على الرغم من المطالبة بفتح مدارس الفتيات (من الصف السادس وحتى الصف الـ 12)، إلا أن حكومة حركة "طالبان" ما زالت تتمسك بموقفها السابق وهو إبقاؤها مغلقة إلى أجل غير معلوم، من دون تقديم مبررات مقنعة للأفغان، أو حتى إعطائهم أملاً في احتمال تغيير موقفها، الأمر الذي أثر سلباً على التلميذات وذويهن، وإن كان كثيرون يفضلون ترك البلاد وتعليم بناتهم في الخارج.
لجأ محمد نصرت الله إلى الاستعانة بمعلمة لابنته حفصة في المنزل لدراسة مقررات الصف العاشر، لافتاً إلى أن البعد عن المدرسة له تبعات نفسية على ابنته. ويوضح أنها ما زالت تذكر زميلاتها ومدرّساتها، وتراقب الأخبار بشكل يومي عل
طالبان تسمح للفتيات بالذهاب إلى المدارس. يومياً، تزداد مشاكلها النفسية الأمر التي بات يؤرق جميع أفراد الأسرة.
وليست حفصة وحدها التي تعاني من هذه الحالة السيئة بل جميع فتيات العائلة وعددهن سبع. ويقول لـ "العربي الجديد": "كل آمالنا معقودة على أطفالنا، وحرمان الفتيات من التعليم يجعلنا في حالة نفسية واجتماعية سيئة للغاية. من هنا، نطالب حكومة طالبان بإيجاد حل عاجل للقضية. لا نريد أن تكون بناتنا محرومات من التعليم. وفي حال ستوافق حكومة طالبان على السماح للفتيات بالذهاب إلى المدرسة بعد عام من الآن، فلماذا لا تسمح بذلك اليوم؟ إن حكوماتنا نمر بحالة نفسية سيئة للغاية وإن من أسباب هروب الكثير ممن لديهم أموال من البلاد هو حرمان بناتهم من التعليم.
من جهته، يقول الطبيب نعمت الله منور لـ "العربي الجديد" إن إحدى بناته تدرس في الصف التاسع والثانية في الصف العاشر، و"كلتاهما محرومتان من التعليم في الوقت الحالي، وتبقيان في المنزل وتتشاجران مع بعضهما البعض ومع والدتهما. والأسوأ هو جهلهما بمستقبلهما". ويطالب حكومة طالبان بإعادة فتح المدارس، أو منح أفراد الأسرة جوازات سفر كي يتمكنوا من الخروج من البلاد لضمان متابعة ابنتيه تعليمهما. ويوضح أنه "حتى لو كان الانتقال إلى أوروبا أو أميركا صعباً، يمكنه العيش في باكستان أو إيران، معرباً عن استعداده لتحمل كل شيء لتعليم ابنتيه. هذا رأسمالنا الحقيقي".
وتدعو مختلف الشرائح الأفغانية "طالبان" إلى فتح مدارس البنات إذ إن لها تأثيرات كبيرة على نفسيات الطالبات وآبائهن وذويهن، لكن طالبان ما زالت تصر على موقفها من دون تقديم مبرر وجيه، رغم أنها تكرر الوعد بفتح المدارس في حال سمحت لها الفرصة.
ويقول عضو اللجنة الثقافية في حكومة "طالبان" إنعام الله سمنغاني لـ "العربي الجديد": "لا يمكن إبقاء مدارس الفتيات مغلقة إلى أمد طويل، وقد تعهدت حكومة طالبان بفتح تلك المدارس وفق الشريعة الإسلامية وهي في صدد وضع آلية لذلك، وستنتهي تلك القضية في القريب العاجل". ويؤكد أن "حكومة طالبان تدرك جيداً أن القضية تستغلها بعض الجهات المغرضة لإطلاق حملة إعلامية ضدها، وهي تنتبه إلى القضية بشكل جيد، إلا أن الهدف هو إيجاد حلول مناسبة من الجذور"، مشيراً إلى "ضرورة توفير الميزانية اللازمة لفتح مدارس الفتيات وخصوصاً المدارس الحكومية، لأن كل ميزانية تلك المدارس على عاتق الحكومة بينما المدارس الخاصة لا تحتاج سوى لآلية وهو سيكون في القريب العاجل".
وتتكرر وعود المسؤولين في حكومة "طالبان" حيال القضية، على الرغم من كونها إحدى العقبات لانتزاع الاعتراف الدولي بالحكومة. وما زالت تماطل وترفض السماح للمدارس بفتح أبوابها، في حين أن جميع أعباء تلك المدارس تقع على عاتق أصحابها وليس حكومة طالبان. كما أن المؤسسات الدولية المختلفة، على رأسها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) كانت قد وعدت بدفع رواتب أساتذة جميع المدارس، وهذا ما تفعله في مدارس البنين والبنات من الصف الأول حتى الخامس.
وتقول الناشطة سميرة محمد عادل لـ "العربي الجديد": "هناك نتيجة واحدة، وهي أن نصف المجتمع الأفغاني يتأثر بما تقوم به طالبان من إغلاق مدارس الفتيات. والغريب أن الحركة نفسها سمحت للجامعات الخاصة والحكومية بفتح أبوابها للفتيات، لكنها تمنعهن من الذهاب إلى المدارس. الأمر غير منطقي وغير واقعي. وكانت حكومة طالبان تقول بداية إنها تحتاج إلى بعض الوقت. مضى 11 شهراً إلا أن طالبان ما زالت تكرر تلك الأمور، في حين أن مواصلة السياسة ذاتها تخلق فجوة أكبر بين طالبان والشعب الأفغاني وبينها وبين المجتمع الدولي. من هنا، نأمل أن تلبي حكومة طالبان مطلب الشعب والمجتمع الدولي إذ إنه في صالح الجميع".