إضرابات مستمرة في سجون الاحتلال لإنهاء الاعتقال الإداري رغم الخطر على حياة الأسرى الفلسطينيين
يساند الفلسطيني ساطي الأشقر ابنه الأسير لؤي (45 عاماً) في قراره بالإضراب عن الطعام ضد الاعتقال الإداري، رغم ما يعرفه عن عدم احتمال جسد ابنه لمثل هذه الخطوة المتواصلة منذ 46 يوماً.
وحضر الوالد من بلدة صيدا في طولكرم شمالاً، إلى وقفة في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، لإيصال رسالة ابنه.
لؤي، الذي أعلن إضرابه إثر إصدار سلطات الاحتلال أمر اعتقال إداري بحقّه لستة أشهر، بعد اعتقاله في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كان قد تعرّض في عام 2005 لتحقيق عسكري وتعذيب استمرّ لثلاثة أيام بعد اعتقاله، ما أدى إلى عدّة كسور في عموده الفقري، سبّبت له شللاً لعدة أشهر، ويستمر فقدانه الشعور بالجزء السفلي من جسده، كذلك توقفت في رجله اليسرى الحركة بشكل كامل حتى الآن، إضافة إلى حرمانه العلاج في الخارج بسبب منع السفر.
يقول ساطي الأشقر، لـ"العربي الجديد"، على هامش وقفة ومسيرة نظّمتها القوى والفصائل الوطنية والإسلامية في مدينة رام الله، مساء اليوم الأربعاء: "إنّ وضع لؤي الصحي لا يحتمل الإضراب عن الطعام، ولكن ما أجبره على المرّ ما هو أمرّ، وهو الحكم الإداري القاسي بحق أي إنسان".
ويواصل لؤي الإضراب عن الطعام إلى جانب الأسير هشام أبو هواش، من محافظة الخليل جنوب الضفة الغربية، الذي يتواصل إضرابه منذ 101 يوم.
ومن أجلهما أقيمت الفعاليات في رام الله، الأربعاء، في ظلّ مطالبات للبناء على الإضرابات الفردية والنخبوية من أجل إنهاء ما سمّاه الأسرى المحرّرون "بعبع" الاعتقال الإداري بلا تهمة وبلا سقف زمني، المتواصل بحق مئات المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
يؤكد والد الأشقر أنّ ابنه تعرّض للتهديد بالقتل بعد إعلانه الإضراب، حيث قال له أحد ضباط مخابرات الاحتلال إنّ استمرار إضرابه يعني أنه سيلحق بشقيقه محمد، الذي استشهد في سجن النقب عام 2007 برصاص إسرائيلي في أثناء قمع قوات السجون للأسرى.
كذلك هدّده الاحتلال بتمديد اعتقاله الإداري مرة بعد مرة، ليصل إلى سنة ونصف داخل السجون، ورغم كلّ ذلك لا يفكر لؤي في تعليق إضرابه، بحسب والده.
ومعلومات شحيحة تصل عن لؤي الأشقر، كان آخرها ما وصل من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الاثنين، بأنه حالياً في عيادة سجن الرملة، ويعاني من تعب عام، وآلام في المفاصل وتقيؤ لأحماض المعدة، ونقص حاد في الوزن، وكان قبل ذلك في عزل انفرادي في سجن الجلمة، وقبلها في سجن مجدو.
ولم يعد والد لؤي يملك الكثير من كلمات المناشدة كما يقول، بعد أن أرسل الكثير منها، لكنه يؤكد أنّ رسالته تبقى للهيئات الدولية والمؤسسات السياسية ومنظمات حقوق الإنسان بالتحرّك من أجل كلّ الأسرى، وليس ابنه فقط.
وفي ظلّ استمرار إضراب الأشقر وأبو هواش، يطالب منسق القوى الوطنية والإسلامية في محافظة رام الله والبيرة عصام بكر، في حديث لـ"العربي الجديد"، بضرورة مواصلة الحملات والفعاليات التضامنية مع الأسرى المضربين والأسرى ضحايا الإهمال الطبي المتعمد، بعد أن استشهد الأسير سامي العمور، من قطاع غزة، نتيجة الإهمال الطبي، وبعدما قال إنه "انتصارات للحركة الأسيرة"، بإنهاء إضراب العديد من الأسرى بعد الاستجابة لمطالبهم، وآخرهم الأسيران كايد الفسفوس وعياد الهريمي.
كذلك طالب الأسير المحرّر سعيد نخلة، في حديثه مع "العربي الجديد"، السلطة الفلسطينية والمؤسسات الدولية والمحلية والفصائل والجماهير الفلسطينية بتكثيف العمل لإنهاء ما قال إنه "بعبع" الاعتقال الإداري الذي يعاني منه العديد من الفلسطينيين.
ولم يتوقف الأسرى الفلسطينيون عن محاولة إنهاء "بعبع" هذا الاعتقال، إذ كانت قد انطلقت سلسلة إضرابات لعشرات الأسرى بشكل فردي منذ عام 2012، ولم تتوقف حتى اللحظة.
وأحد من خاضوها هو الأسير المحرّر خضر عدنان، أكّد في حديثه مع "العربي الجديد" أنّ ما يسمّيه "الإضراب النخبوي" يعتبر رافعة للحركة الأسيرة الفلسطينية الجماعية، وكان ضرورة لتفعيل قضية الأسرى هذه، بحيث يقوم الأسرى به بالنيابة عن الجميع.
ويؤكد عدنان أنه يجب البناء على تلك الإضرابات النخبوية، وأن يكون التفكير جماعياً بمقاطعة محاكم الاحتلال، والتفكير في إضراب جماعي للأسرى الإداريين، أو من يستطيعون منهم الوصول إلى نقطة التحرّر.
والاعتقال الإداري يصدر بأمر عسكري إسرائيلي، وهو بحسب "مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان"، اعتقال دون تهمة أو محاكمة، يعتمد على ملف سري وأدلة سرية لا يمكن المعتقل أو محاميه الاطلاع عليها، ويمكن، حسب الأوامر العسكرية الإسرائيلية، تجديد أمر الاعتقال الإداري مرات غير محدودة، حيث يُستصدَر أمر اعتقال إداري لفترة أقصاها ستة أشهر قابلة للتجديد.
وترجع القوانين العسكرية الإسرائيلية المتعلقة بأوامر الاعتقال الإداري إلى قانون طوارئ الانتداب البريطاني لعام 1945، ويستند القائد العسكري الإسرائيلي في أغلب حالات الاعتقال الإداري على مواد سرية، وهي بالأساس مواد البينات ضد المعتقل، التي تدعي السلطات الإسرائيلية عدم جواز كشفها حفاظاً على سلامة مصادر هذه المعلومات، أو لأن كشفها قد يفضح أسلوب الحصول على هذه المواد.