أكثر من خمسين ألف قاصر مفقودون في أوروبا

11 يونيو 2024
تمكن من الوصول إلى فرنسا من دون ذويه (نيكولاس توكات/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تتزايد أزمة اختفاء اللاجئين القصر غير المصحوبين بذويهم في أوروبا، مع تضاعف أعدادهم وقلق السلطات الأوروبية، وتشير التقارير إلى أن الجهود لتسجيلهم وتبادل المعلومات حول مصيرهم غير كافية.
- يعاني اللاجئون القصر من ظروف صعبة في مراكز الإيواء، مما يدفع العديد منهم لمغادرة المرافق بحثًا عن حياة أفضل، ما يزيد من خطر تعرضهم للاستغلال.
- تعمل السلطات الأوروبية والمنظمات الدولية على تحسين الأوضاع بتقليص فترات الانتظار وتعزيز التعاون لتبادل المعلومات وتطوير نظام موحد لتسجيل القصر لتوفير حماية أفضل وتسهيل العثور على المفقودين.

لا يزال كابوس اختفاء اللاجئين القصر غير المصحوبين بذويهم يشغل السلطات الأوروبية، مع تضاعف أرقامهم على مر السنوات الأخيرة نتيجة تفاقم أزمة الهجرة إلى أوروبا. ما يفتح الباب أمام العديد من النقاشات السياسية والاجتماعية، وتفيد وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء بأنه ما من جهود أوربية حالياً لتسجيل هؤلاء، أو تبادل المعلومات حول مصيرهم.
ويشير مختصون إلى وجود عجز كبير في جمع البيانات عن اللاجئين القصر، ويوضح خبراء تحدثوا إلى شبكة "إيه آر دي" الإخبارية، أن العديد من الأشخاص يغادرون منشآت سكنهم لأنهم غير راضين عن الإجراءات التي تستغرق وقتاً طويلاً، أو أنهم يأملون بمساعدة أسرع في بلدان أخرى، أو ربما المكوث لدى أقارب أو أصدقاء في بلدان أوروبية أخرى. 

وتبين الشبكة نقلاً عن الخبيرة في خدمة رعاية الأطفال والقصر تيريزا كايل، أن طبيعة حياة هؤلاء المراهقين مربكة، لا سيما وأنهم مضطرون، وفي أحيان كثيرة، إلى الانتظار فترات طويلة بعد إيوائهم في مكاتب رعاية الشباب إلى حين الحصول على استشارة أولية، قبل توزيعهم على البلديات وتأمين مقاعد لتعلم اللغة أو الدراسة والتدريب في مهنة معينة. وخلال فترة الانتظار، يعيشون في أماكن إقامة كبيرة، وغالباً ما تكون مخصصة لأكثر من شخصين في غرفة واحدة، ومن دون قدر واسع من الخصوصية أو فرض رقابة على التواصل الخارجي الآمن. ويعمد هؤلاء إلى مغادرة هذه المرافق بعيداً عن رقابة السلطات. وفي مراحل معينة، خفضت معايير الرعاية بسبب نقص الموظفين. 
وتشدد كايل على أن هؤلاء الأشخاص المفقودين سيواجهون عواقب ومخاطر جسيمة، ومن الممكن أن يقعوا أيضاً في أيدي المنظمات الإجرامية، كما يمكن أن يُستغلوا أو يتعرضوا لاعتداء جنسي. 
بدورها، تبيّن هيلين ساندرماير من الرابطة الفيدرالية للاجئين القصّر غير المصحوبين بذويهم، أن التأخير في الإجراءات يدفعهم إلى التفكير بأن الأمور قد تكون أفضل في أماكن أخرى، في ظل غياب التوجيه الصحيح من قبل المتخصصين. ويمضي هؤلاء قدماً من دون أن يعرف أحد عن وجهتهم، وقد يقعون ضحية وعود مالية زائفة أو غيرها من الإغراءات. أما مقدمو الخدمات في مرافق الرعاية فملزمون بالإبلاغ عن كل شخص مفقود. 
ولمواجهة هذا الواقع في ألمانيا، وبعدما كانت المقابلات الأولية التي يفترض أن يخبر فيها اللاجئون القصر عن أعمارهم والأماكن التي قدموا منها وتلك التي يرغبون في التوجه إليها تستغرق أشهراً طويلة، عمدت إدارة مجلس الشيوخ في برلين إلى تعيين موظفين إضافيين لتقليص فترة الانتظار إلى نحو أربعة أشهر. وتشير الأرقام إلى أن أعداد المفقودين في دول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى مولدوفا والنرويج والمملكة المتحدة وسويسرا وصلت بحسب "إيه آر دي" أخيراً إلى نحو 51433 قاصرا لاجئا، ولا علم للسلطات بمكان وجودهم. 

