"تأثر الأشخاص المعوقون ولا يزالون بكل المتغيّرات التي تشهدها الساحة السياسية في أفغانستان. إنهم ضحايا الحرب والتجاذبات السياسية والعرقية والاجتماعية". هذا ما يقوله الأكاديمي لطف الله حفيظ عن وضع الأشخاص المعوقين في البلاد التي استعادت حركة "طالبان" الحكم فيها قبل ثلاثة أشهر.
يوضح لطف الله أن "المعضلة الأساسية تتمثل في أن هذه الفئة ليست ضحية الحرب فقط، بل مهمّشة من الحكومات المتعاقبة والمجتمع الدولي. ورغم أن أموالاً كثيرة ضخّت في أفغانستان لمساعدة المحتاجين خلال العقدين الماضيين، لا تزال هذه الشريحة تعاني في الحصول على المقومات الأساسية للحياة".
ومن أجل إيصال صوتهم إلى المجتمع الدولي وسلطات "طالبان" اجتمع في 8 من ديسمبر/ كانون الأول الجاري عشرات من الأشخاص المعوقين في مدينة مزار شريف عاصمة ولاية بلخ (شمال)، وناشدوا المجتمع الدولي والمؤسسات المعنية بحقوق ذوي الإعاقة والمعوزين اتخاذ خطوات عاجلة وفاعلة للتصدي للحالات المأساوية البشعة التي يواجهونها.
وقال رئيس نقابة الأشخاص المعوقين في مدينة مزار شريف، أنيل أكبري، في كلمة، إن "الأشخاص المعوقين يواجهون مشاكل كثيرة في ظل حرمانهم من كل مقومات الحياة، فمعظمهم بلا رواتب ولا يتلقون مساعدات، ولا تتوافر لهم رعاية صحية وتعليم، لذا يجب أن تتخذ الحكومة خطوات عاجلة وفاعلة لانتشالهم من الإهمال الكامل".
أضاف: "التغيرات الأخيرة على صعيد انهيار الحكومة السابقة وسيطرة طالبان على الحكم أثرت على حياة الأشخاص المعوقين الذين تتجه أنظارهم الآن إلى المجتمع الدولي للتحرك والعمل لأجلهم، لأنهم عاجزون عن كسب لقمة عيشهم. ومع بدء موسم الشتاء يحتاجون على غرار أهاليهم إلى وسائل تدفئة".
وقال راز محمد بلال، وهو من الأشخاص المعوقين لـ"العربي الجديد": "أغلقت مؤسسات إنسانية كانت تعنى بالأشخاص المعوقين أبوابها بعد التغيّرات السياسية الأخيرة. وهي كانت توفر جزءاً من المواد الغذائية لنا، الأمر الذي بات مفقوداً بالكامل. من هنا نطالب حكومة طالبان أولاً والمجتمع الدولي ثانياً بتهيئة فرص فتح هذه المؤسسات أبوابها مجدداً لمساعدتنا، فنحن في حاجة ملحة جداً لمواد غذائية، إضافة إلى وسائل تدفئة، لأن الوقاية من برد الشتاء أمر ضروري جداً لنا، علماً أن ظروف موسم الشتاء صعبة جداً في أفغانستان".
وفيما لا تزال اللجنة السويدية إحدى المنظمات القليلة التي تواصل عمليات الاهتمام بشؤون الأشخاص المعوقين في أفغانستان، أبلغ مسؤول فرعها في منطقة شمال أفغانستان نجيب الله يزدان المشاركين في اجتماع مزار شريف، أن تجميد الأصول الأفغانية أثر سلباً على الوضع المعيشي في أفغانستان، ودفع الأشخاص المعوقون ثمناً باهظاً لذلك. من هنا لا بدّ من تقديم مساعدات عاجلة لهم، علماً أن الحرب في أفغانستان زادت عددهم سنوياً، بينما كان حجم المساعدات محدوداً".
وخلال الاجتماع نفسه، قال رئيس إدارة الشؤون الاجتماعية في الحكومة المحلية الملا عبد الغفور حقاني إن "الحكومة تعمل رغم مواجهتها مشاكل مدوية لتحسين أوضاع الأشخاص المعوقين، ولديها خطط لإتاحة فرصة العمل وتوفير رعاية صحية لهم".
وفي مبادرة مماثلة، اجتمعت مجموعة من الأشخاص المعوقين في مدينة كرديز عاصمة ولاية بكتيا (جنوب) في الرابع من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، وطالبوا بدورهم حكومة "طالبان" والمجتمع الدولي بالاهتمام بأحوالهم المزرية. ودعا مشارك يدعى روح الله خان فقد رجله في انفجار لغم أرضي خلال عمله كشرطي في الولاية ذاتها، إلى إتاحة فرص عمل مناسب للأشخاص المعوقين بدلاً من توزيع مساعدات عليهم. وأشار إلى أن الحرب خلّفت أعداداً كبيرة من الأشخاص المعوقين في البلاد، ولا بدّ أن تملك الحكومة خططاً مناسبة لمساعدتهم على تخطي أوضاعهم الاجتماعية الصعبة، ومشاكلهم النفسية أيضاً.
أما رئيس مؤسسة دعم الأشخاص المعوقين عبد الخالق زازي فقال: "نعمل في شكل متواصل لدعم هذه الشريحة المهمّشة، لكن وسائلنا شحيحة، ما يحتم حصر مهماتنا حالياً بتقديم دعم معنوي لأفرادها كي يكون لهم مواقع مناسبة في المجتمع، ويواصلوا مسيرة حياتهم في شكل لائق. كما نلعب دوراً في مدّ الجسور بينهم وبين المؤسسات الإنسانية التي تعنى بهم".