في وقت يصرّ فيه كثيرون على أنّ ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ليسوا مجرّد أرقام، وتبرز محاولات من هنا وهناك للإضاءة على عدد منهم، فإنّ عدّاد الشهداء والجرحى لم يتوقّف بعد. وقد أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أنّ حصيلة الشهداء ارتفعت، في اليوم الثلاثين من الحرب، لتصل إلى 9770 شهيداً، من بينهم 4008 أطفال.
وقال المتحدّث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة، في مؤتمر صحافي عقده اليوم الأحد، إنّ الاحتلال الإسرائيلي يرتكب حرب إبادة وتطهير عرقي منذ 30 يوماً في غزة. وأشار إلى أنّه ارتكب 24 مجزرة في 24 ساعة، سقط فيها 243 شهيداً.
وفي ما يخصّ المصابين، فقد بلغت حصيلتهم، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول المنصرم، 24,808 مصابين بجروح مختلفة، بعض منها خطر، فيما أخرى قد تؤدّي إلى إعاقات دائمة.
وبيّن القدرة، في مؤتمره الصحافي، أنّ 70 في المائة من ضحايا العدوان الإسرائيلي، الشهداء والجرحى، هم من الأطفال والنساء.
وتحدّث القدرة عن بلاغات تلقّتها وزارة الصحة في غزة تفيد بأنّ ثمّة 2660 مفقوداً تحت الأنقاض التي خلّفها القصف الإسرائيلي، من بينهم 1270 طفلاً.
وفي حربه المتواصلة على قطاع غزة الذي اُطبق الحصار عليه كلياً، لم يوفّر الاحتلال الإسرائيلي القطاع الصحي ولا العاملين فيه، كما لم يوفّر منشآت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي استقبلت نازحين، ولا العاملين لدى الوكالة.
وقد أفاد المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة بارتقاء 175 كادراً صحياً فلسطينياً، في حين دُمّرت 31 سيارة إسعاف. وأضاف أنّ أكثر من 110 مؤسسات صحية استُهدفت، في حين خرجت 16 مستشفى عن الخدمة و32 مركزاً للرعاية الأولية، إمّا بسبب الاستهداف العسكري أو بسبب نفاد الوقود.
وبعد تحذيرات كثيرة من العجز الذي يعانيه القطاع الصحي، والتي أطلقتها وكالات الأمم المتحدة ومنظمات دولية وأطباء، أكد القدرة أنّ مستشفيات قطاع غزة عاجزة اليوم عن تقديم أيّ خدمة صحية بالطريقة المناسبة والسليمة لآلاف الجرحى والمرضى، وذلك بسبب قطع الإمدادات الطبية والوقود.
ولفت القدرة إلى ساعات حرجة أمام المنظومة الصحية في غزة، قائلاً إنّ الطواقم الطبية تحبس أنفاسها خلالها. فالمستشفيات لم تعد تعمل على المولّدات الأساسية، إذ شارف الوقود على الانتهاء.
وفي ما يتعلق باستهداف مستشفيات غزة أو محيطها بالقصف الإسرائيلي، الأمر الذي يخالف بطريقة فاضحة القانون الإنساني الدولي، فقد عمدت الأمم المتحدة بمختلف وكالاتها، وكذلك المنظمات الدولية المعنية، إلى التنديد بما يحصل، في أكثر من مرّة، والتحذير من تبعاته والمطالبة بوقف تلك الانتهاكات.
وقد أعرب أمين عام الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر جاغان تشاباغين، اليوم الأحد، عن قلقه من خطورة الوضع في محيط "مستشفى القدس" في حيّ تلّ الهوى غربي مدينة غزة.
وأكد تشاباغين أنّ الجيش الإسرائيلي يستهدف جواً وبالقصف المدفعي محيط المستشفى، لافتاً إلى أنّ "طواقم الهلال الأحمر في غزة غير قادرة على تقديم الخدمات الإسعافية في محيطه". وأضاف أنّ "المستشفيات باتت مكاناً لتقديم المساعدات والالتجاء"، داعياً إلى حمايتها.
I am deeply concerned about the severity of the situation near Al-Quds Hospital.
— Jagan Chapagain (@jagan_chapagain) November 5, 2023
As a result, our @PalestineRCS teams are unable to provide ambulance services.
I call on all parties: hospitals are places of help & refuge. They must be protected. It's a moral & legal imperative. pic.twitter.com/xfDlsxMutt
أطباء إسرائيليون: اقصفوا مجمّع الشفاء الطبي
في سياق متصل، دعت مجموعة تحمل اسم "أطباء من أجل حقوق جنود الجيش الإسرائيلي" قوات الاحتلال إلى قصف مجمّع الشفاء الطبي الواقع في مدينة غزة الواقع شمالي القطاع المحاصر، وذلك في عريضة وقّعها عشرات الأطباء.
