قد تكون مشاكل الفم والأسنان، في أحيان كثيرة بمثابة تحذير، وفق ما يورد تقرير نشرته صحيفة "ذي ميرور" البريطانية، والذي ينقل عن مسؤول طب الأسنان في مركز صحي بالمملكة المتحدة، نيل سيكل، قوله إن "صحة الأسنان قد تكون خط الدفاع الأول في اكتشاف أعراض لمشاكل صحية أكبر في باقي أجزاء الجسم".
ويتحدث سيكل عن أن "أمراض الأسنان قد تعطي صورة واضحة عن الحالة الصحية للفرد، فالشفاه الزرقاء على سبيل المثال، تدل على ضعف الدورة الدموية، وأمراض اللثة عموماً قد تشير إلى مرض السكري".
يؤكد أخصائي طب الأسنان الدكتور حسين حطيط في حديثه لـ"العربي الجديد" أن العديد من الدراسات أثبتت العلاقة بين صحة الفم وصحة الجسم، إذ اكتشف الباحثون وجود صلة بين تدهور صحة الفم والصحة العامة". يضيف: "أولى العلامات التي تنذر بإمكان تأثر الصحة العامة هي تكاثر البكتيريا في الأسنان الذي قد يؤدي إلى حدوث التهابات في الفم، كما قد يكون مؤشراً إلى أمراض السرطان. واللافت أن البكتيريا قد تنتقل من الفم إلى كافة أنحاء الجسم في حال إهمال علاجها، ما يؤدي إلى أمراض تتعلق بالقلب. وقد نبهت الكثير من الدراسات إلى مخاطر أمراض القلب والشرايين وارتباطها ببكتيريا الفم".
ويذكر حطيط أيضاً أن "من الأمور المتعارف عليها، أن رائحة الفم تشير إلى وجود فطريات، وتنذر بوجود أمراض في الجهاز الهضمي. وتؤثر أمراض الفم بشكل أساسي في المرأة الحامل، فمن مضاعفات أمراض اللثة والأسنان، إمكان حدوث ولادة مبكرة، إذ تتأثر التغييرات في هرمونات المرأة الحامل بصحة الأسنان".
بحسب صحيفة "ذي ميرور"، يمكن أن يعرف أطباء الأسنان في كثير من الأحيان إذا كان المريض يعاني من مرض النهام أي الأكل بشراهة من خلال طريقة تلف الأسنان وتسوسها علماً أن من انعكاسات مرض النهام، أن الأشخاص قد يصابون بتقيؤ مستمر يترافق مع إخراج الكثير من أحماض المعدة تكفي لجعل طبقة المينا في الأسنان تتآكل.
الصحة النفسية
ورصدت دراسة أجراها موقع "ويب إم دي" الطبي الأميركي المتخصص في نشر الدراسات العلمية والصحية، تأثير صحة الأسنان على الصحة العقلية، "فالأسنان التالفة تجعل المريض يعاني من إحراج دائم من الابتسام أو حتى الحديث، فيغرق في الانطوائية ويتجنب الاحتكاك بالناس".
وتشير صحيفة "ّذي ميرور" إلى أن الكثير من الأفراد يعانون من مشكلة صرير الأسنان التي تنتج غالباً من الإجهاد والقلق. من هنا تشدد أخصائية طب الأسنان الدكتورة سوزي لويد في أن مشكلة صرير الأسنان يجب أن يعالجها أخصائي نفسي قبل طبيب الأسنان.
ترى أخصائية الطب النفسي، الدكتورة ريم الحركة، في حديثها لـ"العربي الجديد" أن المشاكل النفسية قد تؤثر في صحة الأسنان، وبالتالي في الصحة الجسدية. وتقول: "في كثير من الأحيان، يتناول مرضى الاكتئاب كميات كبيرة من الأطعمة الضارة، أو مشروبات تحتوي على نسب مرتفعة من السكريات، أو يفرطون في التدخين، ما يؤدي إلى زيادة أمراض اللثة والأسنان. وقد يتوقف نهائياً بعض الأشخاص المصابين باضطرابات نفسية عن تناول الطعام، فيحصل نوع من ضعف في حركة الفم والفك، كذلك ضعف وهذيان في الجسم".
ويشرح موقع "ويب إم دي" أن "مشكلة الانقطاع عن الأكل بسبب الاضطرابات النفسية لها تأثيرات بالغة الخطورة تتعدى فكرة ضعف الفك والأسنان، لأن الانقطاع عن الطعام، يعني فقدان الكثير من المعادن والفيتامينات، وفي مقدمها انخفاض مستويات الكالسيوم التي تعد العنصر الأساسي لصحة الإنسان، إذ يمكن أن يؤدي فقدان الكالسيوم إلى إضعاف الطبقة السطحية للمينا".
العناية الوقائية لصحة الفم
ويشدد حطيط على ضرورة تذكير الأفراد بزيارة طبيب الأسنان على الأقل مرتين سنوياً، "إذ يمكن أن تكشف هذه الزيارة الكثير من الأمراض، كما تسمح بإجراء عملية تنظيف شاملة للفم والأسنان، وإزالة طبقات الجير المؤذية".
وينصح أيضاً "بضرورة الاهتمام بصحة الفم واللثة من خلال استخدام المطهرات، وفي حال عدم وجود هذه المطهرات يمكن ببساطة استخدام الماء والملح الذي يستطيع محاربة البكتيريا في الفم. ولا بدّ من غسل الأسنان مرتين في اليوم، مع تنظيفها باستخدام الخيط الذي يساعد في خفض الاحتقان داخل اللثة. وكخلاصة، لا يمكن إهمال صحة الأسنان، وفي حال حدوث وجع في الفم، لا بدّ من زيارة الطبيب فوراً".
وتفيد منظمة الصحة العالمية بأن "أمراض الفم تتزايد في معظم البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، لأسباب عدة بينها عدم التعرض إلى قدرٍ كافٍ من الفلوريد في إمدادات المياه ومنتجات نظافة الفم مثل معجون الأسنان، وتناول أغذية تحتوي على نسبة عالية من السكر، ونقص توافر خدمات رعاية صحة الفم في المجتمعات المحلية. وقد أدى تسويق الأغذية والمشروبات الغنية بالسكر والتبغ والكحول، إلى تزايد استهلاك المنتجات التي تسهم في الإصابة بأمراض صحة الفم وغيرها من الأمراض غير السارية".