كبيرة".

ويصف تشيكيطو جنوح المغاربة دون 30 عاماً إلى خطاب متطرّف إلى حدّ ما بـ"المؤشّر الخطر جداً"، خصوصاً أنّ المشمولين بهذه الفئة قد يحتلون في القريب مراكز القرار الإداري والسياسي. يضيف أنّ "ما يثير الانتباه، أنّ ثمّة تعليقات صادرة عن تلك الفئة العمرية على وسائل التواصل الاجتماعي وبأسماء وهوية معروفة، خطرة جداً وتدفع إلى دقّ ناقوس الخطر".

من جهة أخرى، يبيّن الاستطلاع الذي أُجري ما بين 16 فبراير/ شباط والثالث من مارس/ آذار 2023 والذي شارك فيه 3.158 شخصاً من كلّ أنحاء البلاد وكذلك من الاغتراب، أنّ 86% من المشاركين يرون أنّ تزايد عدد المهاجرين سيمثّل مشكلة يعاني منها المغرب في المستقبل، فيما أعلن 55% أنّهم يرفضون تحوّل المغرب إلى بلد استقبال.

ويؤكد 66% من المشاركين في الاستطلاع رفضهم تحوّل المغرب إلى بديل إقامة دائم للمهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء الذين لم يتمكّنوا من الوصول إلى أوروبا ولا يرغبون في العودة إلى بلدانهم الأصلية، في حين أنّ 25% يوافقون على ذلك بشروط.

كذلك يرفض 72% من المغاربة المستطلعة آراؤهم أداء المغرب دور "دركيّ حدود" لمصلحة أوروبا، من أجل منع دخول المهاجرين إلى المجال الأوروبي، فيما يوافق 18% على ذلك، لكن بشروط.

ويشدّد 87% من المشاركين في الاستطلاع على وجوب تعزيز مراقبة الحدود المغربية لمنع دخول مهاجرين آخرين إلى المغرب، في حين أنّ 7% لا يرغبون في ذلك، و7% آخرون لا يعبّرون عن رأيهم في هذا الإطار الموضوع.

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

وتزامن استطلاع الرأي هذا مع مجموعة من الأحداث الإقليمية والوطنية المرتبطة مباشرة بموضوع الهجرة، من أبرزها ظهور بعض المجموعات على شبكات التواصل الاجتماعي التي تتبنّى خطابات العنصرية والكراهية من قبيل الدعوة إلى عدم توطين المهاجرين وعدم تزويجهم من النساء المغربيات، وانتشار تسجيلات فيديو لعدد من المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء تتضمّن خطابات عنصرية ضدّ سكان شمال أفريقيا، إذ يدّعون أنّ أراضي هذه المنطقة تخصّهم.

كذلك تزامن الاستطلاع مع تصريح الرئيس التونسي قيس سعيّد في 21 فبراير الماضي، الذي وُصف بأنّه "عنصري" ويستهدف المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء في تونس. فهو استنكر تدفّق "جحافل المهاجرين غير النظاميين"، وتحدّث عن "ترتيب إجرامي تمّ إعداده منذ مطلع هذا القرن لتغيير التركيبة الديمغرافية لتونس".

وقد أوصى معدّو الاستطلاع بضرورة مراجعة دور "الدركي" الذي يؤدّيه المغرب، خصوصاً أنّ هذا الدور، وبالقدر الذي يريح أوروبا من أعباء اقتصادية واجتماعية وحقوقية، يثقل كاهل المغرب على كلّ هذه الأصعدة ويقوّض جهوده السابقة ويرهن مستقبل تدبيره لظاهرة الهجرة. وشدّدوا على ضرورة التعامل الحذر مع تحوّل موضوع الهجرة إلى أداة جيو-استراتيجية للضغط والابتزاز من قبل دول الشمال على دول الجنوب، بغرض تحويلها إلى "دركي" في مجال محاربة الهجرة غير النظامية، من دون النظر إلى العوامل التي تفرض هذه الظاهرة.

وكانت توصية أيضاً بالعمل على نشر قيم التسامح والعيش المشترك وثقافة حقوق الإنسان، إلى جانب دعوة المؤسسات الوطنية (البرلمان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الانسان) إلى تقييم السياسات العمومية المعتمدة في مجال الهجرة، وذلك من ضمن اختصاصاتها الدستورية. يُضاف إلى ذلك العمل على إقرار قانون يجرّم كلّ أشكال التمييز والعنصرية، تماشياً مع الدستور ومع التزامات المغرب الدولية في مجال حماية حقوق الإنسان.

المساهمون