أهالي الشهداء الفلسطينيين المحتجزة جثامينهم يطالبون بتدويل قضيتهم

رام الله

محمود السعدي

محمود السعدي
16 نوفمبر 2022
5
+ الخط -

لا يملك الفلسطيني عبد الإله جرار من مدينة جنين وسيلة للمطالبة باسترداد جثمان ابنه الشهيد نور، المحتجز جثمانه لدى قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ استشهاده في أغسطس/ آب 2021، سوى المشاركة في مسيرات وفعاليات تطالب باسترداد جثامين الشهداء. وقد حضر جرار من جنين في شمال الضفة الغربية، للمشاركة بوقفة ومسيرة نظمّهما أهالي الشهداء الفلسطينيين المحتجزة جثامينهم، عصر اليوم الأربعاء، في ميدان المنارة وسط مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، للمطالبة بضرورة التحرّك للإفراج عن جثامين أبنائهم وتدويل قضيتهم.

وقال جرار لـ"العربي الجديد" إنّه "منذ استشهاد نور ونحن نشارك في الفعاليات، ولا جديد في شأن تسليم جثمانه"، مؤكداً: "نحن أهالي الشهداء الذين نشعر بالوجع. احتجاز جثامين شهدائنا وجع يلازمنا". وأضاف: "صحيح أنّ استلام جثامينهم يفتح جروحاً جديدة، لكنّنا نريد احتضانهم ودفنهم بالطريقة الإسلامية، فتصير لهم مواقع نزورهم فيها. نحن نريد أن ندفن أبناءنا بكرامة، فلا يبقون مهانين في ثلاجات الاحتلال".

من بلدة اليامون الواقعة غربي محافظة جنين، حضرت إنعام عباهرة والدة الشهيد صائب عباهرة إلى رام الله، للمشاركة كذلك في التحرّك المطالب باسترداد جثامين الشهداء المحتجزة. وقالت لـ"العربي الجديد" إنّ ابنها استشهد برفقة شابَين آخرَين، هما خليل طوالبة وسيف أبو لبدة، في اليوم الأوّل من شهر رمضان الماضي، على مفترق عرابة جنوبي جنين.

ودعت عباهرة "الفلسطينيين جميعاً، بكلّ شرائحهم، والدول العربية وكلّ الدول المناصرة لفلسطين والمؤسسات الدولية إلى الوقوف إلى جانب أهالي الشهداء كي يستردّوا جثامين أبنائهم". وتابعت: "لم أحتضن جثمان ابني، ولم أره منذ استشهاده. وأنا لم أسمع بالخبر إلا عبر وسائل الإعلام. كلّ ما أريده هو تسلّم جثمان ابني".

الصورة
تحرك في رام الله لأهالي الشهداء الفلسطينيين المحتجزة جثامينهم لدى الاحتلال 2 (العربي الجديد)
مطالب أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم واضحة ومنها تدويل قضيتهم (العربي الجديد)

بدورها شاركت خولة يوسف عمّة الشهيد محمود يوسف من بلدة كوبر شمال غربي محافظة رام الله، الذي استشهد قبل أربع سنوات واحتجز الاحتلال جثمانه. وقالت لـ"العربي الجديد" إنّه "يتوجّب على الجميع مشاركة أهالي الشهداء بمطالبهم باسترداد جثامين أبنائهم، سواء السلطة الفلسطينية أو الفصائل الفلسطينية أو المؤسسات الدولية".

وعلى هامش التحرّك نفسه، قال والد الشهيد بهاء عليان لـ"العربي الجديد": "من المطلوب التحرّك لمعاقبة الاحتلال كي يشعر أنّ خطواتنا تلحق به خسارة سياسية وكذلك اقتصادية ودبلوماسية وإعلامية". وبحسب عليان، فإنّ "الفلسطينيين بمختلف شرائحهم لم يحملوا قضية احتجاز جثامين الشهداء بالشكل المطلوب، وبات مطلوباً تدويل القضية وحملها بطريقة صحيحة، من خلال جمع المعلومات والأرشفة الصحيحة في ما يتعلق بالشهداء، والإعداد بشكل صحيح للمحكمة الجنائية الدولية".

وشدّد عليان على أنّه "لا بدّ من تفعيل الاتفاقيات الدولية وكذلك الاتفاقات مع دولة الاحتلال للإفراج عن الجثامين، لكنّ السياسيين الفلسطينيين لا يعدّونها أولوية"، لافتاً إلى "وجوب أن يصبح هذا الملف وطنياً بامتياز. فأهالي الشهداء المحتجزين تُركوا وحدهم من دون أيّ إسناد حقيقي. وإن سُجّل تحرّك، فإنّه خجول لم يثمر عن أيّ نتائج إيجابية تُشعر الأهالي بالأمان".

من جهته، أوضح بسام حماد والد الشهيد أنس حماد في كلمة له أنّ أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم يريدون أن تكون قضيتهم رئيسية وحاضرة في كلّ المحافل، وهم يطالبون بإطلاق حملة للمطالبة باسترداد جثامين أبنائهم. وشدّد على أنّ السلطة الفلسطينية مطالبة بتحويل قضية احتجاز الجثامين إلى قضية سياسية، في ردّ على الاحتلال الذي جعل احتجاز الجثامين قضية من هذا النوع.

