تؤكد تقارير أن حكومة "طالبان" الأفغانية نجحت إلى حد كبير بمساعدة مؤسسات خيرية محلية وأثرياء في احتواء تداعيات زلزال 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، وأوصلت الاحتياجات الضرورية للمنكوبين في ولاية هرات (غرب)، مثل الخيام والدواء والأدوات المنزلية والغذاء، لكن المعضلة الأساس أن المنطقة المنكوبة تشهد طقساً بارداً، في وقت يقترب موسم الشتاء، ما يعني أن الخيام والمخيمات المؤقتة التي أنشأتها الحكومة والمؤسسات الخيرية لن تكون مجدية.
يقول خير محمد، أحد وجهاء مديرية زنده جان المنكوبة بالزلزال، لـ"العربي الجديد": "بعدما واجه الناجون كارثة فقدان أقاربهم وإصابة آخرين بجروح، يعانون حالياً من مشكلة تدمير منازلهم التي يقدّر عددها بـ10 آلاف. وفعلياً لا يستطيع أحد أن يعيش في الخيام التي وزعتها الحكومة والمؤسسات الخيرية، خصوصاً أنه لا يمكن النوم فيها حالياً إذا لم تتوفر فيها أغطية سميكة، والبرد يزداد يوماً بعد يوم، ما يعني أن الحاجة ماسة إلى منازل وأماكن إيواء مناسبة، وليس فقط إلى خيام".
إلى ذلك، يقول رئيس مؤسسة "إحساس" الخيرية عبد الفتاح جواد لـ"العربي الجديد": "يحتاج منكوبو الزلزال إلى منازل وأسقف تقيهم برد الشتاء القارس في أفغانستان، وبالتالي من فاجعة جديدة تتمثل في التعرض لتهديدات أمراض الشتاء والبرد التي تصيب الأطفال والناس الضعفاء من الشيوخ وكبار السن. ولا ننسى أن المنكوبين خسروا أيضاً محتويات منازل وملابس شتوية وغيرها، وجميعهم سيطلقون حياتهم من الصفر، خصوصاً أن المساعدات التي تلقوها حتى الآن كانت للبقاء أحياء وعلاج الجرحى ودفن الأموات، لكن الحياة نفسها تحتاج إلى أشياء كثيرة، وفي مقدمها بناء منازل وتوفير محتوياتها، ما يتطلب توفير مبالغ مالية كبيرة، من هنا يجب أن تنسق الحكومة والمؤسسات الخيرية والمجتمع الدولي عمليات بناء منازل وإعادة توفير المحتويات التي خسرها المنكوبون".
من جهته، يقول الناشط عنايت الله خان لـ"العربي الجديد": "منكوبو الزلزال قرويون ومزارعون صمموا منازلهم من طين وطوب، لذا لا تحتاج إعادة بنائها إلى تكاليف ومبالغ كبيرة. وحكومة طالبان أظهرت الإرادة المطلوبة لفعل ذلك بعدما نجحت في التعامل مع المرحلة الأولى من كارثة الزلزال، ليس لأنها تملك كوادر عملية أو تجربة، بل لأنها مخلصة مع الشعب. وهذا ما أكدته زيارة نائب رئيس الوزراء الملا عبد الغني برادر، مع وفد ضم وزراء ومسؤولين، المنطقة المنكوبة حيث التقوا متضررين، وكذلك تعامل الموظفون والمسؤولون في شكل جيد مع مهمات الإغاثة والإنقاذ. من هنا يمكن القول إن السلطات قادرة على التعامل مع قضية المنازل لكنها قد لا تملك الإمكانيات الكبيرة المطلوبة، وتحتاج بالتالي إلى مساعدة المجتمع الدولي وأثرياء وتجار البلاد".
وخلال زيارته المنطقة المنكوبة في 8 و9 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، قال الملا برادر إن "تجار وأثرياء أفغانستان داخل البلاد وخارجها وعدوا الحكومة بتقديم مبالغ ضخمة لإعادة إعمار منازل المتضررين، وستشرف لجنة تضم مسؤولين من ولاية هرات على الموضوع، في حين ستتولى الحكومة إعادة إعمار ألف منزل في مرحلة أولى، قبل تقييم احتياجات الناس بحسب المعطيات الجديدة".
وحين زار وفد من بنك "عزيزي" المنطقة المنكوبة، طالب السكان بإعادة إعمار المنازل، وصرف مبلغ 200 مليون أفغانية (2.6 مليون دولار) الذي أعلنه رئيس البنك لمساعدة المتضررين على تشييد منازل تعتبر حاجة أساسية وملحة لا يمكن العيش من دونها.
وكان القيّمون على المستشفى التابع لمنظمة "أطباء بلا حدود" في هرات طالبوا مصابين بالذهاب إلى منازلهم بعدما انتهوا من تلقي العلاج لكنهم رفضوا بحجة أنهم لا يستطيعون العيش في خيام أو تحت السماء، ويريدون بالتالي البقاء في المستشفى حيث يتواجد سقف.
وتقول الأمم المتحدة إن الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق في ولاية هرات السبت الماضي ألحق أضراراً كبيرة بـ11 قرية يسكنها نحو 12 ألف شخص، كما دمر 1700 منزل، أما عدد القتلى فتجاوز 2500.