أنقاض الزلزال... خطط لتأهيل البنية التحتية وصيانة البيئة شمالي سورية

20 مايو 2023
تعامل الدفاع المدني السوري مع كميات هائلة من الأنقاض (عمر حاج قدور/ فرانس برس)
+ الخط -

بعد 100 يوم على الزلزال المدمر الذي ضرب منطقة شمال غربي سورية في 6 فبراير/ شباط الماضي، أنجزت فرق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) قسماً كبيراً من مهمات إزالة مئات آلاف الأمتار المكعبة من الأنقاض، وطبقت خطة لإعادة تدويرها بهدف التخفيف عن المجتمعات المحلية في المنطقة، ما لاقى تشجيعاً من السكان.
وبدأت عمليات إزالة الأنقاض ونقلها من الأحياء السكنية في المدن والبلدات المنكوبة بالزلزال، بموجب خطة أعلنها الدفاع المدني السوري في 9 مارس/ آذار الماضي. 

يقول نائب مدير الدفاع المدني السوري، منير المصطفى، لـ"العربي الجديد": "نريد إنعاش المجتمعات المتضررة واستعادة البنية التحتية كي يبدأ السكان في إعادة بناء حياتهم. ونستمر حالياً في أعمال إزالة ونقل الأنقاض في مدن وبلدات شهدت دماراً كبيراً من الزلزال، وشارفت عملياتنا على الانتهاء أو انتهت فعلاً في قرى وبلدات اعتبرت أقل تأثراً بالزلزال والهزات الارتدادية".
يضيف: "يتزامن نقل الأنقاض مع عملية إزالة الأبنية المتضررة والمتصدعة، وننفذ عمليات لفرز الأنقاض وتسليم ما يعثر عليه إلى الأهالي بالتنسيق مع المجتمعات المحلية تنفيذاً لإجراءات قانونية اعتمدت قبل بدء العمل، ويشرف فريق هندسي من الخوذ البيضاء على كل عمليات رفع الأنقاض وهدم المباني المتضررة ونقل الأنقاض وإزالة مخاطر الجدران المتصدعة، وكذلك على إعادة تدوير الأنقاض والخرسانة لاستخدامها في الطرقات الزراعية وأراضي المخيمات، وترميم الحفر، وردم مستنقعات المياه الملوثة والمكشوفة للحد من انتشار الأمراض والأوبئة وبينها الكوليرا وداء الليشمانيا".
ويتوقع المصطفى أن "تنتهي قريباً غالبية أعمال نقل الأنقاض وفق خطة الدفاع المدني السوري، لكننا قد نحتاج إلى وقت إضافي للتعامل مع مبان مصنّفة بأنها آيلة للسقوط وتحتاج إلى هدم بحسب تقييم اللجنة الهندسية. وقد أزالت فرق الخوذ البيضاء أكثر من 332.735 متراً مكعباً من الأنقاض ضمن 106 مجتمعات خلال الفترة بين 6 فبراير و16 إبريل/ نيسان الماضيين، واستخدمتها في فرش طرقات وأرضيات في مخيمات كي تكون أكثر صلابة ومقاومة للعوامل الجوية خلال فصل الشتاء، ما يضمن حلاً بيئياً مستداماً وفعّالاً للأنقاض، وأيضاً عدم تركها في المناطق المأهولة أو البعيدة من التجمعات السكنية، ومنع تحوّلها إلى بيئة للحشرات والقوارض، ويتوقع أن يتجاوز إجمالي كمية الأنقاض التي ستزال 350.000 متر مكعب، بحسب الخطة التي تنفذها فرقنا".

تدخل المنظمات المحلية والدولية أمر حيوي بعد تزايد حجم الدمار (عارف وتاد/ فرانس برس)
تدخل المنظمات المحلية والدولية أمر حيوي بعد تزايد حجم الدمار (عارف وتاد/ فرانس برس)

