إصابات بالجرب في مخيمات إدلب: تردي الوضع البيئي وقلة المياه النظيفة

11 فبراير 2024
تردي الأوضاع الصحية والبيئية في مخيمات إدلب (فيسبوك/الدفاع المدني السوري)
+ الخط -

شهدت مخيمات النازحين في إدلب شمال غرب سورية إصابات عديدة بأمراض جلدية أبرزها الجرب الأكثر عدوى وخاصة بين الأطفال وطلاب المدارس، جراء افتقار المنطقة للبيئة الصحية الآمنة وقلة المياه بالتزامن مع البرد القارس.

والجرب هو طفح جلدي ينتج عن سوس ناقب صغير يسمى القارمة الجَربية، ويحدث حكة شديدة في المنطقة التي ينقب فيها السوس، وقد تكون الرغبة في الحك قوية خلال ساعات الليل، والجرب مرض معدٍ، ويمكن أن ينتشر بسرعة من خلال المخالطة اللصيقة بين أفراد الأسرة، أو في مجموعات رعاية الأطفال، أو داخل الفصول الدراسية، بحسب موقع مايو كلينك الطبي.

الطفل لؤي الراسي (12 عاماً) لم يستطع النوم طوال الليل جراء الحكة الشديدة التي يشكو منها على خلفية إصابته بعدوى الجرب، التي انتقلت إليه عن طريق أصدقائه في المدرسة.

انتشار عدوى الجرب في مخيمات إدلب

يقول لؤي وهو مقيم في مخيمات تل الكرامة شمال إدلب إن معظم أطفال المخيم يعانون مرض الجرب، وهو ما أوصل العدوى إليه في نهاية المطاف، وسط قلة مرات الاستحمام وافتقارهم في الخيمة للمياه النظيفة والساخنة.

ولاحظ لؤي انتشار المرض بين أقرانه من خلال الحكة الشديدة والمستمرة والسائدة بينهم، ورغم حصول لؤي على بعض الأدوية لعلاج الجرب من مستوصف المخيم منذ أسابيع مازال يعاني الحكة التي لم تختفِ بعد.

الطفل مروان العلوشي (9 أعوام) المقيم في مخيمات قاح شمال إدلب، يتردد على المركز الطبي في مدينة الدانا بصحبة والده من أجل الحصول على علاج مرض الجرب مجاناً، والذي أصيب به على خلفية سقوطه المباشر في إحدى حفر الصرف الصحي في المخيم، أثناء لعبه بدراجته الهوائية.

يقول مروان إنه سقط في حفرة الصرف الصحي دون أن يلحظ وجودها، ورغم استحمامه بعد خروجه من الحفرة عدة مرات لم ينجُ من الإصابة بمرض الجرب الذي راح ينتشر بين أصابع اليدين والوجه وفروة الرأس وراحتي اليد وأسفل القدمين.

أما مرام الحلوم (35 عاماً) وهي نازحة في مخيمات أطمة شمال إدلب فهي تلجأ إلى علاج أبنائها من الجرب بسرية تامة نظراً للوصمة التي تلحق بمصابي هذا المرض المرتبط بقلة النظافة، وتؤكد أن ليس بيدها حيلة ولا تستطيع درء الأمراض عنهم جراء تردي البيئة الصحية المحيطة، في ظل انعدام الرعاية الصحية، وافتقار المنطقة إلى أسس النظافة، وانتشار الأوساخ والوحول والرطوبة في المخيمات.

وأشارت الحلوم إلى أنها لا تستطيع توفير مياه الاستحمام باستمرار جراء نقص المياه ووسائل تسخينها في ظل البرد القارس، فتعمد في كل مرة إلى تسخين المياه بموقد بدائي تشعله على ما تيسر من أكياس وبلاستيك وبقايا نفايات كل أسبوع أو عشرة أيام.

وقال الطبيب المختص بالأمراض الجلدية أحمد الدعدوش لـ"العربي الجديد" إنه لاحظ زيادة عدد مرضى الجرب بشكل كبير جداً مؤخراً، وخاصة في مناطق المخيمات بسبب الاكتظاظ السكاني وقلة الوقود المنزلي الذي أدى إلى نقص الاستحمام بالتزامن مع ضعف العلاج بسبب غلاء الأدوية ونقص توفرها في المراكز الصحية مجاناً مما يزيد فترة العدوى.

وفي بيان له كشف فريق "منسقو استجابة سوريا"، عن انتشار كبير لعدد من الأمراض الجلدية في مخيمات النازحين في أرياف حلب وإدلب شمال غرب سورية.

ووفقاً للبيان فقد سجل أكثر من 478 مخيماً، أي ما يعادل 29% من إجمالي المخيمات، انتشار أكثر من 9 أنواع من الأمراض الجلدية، عدا الحالات المرضية النادرة.

وأرجع البيان أسباب انتشار الأمراض الجلدية في المخيمات إلى عدة عوامل، أبرزها الاكتظاظ السكاني الكبير ضمن تجمعات المخيمات، بالإضافة إلى انتشار ظاهرة الصرف الصحي المكشوف ضمن المخيمات، بالتزامن مع غياب المياه النظيفة والصالحة للشرب عن  47 % منها.

وأشار الفريق إلى أن أكثر من 84% من المخيمات تعاني انعدام العيادات المتنقلة والنقاط الطبية، كما لفت إلى غياب الدور الفاعل للمنظمات الإنسانية لمعالجة تلك الحالات بشكل كبير واقتصارها على الجلسات التوعوية.

المساهمون