أيمن بن هادية: تونسي يكتشف هويته الفلسطينية

15 نوفمبر 2020
مع بناته الثلاث (العربي الجديد)
+ الخط -

عام 2016، بدأ أيمن بن هادية (38 عاماً) البحث عن عائلته الفلسطينية في المخيمات الفلسطينية في لبنان، بعدما اكتشف حقيقة أصوله الفلسطينية بالصدفة، حين عثر على وثيقة في درج والدته التونسية من ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية في سورية، تفيد بأنه ابن لأبوين فلسطينيين قُتلا في مجزرة مخيّم صبرا وشاتيلا عام 1982 (ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي مستعيناً بعناصر من حزب الكتائب اللبناني)، واسمه أيمن عبد الرحمن ديراوي.
وفي أواخر عام 2016، وصل بن هادية إلى لبنان، بناء على دعوة من قناة "الجديد" اللبنانية، لعرض قضيته في برنامج "للنشر"، على أمل العثور على أحد أفراد عائلته. خلال وجوده في لبنان، زار المقبرة الجماعية لضحايا المجزرة، وحاول البحث عن عائلته في المخيمات، ليعود إلى تونس خائباً. وحتى عام 2019، لم يطرأ على قضيته أي جديد. 
ولد بن هادية في 11 يونيو/ حزيران عام 1982 في لبنان، وتحديداً في مخيم صبرا وشاتيلا، إلا أنه عاش وكبر في ولاية سوسة التونسية. والده التونسي يدعى عبد القادر بن هادية، وكان يعمل مدرساً للغة العربية، أما والدته التونسية سميرة بن عبد سلام، فكانت تُدرّس اللغة الفرنسية. وكان قد عُثر عليه في إناء وضعته فيه والدته بهدف حمايته من القتل، بحسب إفادة منظمة التحرير، ثم نقل إلى سورية مع مجموعة من الأطفال الناجين. 

يقول بن هادية لـ "العربي الجديد": "كان عمري 3 أشهر عندما نقلت إلى سورية. وبعد ثلاثة أشهر، انتقلت إلى تونس مع والديّ التونسيين اللذين تبنياني". يصف حياته في تونس بـ "الجميلة"، مضيفاً: "أنهيت دراستي الثانوية وعملت في العديد من المهن، قبل أن أستقر في تجارة السيارات. لكن بعد الثورة، ساء الوضع كثيراً واليوم بتّ عاطلاً عن العمل".

لن يتخلّى عن جنسيته الفلسطينية (العربي الجديد)
لن يتخلّى عن جنسيته الفلسطينية (العربي الجديد)

في يونيو/ حزيران عام 2004، توفيت والدته. وبعد مرور شهرين، بدأ يتفقد أغراضها القديمة، ليعثر على وثيقة تتضمن اسمه وتاريخ ميلاده. يقول: "كان شعوراً غريباً. بكيت ثمّ رحت أتساءل: هل الاسم الذي تتضمّنه الوثيقة يخصني أم لا؟ سألت والدي فبكى بدوره. في بداية حديثه، أخبرني بأنني أولاً وأخيراً ابنهما. قرّرت التخلي عن الموضوع حتى وفاة والدي. وكانت أول رحلة بحث عام 2016، من خلال صحافي في قناة الجديد، وحاولت البحث أكثر من خلال السفارة الفلسطينية في بيروت. لكنني لم أعرف شيئاً".

أيمن بن هادية لدى تبنيه (العربي الجديد)
لدى تبنيه (العربي الجديد)

وفي وقت لاحق، صُدِم حين علم أن عائلته التونسيّة تعرف الأمر. وكانت والدته قد أوصتهم بعدم إخباره. وفي عام 2005، قرّر أن يتزوج ويؤسس عائلة ويعيش مع والده التونسي ويربّي بناته الثلاث. توفي والده في سبتمبر/ أيلول عام 2012، ثم قرر معاودة البحث، ولجأ إلى السفارة الفلسطينية في تونس ومكتب منظمة التحرير، حتى سافر إلى لبنان عام 2016.
في سبتمبر/ أيلول 2019، أثار الموضوع مجدداً، واتصل بالسفير الفلسطيني في تونس هايل الفاهوم، وطلب إعداد تقرير عن قصته ليعرض في قناة فلسطين في ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا، واضعاً احتمال أن تكون أسرته موجودة في فلسطين، من دون نتيجة. ثم قرر البحث من خلال اسم عائلته الفلسطيني.

مع والدته التونسية (العربي الجديد)
مع والدته التونسية (العربي الجديد)

وبدأ بن هادية التحدث إلى أشخاص يحملون اسم عائلته بعد قبولهم طلبات الصداقة. وبعد بحث مطوّل، وصل إلى أحد أفراد العائلة الذي تطابقت معلومات والده الفلسطيني مع معلوماته، وعلم أن والده يتحدّر من غزة، وقد انتقل عام 1969 إلى الأردن للنضال مع حركة فتح، وكان من الفدائيين الفلسطينيين. كما أنه كان متزوجاً ولديه ابنة عمرها 3 سنوات وتدعى هدى. من الأردن انتقل إلى سورية ثم إلى لبنان. أما والدته الفلسطينية فتدعى عائشة.
نجح بن هادية في معرفة بعض المعلومات عن شقيقته، لكنه لم يتواصل معها بانتظار إجراء فحص الحمض النووي. وفي 22 سبتمبر/ أيلول الماضي، تلقّى اتصالاً من مكتب الرئيس محمود عباس، وأخبره بأنه بعد التأكد من كل المعلومات "قرر الرئيس منحك الجنسية الفلسطينية"، ثم حصل على جواز سفر فلسطيني يحمل اسم عائلته الأصلية؛ ديراوي.

مع والده التونسي (العربي الجديد)
مع والده التونسي (العربي الجديد)

يرغب أيمن في الحصول على الهوية الفلسطينية. واستناداً إلى اتفاقية أوسلو عام 1993، يتطلب الأمر الحصول على موافقة فلسطينية وإسرائيلية. ويأمل أن يحصل عليها ويتمكن من زيارة غزة رغم الظروف الصعبة التي تعيشها، والبحث عن عائلته وعائلة والدته. ويقول: "تكتسب القضية الفلسطينية أهمية في تونس، ولطالما وقف التونسيون إلى جانب الفلسطينيين خلال الحروب التي شهدتها غزة والاجتياح الفلسطيني للضفة الغربية. كذلك حزن التونسيون لوفاة ياسر عرفات". يضيف: "سأحافظ على جنسيتي التونسية. فما أريده فقط هو التعرف إلى عائلتي. كما أنني أودّ التقدم بدعوى لدى المحكمة التونسية لتغيير لقب عائلتي". 

أيمن بن هادية خلال زيارته لبنان (العربي الجديد)
خلال زيارته إلى لبنان (العربي الجديد)

من جهة أخرى، يتحدّث عن الواقع الاقتصادي الصعب في تونس حالياً، ويعرب عن خشيته على مستقبل بناته الثلاث. لذلك، يرغب، بعد التعرف إلى عائلته الفلسطينية، في التقدم بطلب لجوء إلى بلد أوروبي من أجل مستقبل أفضل له ولبناته.

المساهمون