ويشير المصطفى إلى أن "عمليات المرحلة الثانية من خطة الاستجابة لكارثة الزلزال تشمل إزالة مخاطر المباني المتصدعة، وتأمين تلك الأقل تضرراً بالتزامن مع عمليات إزالة الأنقاض ونقلها، وهي تحصل في شكل متسارع مع الحرص على ضمان سلامة أهلنا المدنيين في المنازل والمباني المؤلفة من طوابق عدة التي تعد الأخطر، إضافة إلى هدم وإزالة مخاطر الجدران والأسقف المتصدعة في المدارس من أجل حماية الطلاب من أي خطر ينتج من احتمال سقوطها، خاصة خلال الفترة الماضية التي تشهد فيها مناطق شمال غربي سورية عواصف هوائية وهطول أمطار تزيد تهديد سقوط هذه المباني المتصدعة. وخلال هذه المرحلة جرى فرش 150.033 متراً مربعاً من الأراضي بحصى لإنشاء مخيمات ومراكز إيواء جماعية لمنكوبي الزلزال ضمن 151 تجمعاً، وفتح طرقات بطول 96711 مترا في 157 موقعاً، كما هدمت الجدران والأسقف المتداعية في 79 مجتمعاً محلياً لضمان سلامة المدنيين بعد الزلزال".
ويعتبر المصطفى أن "شمال غربي سورية يحتاج اليوم إلى بذل المنظمات المحلية والدولية المزيد من الجهود لرأب الفجوة الكبيرة التي أحدثتها الحرب ثم زادتها كارثة الزلزال التي تسببت في انهيار أكثر من 550 مبنى، وتضرر أكثر من 1570 أخرى في شكل جزئي وتصدّع آلاف أخرى، وتشرّد أكثر من 40 ألف عائلة منذ الساعات الأولى للزلزال، وتوجهها إلى مراكز إيواء مؤقتة. وتجاوز عدد المهجرين والمنكوبين من الزلزال مليونين يعيشون في مخيمات ومراكز إيواء تفتقر إلى الخدمات ومقومات الحياة وسط أزمة إنسانية غير مسبوقة تتطلب تنفيذ مشاريع للتنمية مستدامة تستهدف المجتمعات المتضررة وتساعد في إعادة بناء اقتصادات المجتمعات المحلية والقدرات، وتخلق فرص عمل إضافية تعتبر ذات أهمية كبيرة لتحقيق الاستدامة في التعافي، ما يعزز القدرة الذاتية على تأمين الاحتياجات، ويساهم في شكل فاعل وتدريجي في تخفيض الاحتياجات مستقبلاً".

الشمال السوري متضرر أصلاً من حرب النظام والروس (دليل سليمان/ فرانس برس)
الشمال السوري متضرر أصلاً من قصف النظام (دليل سليمان/ فرانس برس)

ويقول الناشط عدنان الطيب الذي يقيم في منطقة الدانا بريف إدلب الشمالي، لـ"العربي الجديد"، إن "كارثة الزلزال التي ضربت المنطقة قد تساعد في حل بعض المشاكل، علماً أن عدداً كبيراً من السكان كانواقد نزحوا إلى الدانا خاصة إثر الهجوم الأخير الذي نفذته قوات النظام السوري بدعم روسي إيراني على مناطق ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي وأجزاء من ريف حلب الغربي. وهذه المنطقة لم تكن مؤهلة لاستقبال هذا العدد من السكان". 
بدوره، يوضح عامر حمزة: "الأكيد أن خطة الدفاع المدني السوري للإفادة من الكميات الكبيرة جداً من الأنقاض جيدة، ويمكن أن تساعد في تجهيز طرقات ضمن المخيمات أو تابعة لمشاريع زراعية تقع بين قرى وبلدات. أواجه، على غرار ناس كثيرين، صعوبات في الوصول إلى البيت على متن سيارتي خاصة في الشتاء، ونرجو أن تهتم الجهات المعنية بهذا الأمر، وتوزيع الأنقاض على المنطقة. يسكن حوالى نصف مليون شخص في منطقة الدانا اليوم ويمكن أن تجهز السلطات الطرقات لاستيعاب آلاف المدنيين والسكان".

وعموماً، ساهمت مبادرة الدفاع المدني السوري في نقل الأنقاض، في مساعدة الأهالي على الإفادة مما تبقى من أنقاض منازلهم، ومنها الحديد. وتشير أمينة المصطفى من سكان مدينة الأتارب التي انهار بيتها جراء الزلزال، لـ"العربي الجديد"، إلى أن القضبان الحديدية التي استخرجها أفراد عائلتي من المنزل هي مصدر دخلنا الوحيد".
يذكر أن عدد الأسر المتضررة من الزلزال في مناطق شمال غربي سورية بلغ 334.821، وتجاوز عدد أفراد هذه الأسر 1.8 مليون بحسب إحصاءات نشرها فريق "منسقو استجابة سورية" في 11 إبريل الماضي.

المساهمون