إزالة الغابات الجبلية تتسارع بوتيرة مقلقة

18 مارس 2023
تتسبّب الحرائق في إزالة الغابات الجبلية بنسبة 29 في المائة (ميكايل دانتاس/ فرانس برس)
+ الخط -

تتسبّب أنشطة استغلال الغابات والحرائق والزراعة بإزالة غابات الجبال بوتيرة متسارعة، بحسب ما أظهرت دراسة حديثة دقّ معدوها ناقوس الخطر بشأن تفاقم الوضع في هذه المناطق الحيوية في العالم. وتُعَدّ الجبال موطناً لـ85 في المائة من الطيور والثدييات والبرمائيات في العالم، خصوصاً في الغابات، الأمر الذي يجعل فقدانها ينذر بالخطر على التنوّع الحيوي.

وكانت الغابات الجبلية تغطّي 1.1 مليار هكتار من مساحة كوكب الأرض في عام 2000، بحسب معدّي الدراسة التي نشرت نتائجها مجلة "وان إيرث"، لكنّ ما لا يقلّ عن 78.1 مليون هكتار أو 7.1 في المائة من المساحة الإجمالية، زال بين عامَي 2000 و2018، بحسب خلاصات توصّل إليها الباحثون باستخدام بيانات الأقمار الصناعية. يُذكر أنّ الأراضي الحرجية التي أزيلت تتخطّى مساحة ولاية تكساس الأميركية (نحو 695,660 كيلومتراً مربّعاً). كذلك، فإنّ وتيرة فقدان هذه الغابات آخذة في التسارع، فقد كانت الخسائر الأخيرة أكبر بـ2.7 مرّة ممّا كانت عليه في بداية القرن الواحد والعشرين.

وحذّر معدّو الدراسة خصوصاً من أنّ المناطق الأكثر تضرّراً (42 في المائة من الإجمالي)، والتي تشهد كذلك التسارع الأكبر، هي الغابات الجبلية الاستوائية التي تزخر بالتنوّع الحيوي وتضمّ أجناساً كثيرة مهدّدة بالانقراض.

وقال الباحث المشارك في الدراسة زينزونغ تسنغ لوكالة فرانس برس إنّ "الخسائر المسجّلة في جبال الغابات بالمناطق الاستوائية تتزايد بسرعة كبيرة، أكثر من المناطق الأخرى"، وبما أنّ "التنوّع الحيوي غنيّ جداً في هذه الأماكن، فإنّ التأثير هائل". وقد لاحظ الباحثون أنّ العلوّ الكبير والمنحدرات الشديدة حدّا تاريخياً من الاستغلال البشري لهذه الغابات.

ومنذ مطلع القرن الحالي، صارت هذه المناطق مستهدفة بصورة متزايدة من أجل الأخشاب والزراعة. وشرحت الدراسة أنّ قطع الأشجار يُحمَّل مسؤولية 42 في المائة من خسارة الغابات الجبلية، تليه حرائق الغابات مع 29 في المائة، والزراعة المتحرّكة مع 15 في المائة، والزراعة الدائمة أو شبه الدائمة مع 10 في المائة. يُذكر أنّ الزراعة المتحرّكة تشمل تطهير الأرض واستخدامها لبضع سنوات قبل التخلي عنها لتصير خصبة مرّة أخرى.

وأوضح زينزونغ تسنغ أنّ "العوامل تختلف باختلاف المناطق"، موضحاً أنّ "في المناطق الشمالية، يرتبط السبب بتغيّر المناخ، لأنّ ثمّة ارتفاعاً في درجات الحرارة"، خصوصاً في القطب الشمالي، الأمر الذي يسرّع اندلاع الحرائق. وشدّد على "أنّنا في حاجة إلى الحدّ من استخدام الوقود الأحفوري لإبطاء تغيّر المناخ".

ويُعَدّ التوسّع في الزراعة أبرز عامل للخسائر المسجّلة في جنوب شرق آسيا، وقد بيّن زينزونغ تسنغ أنّ "الناس يزرعون مزيداً من أشجار المطاط أو نخيل الزيت للحصول على منتجات أكثر"، وهم "في حاجة إلى مزيد من الأراضي لزراعة الذرة وإطعام دواجنهم".

وتنتشر أنشطة الزراعة المتحرّكة بصورة رئيسية في أفريقيا وأميركا الجنوبية. وبحسب الدراسة نفسها، فإنّ فقدان الغابات الجبلية يُسجَّل بوضوح أكبر في آسيا، حيث تبلغ المساحة المتضرّرة 39.8 مليون هكتار، أو ما يزيد قليلاً عن نصف المساحة الإجمالية للغابات المفقودة. كذلك تكبّدت أميركا الجنوبية وأفريقيا وأستراليا وأوروبا خسائر كبيرة على هذا الصعيد. وتابع زينزونغ تسنغ أنّه "بالنسبة إلى المناطق الاستوائية، يحتاج الناس إلى العيش مع الغابة وليس قطعها".

وقد لاحظ الباحثون عودة أنواع محلية إلى النموّ في بعض المناطق، لكنّ هذا المنحى ليس دائماً، وهو لا يعوّض الخسائر بأيّ شكل من الأشكال، بحسب ما أفادت شينيوي هي، الباحثة المشاركة في الدراسة. وشدّدت على ضرورة تكثيف الجهود للحفاظ على الغابات مع مزيد من الضوابط والقواعد، لافتة إلى أنّ "إنشاء مناطق محمية يمكن أن يساعد في تقليل الخسائر".

(فرانس برس)

المساهمون