وأشار حماد إلى موقف الأسير سامر العيساوي من بلدة العيسوية في القدس، المضرب عن الطعام منذ 19 يوماً للمطالبة باسترداد جثامين الشهداء المحتجزين، مشدّداً على أنّه موقف يبعث الأمل في نفوس أهالي الشهداء.

أمّا فاطمة منصور عمّة الشهيد محمود حميدان من بلدة بدو شمال غرب القدس، فقالت في بيان تلته باسم أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم، إنّ خوفهم يتعاظم على مصير أبنائهم وجثامينهم، وإنّ صرخاتهم ونداءاتهم لم يُستجب لها. وأضافت منصور أنّ "كلماتنا تكرّر نفسها في كلّ مرة ولم تُقرأ. وإذا قُرئت لم تُفهم. وأسئلتنا تتكاثر وتزداد وخزاً وألماً من دون أيّ جواب. قضيتنا تخصخصت وباتت خاصة لعائلة الشهيد وفقط، كما قضية الأسرى الخاصة بعائلاتهم وحسب. لا يُضعفنا ذلك لكنّه يُحزننا. لا يثنينا عن إصرارنا على مواصلة معركة الدفء، لكن يقلقنا الشعور: يا لوحدنا!".

وتابعت منصور باسم أهالي الشهداء: "هذا نداؤنا. ليس الأوّل ولن يكون الأخير. لن نهدأ ولن نكلّ ولن نتوقّف عن الفعل من أجل إنجاز شعارنا الموجع: بدنا ولادنا. هذه دعوتنا لأن نصرخ معاً في وجه كلّ من أدار ظهره إلى وجعنا، محلياً ودولياً، بأنّنا لن نترك أبناءنا فريسة لصقيع الثلاجات ولمبضع سارق الأعضاء. هذه دعوتنا إلى العالم بأن يصحو من غفوته ويلتفت إلى ما يسبّبه الاحتلال من جرائم بحقّ الإنسانية جمعاء".

الصورة
تحرك في رام الله لأهالي الشهداء الفلسطينيين المحتجزة جثامينهم لدى الاحتلال 3 (العربي الجديد)
ثمّة 118 جثماناً لشهداء فلسطينيين في ثلاجات الاحتلال الإسرائيلي (العربي الجديد)

وفي الوقفة، وكذلك المسيرة التي جابت شوارع مدينة رام الله، والتي شارك فيها عشرات من أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم والمتضامنين معهم، رفع هؤلاء صور الشهداء المحتجزة جثامينهم ولافتات تطالب بالإفراج عنهم وتدويل قضيتهم.

وأطلق المشاركون بالتحرّك هتافات تشدّد على عدالة قضية أهالي الشهداء، وهتافات للشهداء عموماً، وأخرى لشهداء مجموعات "عرين الأسود" في نابلس (شمالي الضفة الغربية) وشهداء "كتيبة جنين". من بين تلك الهتافات: "من رام الله لجنين بنطالب بالجثامين"، و"هاي صرخات الأمهات الشهدا بالثلاجات"، و"لا أوّل ولا ثاني، يرحم روح الشيشاني"، و"يا جميل العموري جبنالك ورد جوري".

تجدر الإشارة إلى أنّ الاحتلال الإسرائيلي بدأ باعتماد سياسة احتجاز جثامين الشهداء بشكل ممنهج في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2015. وقد بلغ عدد الشهداء المحتجزة جثامينهم في مقابر الأرقام قبل ذلك 253 جثمان شهيد، فيما بلغ عدد جثامين الشهداء المحتجزة جثامينهم بعد ذلك وحتى اليوم 118 جثماناً في الثلاجات.

ذات صلة

الصورة
المشهد حول سجن "عوفر" قبيل ساعات من الإفراج عن أسرى بموجب صفق التبادل (العربي الجديد)

سياسة

دان نادي الأسير الفلسطيني، جريمة الإعدام الميداني التي نفّذها جيش الاحتلال بحق أربعة أسرى من غزة، مشيراً إلى أنها تشكّل جريمة حرب جديدة
الصورة
الحصص المائية للفلسطينيين منتهكة منذ النكبة (دافيد سيلفرمان/ Getty)

مجتمع

في موازاة الحرب الإسرائيلية على غزّة يفرض الاحتلال عقوبات جماعية على الضفة الغربية تشمل تقليص كميات المياه للمدن والبلدات والقرى الفلسطينية.
الصورة
دبابة إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 19 يناير 2024 (Getty)

سياسة

ظهرت منذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية، قبل نحو تسعة أشهر، تصريحات ومقاطع فيديو، لمسؤولين إسرائيليين وجنود أشارت إلى نيات الاستيطان في غزة.
الصورة
مكب نفايات النصيرات، في 21 مايو 2024 (فرانس برس)

مجتمع

يشكّل مكبّ نفايات النصيرات في قطاع غزة قنبلة بيئية وصحية تُهدّد بإزهاق الأرواح وانتشار العديد من الأمراض والأوبئة، وسط أوضاع إنسانية مأساوية..
المساهمون