إفطارات للمسنات في مخيم عين الحلوة
خلال شهر رمضان، تكثر المبادرات الإنسانية في المخيمات الفلسطينية في لبنان في محاولة لإعالة المحتاجين والأكثر فقراً، في ظل الأزمة الاقتصادية وارتفاع نسبة البطالة. وفي مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، أُطلقت مبادرة لتوفير الطعام للنساء في مركز "بيتي" الاجتماعي (ينفذ مشاريع لكفالة أيتام ودعم دراسة طلاب وتأمين ملابس العيد ومساعدة الناس في مجالات مختلفة)، اللواتي ليس لديهن أي معيل. فالأزمة الاقتصادية جعلت الكثير من الأبناء عاجزين عن مساعدة الأهل بسبب ضيق الحالة الاقتصادية.
وتقول حفيظة غنام التي تتحدّر من قرية عمقا الفلسطينية (قضاء عكا)، والمقيمة في مخيم عين الحلوة: "أعجز عن العمل نتيجة وضعي الصحي، كما أنني لم أتزوج وبالتالي ليس لدي معيل. سابقاً، كنت أعمل في مجال التطريز. لكن التقدم في العمر جعلني غير قادرة على الاستمرار في العمل. ولا أحصل على أية مساعدة من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)". في هذا الإطار، ترى أن "مبادرة إطعام صائم مهمة جداً، إذ لم يعد بإمكاننا تأمين وجبة الإفطار بسبب ارتفاع الأسعار، عدا عن افتقادنا للعلاقات الأسرية. بالتالي، فإن هذه المبادرة أتاحت للنساء تناول الطعام مع بعضهن البعض وكأنهن أسرة واحدة"، مشيرة إلى أنه "هناك فرق كبير بين تناول وجبة الإفطار وحدي في البيت أو ضمن مجموعة".
أما الحاجة تمام السعودي، وهي من مدينة طبريا في فلسطين، فتقول إنها مطلقة وبناتها يقطن بعيداً عنها. تعيش وحدها وتسعى إلى تأمين معيشتها وحاجاتها الأساسية من خلال عملها في إحدى الروضات كعاملة تنظيفات، علماً أن الراتب الذي تتقاضاه لا يكفيها كونها تعاني من مرضي السكري والضغط وتحتاج إلى شراء أدوية".
وفي ما يتعلق بالإفطار، تقول: "تكمن أهمية هذه الإفطارات في أنها تجمعنا مع نساء أخريات، لنشعر بدفء العائلة الذي بتنا نفتقده، وخصوصاً بعد تدهور الوضع الاقتصادي. كما أن مثل هذه الإفطارات تخفف عبئاً عن الناس، فأنا لا أستطيع شراء الخضار لإعداد صحن فتوش أو شراء اللحوم وغيرها من الأطعمة".
وتقول أم أحمد، وهي من بلدة طبريا في فلسطين، إن "الوضع المادي صعب جداً. زوجي متوقف عن العمل منذ أكثر من شهر. صحيح أنه يعمل في فرن، إلا أنه لا أستطيع تأمين السلع الضرورية. أما ابنها الذي يبلغ من العمر 30 عاماً، فيعاني من مرض جعله طريح الفراش". تتابع: "من الضروري أن يكون هناك تكافل اجتماعي بين الناس". في هذا السياق، ترى أن مبادرة الإفطار مهمة جداً، عدا عن تناول طعام الإفطار ضمن مجموعة، وخصوصاً أن العائلة لم تعد تجتمع كما في السابق. وقد اعتدنا أن نتشارك وأولادي شراء السلع لنتمكن من إعداد الطعام".
أما مريم محمود، وهي أرملة ولديها أربعة أبناء، فتقول: "لم يعد في استطاعتنا تأمين وجبة طعام. وعندما أرغب في تناول الإفطار، نتشارك وابني المتزوج الذي يعيش معي في البيت الطعام، ونجمع المال من بعضنا البعض لشراء المواد الغذائية الأساسية في ظل الغلاء الذي لا يرحم الفقراء". تتابع: "ليس لدي معيل غير أولادي. فإن لم يتمكنوا من العمل، لن يستطيعوا إعالتي. كما أنني أحتاج إلى شراء أدوية شهرياً". تضيف: "قبل حلول شهر رمضان، تمكن ابني من تأمين الزبدة والمربى ونصف كرتونة بيض لا أكثر".
إلى ذلك، تقول المشرفة على المشاريع في مركز "بيتي" أم يوسف إن "الاعتناء بكبار السن يعد من المشاريع الأساسية التي نقوم بها في المركز على اعتبار أن هذه الفئة مهمشة وتحتاج إلى عناية. كما أن البعض لم ينجب أولاداً وليس لديه أي معيل. ويهدف الإفطار إلى جمع كبار السن من النساء على مائدة واحدة حتى يشعرن بالدفء العائلي الذي افتقدناه مع مرور الزمن. وبعد الإفطار، نقدم لهن حصة غذائية". وتشير إلى أن الجمعية تحاول مساعدة كبار السن من الناحية النفسية، وتعزير مشاعر المحبة والتعويض عن حرمانهن من الجلسات العائلية".
من جهتها، تقول رنين أبو ضاهر التي تعلم القرآن للأطفال في المركز، وتساعد في إعداد الطعام في المطبخ، إن "الوضع الاقصادي صعب جداً، والمسنات اللواتي استهدفناهن لتناول وجبة الإفطار يفتقدن المعيل. لذلك، يساهم هذا المشروع في تكريمهن في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها لبنان".
وعادة ما تكثر المبادرات التي تهدف إلى مساعدة المهمشين والفقراء، وخصوصاً خلال شهر رمضان. ويحرص القائمون عليها على تأمين الطعام للصائمين.