وبحسب ما جاء في العريضة التي حملت توقيع "الأطباء العاملون في النظام الصحي"، فإنّ هذا المطلب "حقّ مشروع لإسرائيل". ولم تستبعد قوات الاحتلال قصف المجمّع الطبي في وقت سابق من الحرب المتواصلة على غزة، إذ ادّعت بأنّ المستشفى الأكبر في القطاع يؤوي مسلّحين فلسطينيين.
وفي حين وصف موقع "هامحدش" الإخباري الإسرائيلي دعوة الأطباء تلك بأنّها "غير مسبوقة"، إلا أنّ عشرات الحاخامات الإسرائيليين كانوا قد وجّهوا في وقت سابق دعوة مشابهة لقوات الاحتلال.
Utterly shocked by reports of attacks on ambulances evacuating patients close to Al-Shifa hospital in #Gaza, leading to deaths, injuries and damage.
— Tedros Adhanom Ghebreyesus (@DrTedros) November 3, 2023
We reiterate: patients, health workers, facilities, and ambulances must be protected at all times. Always.
Ceasefire NOW.…
من جهة أخرى، عُلّقت عمليات إجلاء المصابين من سكان قطاع غزة إلى مصر، من خلال معبر رفح، منذ أمس السبت. يأتي ذلك بعدما تعمُّد الاحتلال استهداف سيارات الإسعاف التي تنقل هؤلاء، وهو "ما يمنعنا من نقل الجرحى إلى الحدود المصرية"، بحسب ما أكد القدرة.
وطالب المتحدّث باسم وزارة الصحة في غزة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتوفير ممرّ آمن للمصابين ومرافقتهم وضمان وصولهم بأمان إلى معبر رفح البري، إلى حين خروجهم إلى المستشفيات في مصر. كذلك، دعا مصر إلى السماح لسيارات الإسعاف المصرية بالدخول والوصول إلى مستشفيات قطاع غزة ونقل المصابين إلى المستشفيات المصرية لضمان خروجهم بأمان.
يُذكر أنّ عمليات إجلاء الجرحى كانت قد بدأت، يوم الأربعاء الماضي، بموجب اتّفاق بوساطة دولية يقضي بالسماح لعدد من حملة جوازات السفر الأجنبية وعائلاتهم وبعض المصابين الفلسطينيين بالخروج من قطاع غزة. لكنّ الاحتلال استهدف، أوّل من أمس الجمعة، سيارات إسعاف كانت تُستخدَم لنقل المصابين، الأمر الذي ندّد به الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس وووكالات ومنظمات إغاثة تعمل في غزة.
وناشد القدرة كلّ الجهات المعنية والفاعلة بضرورة "توفير ممرّ آمن" بصورة عاجلة، من أجل إدخال مساعدات إنسانية وطبية ووقود، وكذلك طواقم طبية، إلى القطاع. وشدّد على أنّ "لا ممرّات آمنة في قطاع غزة"، وأنّ ذلك "كذبة يستخدمها الاحتلال". وأشار القدرة إلى أنّ ثمّة ضحايا سقطوا بين الذين أجبرهم الاحتلال على النزوح من شمالي قطاع غزة إلى الجنوب، متحدّثاً عن "جثث شهداء على الأرض لا تستطيع سيارات الإسعاف انتشالها حتى اللحظة".
مي الكيلة: ألا تكفي 30 يوماً من القتل؟
ووجّهت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة، اليوم الأحد، رسالة إلى المجتمع الدولي حول الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، وسألت: "ألا تكفي 30 يوماً من القتل؟".
وفي رسالتها التي تأتي في اليوم الثلاثين من الحرب المتواصلة التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، بيّنت الكيلة أنّ "الاحتلال الإسرائيلي ما زال يستهدف كلّ شيء في قطاع غزة، بما في ذلك المستشفيات ودور العبادة ومراكز الإيواء في المدارس، ضارباً بعرض الحائط كلّ القوانين الدولية ومتنكّراً للحضارة الإنسانية".
وشدّدت الكيلة على أنّ "توفير ممرّ آمن لتدفّق المساعدات والأدوية والوقود إلى المستشفيات بات مسألة حياة أو موت للجرحى" فيها، وذلك مع "تعمّد الاحتلال قصف قوافل الإسعاف التي تحمل الجرحى، ما يعيق نقلهم إلى معبر رفح للعلاج في مصر".
وأشارت الوزيرة الفلسطينية إلى أنّه "من غير الممكن تجزئة الأخلاق والقوانين والإنسانية". وشدّدت على أنّ "العالم اليوم أمام اختبار حقيقي، لمدى صدق شعاراته الداعية إلى التراحم ونبذ العنف وحماية الأطفال والنساء".
وطالبت الكيلة "وزارات الصحة حول العالم، والاتحادات والنقابات الطبية والصحية، بالتحرّك ورفض المجازر اليومية بحقّ قطاع غزة ونظامه الصحي".