في السادس عشر من الشهر الجاري، وقّع الرئيس الأفغاني أشرف غني على مرسوم يتضمّن تسجيل اسم الوالدة في الهوية الإلكترونية، التي بدأ اعتمادها في البلاد منذ أكثر من عام. وكان توزيع الهوية الإلكترونية قد شهد جدلاً كبيراً يتعلق بإضافة العرق، وخصوصاً بين الرئيس الأفغاني أشرف غني والرئيس التنفيذي السابق للحكومة الحالية، ورئيس المجلس الأعلى الوطني للمصالحة الأفغانية عبد الله عبد الله، قبل أن يتم التوافق على إضافة العرق.
من جهة أخرى، أثارت نائبات في البرلمان وناشطون وناشطات في المجتمع المدني قضية تسجيل اسم الأم في بطاقة الهوية، ما دفع الحكومة إلى دراسة الأمر. وقبل فترة، أمر الرئيس الأفغاني اللجنة الحقوقية في الحكومة، التي يترأسها النائب الثاني للرئيس الأفغاني سرور دانش، بالنظر في القضية، مطالباً بتعديل الدستور.
وفي بداية الشهر الماضي، قررت اللجنة تعديل الدستور وتسجيل اسم الوالدة في الهوية الإلكترونية، وقدمت القضية إلى البرلمان الذي صادق عليها. كما أيّد مجلس الوزراء تعديلات اللجنة الدستورية. وشهد القرار ردود فعل متضاربة. وكانت لجنة حقوق الإنسان أول من رحب بالقرار، معتبرة ذلك خطوة لتحسين واقع المرأة في المجتمع. كذلك رحبت به ناشطات ونائبات في البرلمان. وقالت الإعلامية السابقة والنائبة في البرلمان مريم سما، في مؤتمر صحافي في كابول، إنّ القرار يعدّ نجاحاً كبيراً، ونهاية لمسيرة استغرقت شهوراً عدة، مشيرة إلى أن القرار يؤكد أن الشعب الأفغاني يقبل التطور وهو مستعد للتغير والقضاء على الأعراف التي وقفت في وجه تقدمه، وتحديداً في ما يتعلق بالمرأة.
إلا أن القيادي السابق في حركة طالبان، وهو رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حكومة طالبان المولوي قلم الدين، قال في مؤتمر صحافي في كابول، إن المشروع غربي والهدف منه إشغال المواطنين بقضايا هامشية لا تسمن ولا تغني من جوع. أضاف أن العشرات يقتلون يومياً وهو ما لا تأخذه الحكومة على محمل الجد، وتصرّ على تسجيل اسم الوالدة في الهوية.
في هذا الإطار، عُقد اجتماع بين قلم الدين والقيادي السابق في طالبان ووزير العدل في حكومتها يد أكبر آغا، إضافة إلى عدد من علماء الدين وزعماء القبائل في ولاية هرات، غربي أفغانستان، في التاسع عشر من الشهر الجاري لمناقشة القضية وكانت النتيجة رفض قرار الحكومة. واعتبر آغا أن تسجيل اسم الأم مخالف للأعراف الأفغانية، وخيانة لأعراف القبائل.
ويقول آغا لـ "العربي الجديد" إن القضية مهمة، لا سيما أنها تأتي في هذا التوقيت الحساس، إذ إن المفاوضات مع طالبان متواصلة في ظل استمرار الحرب، موضحاً أن الحكومة تسعى من خلال هذه القرارات إلى إشغال الناس بهذه القضايا والتقرب إلى الغرب، وإثارة حفيظة طالبان لأن الفرصة متاحة لأن تدخل طالبان في منظومة الحكم. بالتالي، كان عليها تجنب أي خطوة مستفزة.
يضيف آغا أن المرأة الأفغانية مظلومة من دون شك، وتعدّ ضحية خلال حرب استمرت أربعة عقود. لكن لا بد من ترتيب الأولويات لتحسين حالتها، وبالتالي إنقاذها من الواقع المأساوي الذي تعيشه، مشيراً إلى وجود مئات آلاف الأرامل اللواتي يحتجن إلى مأوى، وأطفالهن في حاجة إلى تعليم. ويسأل: "ماذا تريد الحكومة من جراء هذا القرار؟ وماذا ستجني منه المرأة الأفغانية؟ وهل يمكن أن تتحسن أحوال المرأة بمجرد تسجيل اسم الأم في الهوية؟".
في المقابل، تقول الناشطة والأستاذة الجامعية شايسته يوسفي لـ "العربي الجديد"، إنه لا علاقة للموضوع بالأعراف. وفي حال كان كذلك، يجب تغيير الأعراف التي تتسبب في تأخر المجتمع. تضيف: "الإنسان يولد من أب وأم. وكما يذكر اسم الأب، لا بد من ذكر اسم الأم، وهو أمر مرحب به لدى جميع أطياف الشعب، ولا تعارضه سوى مجموعة صغيرة".
وتقول يوسفي إن بعض الأفغانيات محاصرات بسبب الأعراف والتقاليد، كما أنهن محرومات من التعليم والكثير من الحقوق. هؤلاء لا تعنيهن قرارات كهذه. إلا أن المرأة المثقفة والمتعلمة ستشعر بالاعتزاز عندما ترى اسمها أو اسم أمها في الهوية، وستساعدها هذه الخطوة في رفع صوتها من أجل الحصول على حقوقها. وترى أن الخطوة بداية جيدة لتحسين وضع المرأة، والتخلص من الأعراف التي تسببت في عرقلة مسيرتها منذ عقود.