"علاء.. أسير فلسطيني سابع خرج للقاء الشمس" وصف كتبته الأسيرة المحررة نجوان عودة على "فيسبوك"، وهو وصف يطابق فرار علاء، الذي أنجبته والدته الأسيرة المحررة أنهار الديك صباح اليوم الخميس في المستشفى الاستشاري شمال رام الله وسط الضفة الغربية، بعد أسبوع كامل على الإفراج عن والدته.
ستة أسرى فلسطينيين خرجوا الإثنين الماضي، عبر نفق أسفل سجن جلبوع الإسرائيلي، ولا يزال الاحتلال يبحث عنهم، أما السابع علاء الحجة، فخرج الخميس الماضي وهو لا يزال جنيناً في بطن أمه، بفعل حملة تضامن واسعة النطاق في داخل فلسطين وخارجها، إثر تعاطف كبير مع رسالة أمه أنهار، التي عبرت عن خشيتها من ولادته بعملية قيصرية في مشفى إسرائيلي وهي مكبلة وأن تعود بعد العملية مع وليدها إلى زنزانة لوحدهما.
تبدد كل الخوف، وانقلب إلى فرحة وطمأنينة بتكلل عملية الولادة القيصرية في المستشفى الفلسطيني بنجاح، وحول أنهار كانت والدتها وشقيقتها وزوجها وطفلتها جوليا، التي لم تتجاوز سنة وسبعة أشهر، تنادي جوليا على أمها بين الفينة والأخرى وترد أنهار "هل رأيت البوبو؟".
تلك اللحظات هي التي كانت تخشى أنهار أن تقضيها في السجن، ورغم أنها خرجت بقرار من محكمة الاحتلال، بعد تقديم طلب إخلاء سبيل ريثما يصدر الحكم بحقها بشكل نهائي، وكان القرار بشروط قاسية وهي كفالة مالية قدرها 40 ألف شيكل وإقامة جبرية في منزل ذويها، إلا أنها لم تتوقف عن تكرار الحديث عن صعوبة المقارنة بين وضعها الحالي بجانب عائلتها، وكيف كانت ستكون داخل السجن بعد العملية.
كان أهل أنهار يحرصون على راحتها في كل حركة، حتى أثناء دخول الصحافيين لعدم إزعاجها أو إطالة المكوث عندها أو التأثير على صحتها بعد العملية، وكانت هي تجيب بكل فرح على كل سؤال، وأجابت على سؤال "العربي الجديد" بالقول "إن الأمر كان ليكون أصعب كثيراً، قبل قليل كنت في غرفة العمليات، تخيلت لو كنت الآن في السجن وأنجبت في مستشفى إسرائيلي، وكنت تحت أيديهم، كيف سيكون شعوري، بقيت أتخيل الأمل طوال الوقت، وأحدث نفسي بالقول الحمد لله أنه أنعم عليّ بالفرج".
لحظة لم تكن تتوقعها أنهار، وتتوقع لو أنها بقيت لوحدها في تلك اللحظات وخاضت الولادة فسيكون كل شيء أصعب، خصوصاً وأن إدارة سجون الاحتلال كانت لتعيدها وطفلها علاء الذي سيكون أسيراً في تلك اللحظة، إلى زنزانة لوحدهما.
تقول أنهار: "إني بفرحة لا توصف، ولا يمكنني المقارنة بين الولادة بالقرب من أهلي، والولادة في السجن. شعوري اليوم جميل جداً، لا مقارنة بين أن أكون بين أبناء شعبي وكل من حولي أهلي والناس الذين تعودت عليهم، وأن أكون بين أيادي سجانين لا يعرفون الرحمة".
لم تنسَ أنهار الأسيرات اللواتي تركتهن خلفها، والأسرى جميعاً، فرحت لنفسها كما فرحت للأسرى الذين تحرروا من داخل سجن جلبوع، لم تنسَ ذلك بعد خروجها من غرفة العمليات، وتقول "إن الشعور بتحررهم رائع، خصوصاً أنهم خرجوا رغم السجان فهو بذلك مضاعف، صحيح أنهم لم يروا أهلهم وعائلاتهم، لكن كل الناس تدعوا لهم وتقف معهم الآن".
خارج غرفتها في المشفى يقول زوج أنهار، ثائر الحجة لـ"العربي الجديد": "إن وضعها كان يمكن أن يكون كارثياً لو أنها أنجبت في السجون الإسرائيلية، لن نكون بجانبها، ستكون لوحدها، وبعدما تنتهي العملية تُعاد إلى زنزانة كانت إدارة سجون الاحتلال خصصتها لها، خرجت بفضل كل الناس مجتمعين"، ويوصل الحجة رسالة بعد قصة النجاح بإخراج زوجته من السجن بفعل الضغط الشعبي، بضرورة تفعيل التضامن والضغط على الاحتلال من أجل الإفراج عن الأسرى.
أما والدة أنهار عائشة الديك فتقول لـ"العربي الجديد": "إن العائلة كلها تذوق فرحة لا حدود لها"، وتؤكد أن ابنتها كانت تخشى كثيراً أن تلد في السجن، وكان قلقها ينعكس على العائلة بتوتر كبير، لكنها أنجبت وهي وطفلها علاء بصحة جيدة.
علاء الذي أسماه والده على اسم صديقه الذي توفي قبل أعوام، جاء إلى الحياة حراً، في حين كان يريد الاحتلال أن ينجب أسيراً، أما والدته فتتوقع العائلة أن تكون بحالة نفسية أفضل بكثير، وهي التي كانت تخشى عليها من تأثيرات عملية الولادة في الأسر على وضعها النفسي، بسبب معاناتها قبل الاعتقال في مارس\ آذار الماضي، من اكتئاب ثنائي القطب، وستبقى أنهار تواجه محاكمة في محاكم الاحتلال العسكرية، فهي لم تحكم بعد وكانت موقوفة، وتمت الموافقة من المحكمة العسكرية على إخلاء سبيلها بكفالة لحين إصدار الحكم بحقها.