يحلم ببدء حياة خالية من المعاناة (فاليريا فيرارو/ الأناضول)
يحلم ببدء حياة خالية من المعاناة (فاليريا فيرارو/ الأناضول)

وبحسب شبكة الصحافيين الدوليين التي تضم العديد من المؤسسات الصحافية والإعلامية، فقد زادت الأعداد منذ صدور آخر البيانات عام 2021 بنحو 19292 لاجئاً، بينهم 792 في ألمانيا. وتبين شبكة إعلامية ألمانية أخرى أنه في برلين وحدها اختفى خلال السنوات الثلاث الماضية 286 من اللاجئين القصر، بينهم 62 شخصاً لا يزال البحث عنهم مستمراً.
علاوة على ذلك، تبين صحيفة "هويته" النمسوية اليومية أن أكبر عدد من القصر المفقودين غير المصحوبين بذويهم كان في إيطاليا، حيث تم تسجيل 22899 قاصراً بين عامي 2021 و2023، تبعتها النمسا بحوالي 20077 قاصراً، ثم بلجيكا التي تعتبر مجرد بلد عبور، وقد وصل عدد القصر فيها إلى 832 خلال العام الماضي. وفي ألمانيا، تم تسجيل 2005 قاصرين وفي سويسرا 1226. 
من جهة أخرى، فإن دولاً مثل إيطاليا والنمسا لديها آلاف مفقودين، في حين لم تفد بلدان مثل إسبانيا واليونان بمعلومات دقيقة عن الأطفال والمراهقين من المفقودين، ومعظمهم من دول أفغانستان وسورية والعراق والصومال. والأعداد قد تكون أكبر لا سيما وأن البيانات غير كاملة.
ما من ضوابط حدود واضحة في منطقة شنغن (تضم 27 دولة أوروبية)، وهو ما يزيد من احتمال أن يصبح القصر ضحايا الاتجار بالبشر. وقد اعترف أحد القصر أمام المحكمة في ولاية سكسونيا بأنه تم تجنيده من قبل المهرب الذي نقله إلى ألمانيا قبل عامين. 
وتقول المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية، إيلفا يوهانسنن، إن نظام الهجرة معطل في أوروبا، وسيصار إلى تحسين الأوضاع في المرحلة المقبلة، وخصوصاً بعد إقرار ميثاق الهجرة الجديد. تضيف أنها تلقت التزاماً من جميع دول الاتحاد الأوروبي بأنها ستعتمد نظام التسجيل الموحد للاجئين القصر غير المصحوبين بذويهم، الأمر الذي يجب أن يؤدي إلى حماية أفضل بكثير لهؤلاء القصر، وإمكانية بدء إجراءات ضد الدول في حال حصول انتهاكات. مشيرة إلى أن أكثر من نصف اللاجئين حول العالم هم من الأطفال والقصر.

وحتى الآن، ما من نماذج موحدة يتم بموجبها تخزين وتبادل المعلومات المتعلقة بالقصر الذين تم قبولهم ثم اختفوا. وعليه، إذا لم تقم البلدان المعنية بمقارنة بياناتها من خلال السجل المركزي للأشخاص المفقودين في منطقة شنغن، سيظل هؤلاء مفقودين رسمياً حتى لو كانوا يعيشون بأمان. 
وفي وقت قد يساهم نظام معلومات شنغن في العثور على بعض الأطفال، يرى ناشطون في مجال العمل الاجتماعي أنه بعد إدخال نظام التسجيل الموحد للاجئين القصر حيز التطبيق، يتعين على دول الاتحاد الأوروبي العمل على تهيئة ظروف أفضل وتسهيل العثور على جهات الاتصال والأوصياء. 

وتقول الأمينة العامة لمنظمة الأطفال المفقودين في أوروبا، آيجي ليفن، لفريق البحث الدولي "ضائعون في أوروبا"، الذي يضم صحافيين من دول أوروبية عدة، إن تزايد عدد القصر المفقودين مثير للقلق، واصفة الأمر بالجبل الجليدي الضخم الذي يلوح في الأفق ولا يمكن ضبط تداعياته. أما صوفيا محجوب من منظمة "شايلد فوكوس"، فتقول إن المطلوب نظام مركزي على المستوى الأوروبي هدفه الوحيد العثورعلى الأطفال المفقودين. ولتحقيق ذلك، يتعين على أجهزة الشرطة في أوروبا العمل مع بعضها البعض بشكل أوثق. 

المساهمون