تشهد إسرائيل زيادة مطردة في ظاهرة تسرب الطلاب من المدارس، وكشفت وسائل إعلام عبرية عن بعض الأسباب، من دون التطرق إلى نقاط أساسية، من بينها فتح الباب أمام طلاب بلا شهادات للدخول إلى المؤسسات الأمنية والعسكرية، وارتفاع نسبة العنف في المدارس.
وأوردت صحيفة "يسرائيل هيوم" اليمينية، نقلاً عن وزارة التعليم الإسرائيلية، تقريراً حول تغيّب 90 ألف طالب عن المدارس خلال العام الدراسي الماضي، مقارنة مع 85 ألفاً في العام السابق، وقالت إن "ظهور وباء كورونا كان نقطة تحول فارقة بالنسبة لظاهرة التسرب من المدارس. فبعدما انقطع الطلاب عن التعليم الحضوري خلال تفشي الوباء، تراجع حماس البعض للعودة إلى المدارس بعد انتهاء الوباء".
وأشارت الصحيفة إلى أن مفتشي التعليم المختصين بالتسرب باتوا يتعرضون لضغوط كبيرة بسبب ارتفاع عدد الحالات التي يضطر كل مفتش إلى معالجتها، والتي تتراوح شهرياً ما بين 100 إلى 200 طالب يتغيبون عن المدرسة، حتى أن المفتشين يقومون في حالات معينة برفع دعاوى قضائية ضد أولياء الأمور الذين يرفضون إرسال أبنائهم إلى المدارس.
ونقلت الصحيفة عن أم طالب في مدرسة إعدادية قولها إنها "تخوض حرباً يومية" لإقناعه بالتوجه إلى المدرسة، مشيرة إلى أنه يطرح أمامها كل يوم مسوغ جديد لتبرير عدم الذهاب. وأن المدرسة أبدت عدم مبالاة إزاء حالته، وأنها عمدت إلى "استعطاف" المستشارة الاجتماعية في المدرسة لإقناعها بمساعدة ابنها.
وتنص تعليمات الجهاز التعليمي الإسرائيلي على أنه في حال تغيب طالب مدة أسبوع متواصل، أو 14 يوماً بشكل غير متواصل، فإنه يتوجب نقل ملفه إلى المفتش المسؤول عن معالجة ظاهرة التسرب، ويرسل المفتش أولاً رسالة إلى أولياء الأمور، وبعد ذلك يزور بيت الطالب، ويلتقي بوالديه، بحضور ممثلين عن المدرسة.
وتعتبر وزارة التعليم الإسرائيلية أن تغيب الطالب عن المدرسة يعدّ مقدمة للتسرب النهائي من الإطار التعليمي، وذكرت الصحيفة أن الوزارة تُميّز بين نوعين من التسرب، هما التسرب الصريح، حين يتغيب الطلاب بشكل كامل عن المدرسة، والتغيب المستتر، أي أن يذهب الطلاب بشكل متقطع إلى المدرسة من دون أن يؤدوا واجباتهم كطلاب، فيقضون الوقت في فناء المدرسة بدلاً من الصفوف.
ويقول رئيس منظمة تضم مفتشين يتولون مراقبة التسرب في المدارس، مأور تسيمح، إن الظاهرة تشمل جميع المراحل التعليمية، من رياض الأطفال وصولاً إلى المرحلة الثانوية، وأن تسرب الطلاب من رياض الأطفال والمدارس الابتدائية هو نتاج قرار أولياء الأمور بعدم إرسال أبنائهم إلى المدارس بسبب أوضاع عائلية، أو عدم قدرتهم على إدارة شؤون الأسرة، أو بسبب خلافات بين الزوجين، أو لغياب الثقة في إدارات المؤسسات التعليمية.
ولفت إلى أنه كلما ارتفع مستوى المرحلة التعليمية، كلّما ارتبطت ظاهرة التسرب من المدارس بقرارات يتخذها الطلاب أنفسهم، إما بسبب مواجهتهم حالات إحباط، أو عدم تمكنهم من تحقيق ذواتهم، وأن المفتشين يعملون استناداً إلى قانون التعليم الإجباري، ويقدمون "خدمات نفسية للطلاب"، ويتوسطون بينهم وبين إدارات المدارس، إلا أنهم لا يملكون الأدوات التي تمكنهم من إجبار الطلاب على العودة إلى المدارس.
وترى المتخصصة في أنماط التعاطي النفسي والاجتماعي مع الطلاب في كلية "كنيرت"، نيفا دوليف، أنه في بعض الحالات، يعود تسرب الطلاب من المدارس إلى عدم قيامها بدورها كمؤسسات تعليمية، وحذرت من تجاهل أولياء الأمور الأسباب التي يسوقها أبناؤهم لتبرير عدم توجههم إلى المدارس.
واللافت أن تقرير "يسرائيل هيوم" لم يتطرق إلى أسباب التسرب التي تتعلق بالواقع الإسرائيلي، ومن بينها أن الحصول على شهادة الثانوية العامة (بجروت)، وإن كان تفصيل أساسي للقبول في الجامعات، إلا أن طبيعة سوق العمل تمنح الشباب فرصاً كثيرة في القطاعين العام والخاص لا تتطلب الحصول على شهادة جامعية.
وتمنح المؤسستان العسكرية والأمنية وغيرهما من مؤسسات القطاع العام الكثير من فرص العمل التي لا تتطلب الحصول على شهادة "بجروت"، الأمر الذي يفسر إقبال الشباب في المناطق التي تعاني من أزمات اقتصادية، على الالتحاق بالمؤسسات الأمنية ومصلحة السجون.
كما لم يشر التقرير إلى مسألة العنف داخل المدارس كأحد الأسباب التي تؤثر على رغبة الطلاب في الالتزام بالأطر التعليمية، ووثقت قنوات تلفزة إسرائيلية الكثير من مظاهر العنف والشجارات التي تنشب بين الطلاب في المدارس الإسرائيلية، والتي تؤثر بشكل كبير في البيئة التعليمية.