إذا سُخّرت الشمس

29 أكتوبر 2021
مشروع للطاقة الشمسية في بوركينا فاسو (لودوفيك مارين/ فرانس برس)
+ الخط -

سخر كثيرون على وسائل التواصل من أولئك الذين وقعوا في شرك بائع أعلن على شبكة الإنترنت عن جهاز لتجفيف الملابس يعمل بالطاقة الشمسية لا يتعدى سعره 90 دولاراً، واكتشفوا حين وصلهم المغلّف أنه ليس إلا حبل غسيل. وكسب هذا البائع أموالاً طائلة، مثلما ربح قضية التحايل التي رُفعت ضده. وهكذا اكتشفت أنني لست الوحيد الذي يتملكني حلم تسخير الشمس لخدمتنا أكثر مما هي فاعلة. 
قبل أكثر من عشرين عاماً حلّ في قريتنا الصغيرة من يبشّر بطاقة الشمس بدلاً من وابور الطبخ وفانوس الكيروسين (الكاز) الذي طالما أرهقنا انتظار عربته ورنين جرسها المميّز. أهدانا ممثل لمنظمة الأمم المتحدة معجزة مضيئة، نحملها من هنا إلى هناك بلا مشقة في الليالي الدامسة، وما أن تُشرق الشمس حتى نسارع إلى وضعها مقلوبة على أحد السقوف بعيداً عن متناول الأطفال والمستطلعين من الكبار، كي لا تتأثر بكثرة اللمس فتحجم عن منحنا الضوء. وما زلنا نحتفظ بها رغم أن عينها انطفأت لسبب لا نعلمه، في حين لم نجد من يصلحها لنا. 
نذكر قول المسؤول حينها إن "أشعة الشمس المجانية هذه تحتاج إلى صرف حكومي يسمح بتحويلها ميكانيكياً إلى طاقة للإنارة، وتشغيل أجهزة سحب المياه للزراعة والريّ، وتشغيل الأجهزة والأدوات الكهربائية. كما وعد بتوفير مبرد لحفظ أمصال تطعيم الأطفال والعقاقير المنقذة للحياة. وحين توفّر المبّرد بعد أكثر من عام هالنا أن حجم بطاريات حفظ الطاقة أكبر من المبرد نفسه، وأن هناك الكثير من تعقيدات التشغيل والصيانة، ما حال دون استمرار تشغيله. وما أن أُدخلت القرية ضمن شبكة الكهرباء العامة حتى جرى الاستغناء عن ذلك التطبيق، ودخلنا نحن في حالة تساؤل.

يقول ألكسندر كاستل، رئيس أحد مجمعات الطاقة التي تطرح حلولاً مبتكرة لعدد من البلدان الأفريقية، إنّ "مفهوم الطاقة يشكّل معضلة كبرى بالنسبة إلى الأفارقة، لأنّ من لا يسعه الحصول عليها، سيحرم بالضرورة من جميع خدماتها في مجالات الصحة والاتصالات وحتى التعليم". 
ورغم أنّ الطاقة تعدّ من أبرز القضايا المشتركة بين بلدان القارة، لكن طرق معالجتها ودرجة الاهتمام بها تختلف بين دولة وأخرى، فالمغرب وغانا وجنوب أفريقيا وكينيا، تتبوأ مواقع رائدة في التوجه نحو الطاقات البديلة، والانتقال السلس نحو الاقتصاد الأخضر، في قارة تخسر سنوياً 40 في المائة من محاصيلها الزراعية بسبب سوء التخزين. وتؤكد مجموعة "بلو إنرجي" البريطانية أنّ مشروع "نزيما" غرب غانا "سيكون أحد أكبر محطات توليد الطاقة في العالم". أما محطة "غاسبر" في جنوب أفريقيا فتمد 80 ألف منزل بطاقة تولّدها 325 ألف لوحة شمسية. 
فهل نحلم باتساع رقعة التسخير الشمسي لدينا؟
(متخصص في شؤون البيئة)

المساهمون