أفغانستان: "طالبان" قتلت مواطنين من الأقليات فأججت المخاوف

20 اغسطس 2021
الوجود المسلّح وحده كفيل بإثارة الخوف (وكيل كوهسار/ فرانس برس)
+ الخط -

كشفت "منظمة العفو الدولية" أنّ مقاتلي "طالبان" عذّبوا وقتلوا أفراداً من أقلية عرقية في أفغانستان بعد اجتياح قريتهم أخيراً، الأمر الذي أثار مخاوف من فرضهم مرّة أخرى حكماً قاسياً في البلاد، حتى عندما حثّوا الأئمة على نشر رسالة الوحدة في أوّل تجمّع لأداء صلاة ظهر الجمعة منذ الاستيلاء على العاصمة كابول.

ومخافة ارتكاب الحكام الفعليين الجدد انتهاكات مماثلة، سارع آلاف الأفغان إلى مطار كابول يائسين، وهدفهم الفرار بعد الهجوم الذي نفّذته حركة "طالبان" على كامل أراضي البلاد وبسط سيطرتها. في المقابل، سارع مواطنون آخرون إلى الشوارع للاحتجاج على الاستيلاء، فقمع مقاتلو الحركة أعمال التحدّي تلك بعنف.

وقد سعت حركة "طالبان" إلى إظهار الاعتدال وتعهّدت باستعادة الأمن والتسامح مع من حاربوها في الأعوام العشرين الماضية، منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة الأميركية.

وقبيل صلاة الجمعة اليوم، حثّ القادة الأئمة على استخدام خطبهم للدعوة إلى الوحدة وحثّ الناس على عدم الفرار من البلاد، ومواجهة "الدعاية السلبية" عنهم. لكنّ كثيرين هم الأفغان المتشككون، وقد قدّم تقرير "منظمة العفو الدولية" مزيداً من الأدلة التي تشكك في حديث "طالبان" عن أنّها تغيّرت.

وأفادت المنظمة الحقوقية بأنّ باحثيها تحدّثوا إلى شهود عيان في ولاية غزنة، رووا كيف قتل عناصر من "طالبان" تسعة رجال من الهزارة في قرية مندراخت في الرابع والسادس من يوليو/ تموز. وأضافت أنّ ستة من الرجال قُتلوا بالرصاص، فيما تعرّض ثلاثة إلى التعذيب حتى الموت.

وصرّحت رئيسة "منظمة العفو الدولية" أغنيس كالامارد بأنّ وحشية عمليات القتل كانت "تذكيراً بالسجل السابق لـ"طالبان"، ومؤشراً مروعاً إلى ما قد يجلبه حكم الحركة".

وحذّرت المنظمة الحقوقية من أنّ "عمليات قتل عديدة قد لا يُصار إلى الإبلاغ عنها، لأنّ "طالبان" قطعت خدمات الهواتف المحمولة في مناطق كثيرة استولت عليها لمنع نشر الصور من هناك".

في سياق متصل، أعربت منظمة "مراسلون بلا حدود" عن انزعاجها من الأنباء التي أفادت بأنّ مقاتلي الحركة قتلوا أحد أفراد عائلة صحافي أفغاني يعمل لحساب الإذاعة الألمانية "دويتشه فيله"، يوم الأربعاء الماضي.

وقالت كاتيا غلوغر، من القسم الألماني للمنظمة: "للأسف، هذا يؤكد أسوأ مخاوفنا. ويُظهر العمل الوحشي الذي قامت به (طالبان) أنّ حياة العاملين في وسائل الإعلام المستقلة في أفغانستان في خطر شديد".

ويخشى أفغان كثيرون من عودة حكم "طالبان" الذي كان في أواخر تسعينيات القرن الماضي، عندما كانت الحركة تجبر النساء إلى حدّ كبير على البقاء في منازلهنّ، فيما حظرت التلفزيون والموسيقى، وقطعت أيدي اللصوص المشتبه فيهم، ونفّذت إعدامات علنية.

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

ويواصل آلاف من الأفعان تدفّقهم إلى مطار كابول، في تحدّ لنقاط التفتيش التي يضعها مقاتلو "طالبان"، وهم يسعون جاهدين إلى توفير مقعد لهم على متن رحلات الإجلاء.

محمد نعيم واحد من هؤلاء الذي يلازمون المطار منذ أربعة أيام، إذ يحاول الهروب من البلاد. يخبر أنّه اضطر إلى وضع أطفاله على سقف سيارة في اليوم الأوّل بهدف تجنيبهم السحق تحت أقدام الناس. ويشير إلى أنّه رأى أطفالاً آخرين يُقتلون، إذ لم يتمكنوا من الابتعاد عن الطريق.

ويضيف نعيم، الذي كان يعمل مترجماً فوريًا للقوات الأميركية، أنّه حثّ الآخرين على عدم التوجّه إلى المطار، واصفاً الوضع بأنّه "جنوني جداً" في الوقت الحالي، وآملاً أن "يتحسّن، لأنّني رأيت أطفالًا يموتون. إنّه أمر مروّع جداً".

من جهة أخرى، أفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، اليوم الجمعة، بأنّ الأفغان بمعظمهم غير قادرين على مغادرة بلادهم، مضيفة أنّ أولئك الذين يواجهون الخطر ربّما "ليس أمامهم طريق واضح للفرار". وجدّدت المتحدثة باسم المفوضية شابيا مانتو دعوتها البلدان المجاورة إلى إبقاء الحدود مفتوحة أمام طالبي اللجوء، في ضوء ما وصفته بأنّه "أزمة متصاعدة".

وقالت مانتو في إفادة صحافية في جنيف إنّ "الأفغان بغالبيتهم العظمى غير قادرين على مغادرة البلاد عبر القنوات العادية (...) حتى اليوم، وأولئك الذين قد يكونون في خطر ليس لديهم مخرج واضح". وذكرت أنّه لم يُسجَّل سوى "تحركات محدودة" للأفغان الذين يعبرون الحدود إلى باكستان وإيران الجارَتين.

ويستضيف البلدان بالفعل 90 في المائة من 2.6 مليون لاجئ أفغاني مسجّل، منذ فرارهم من وطنهم على مدى العقود الماضية.

في سياق متصل، نجحت حملة عبر منصة "غو فَند مي" تهدف إلى جمع الأموال لإجلاء 300 من الأفغان المعرّضين إلى الخطر،والذين يرغبون في الفرار من حركة "طالبان"، في جمع أكثر من ستة ملايين دولار أميركي.

وقد طلب مؤسس هذه الصفحة الإلكترونية لجمع التبرّعات تومي ماركوس، الذي يتّخذ من نيويورك مقراً، جمع المال من أجل تنظيم رحلات جوية تنقل الأفغان المعرضين إلى خطر استهدافهم من قبل حركة "طالبان" إلى خارج البلاد.

ومن بين هؤلاء رجال ونساء عملوا محامين في مجال حقوق الإنسان أو هم ناشطون من مجتمع الميم (المثليات والمثليون ومزدوجو الميل الجنسي ومغايرو الهوية الجنسانية وأحرار الهوية الجنسانية)، إلى جانب صحافيين ومنسقين حكوميين وآخرين، و"جميعهم معرّضون إلى خطر الإعدام الوشيك على يد "طالبان" مع عائلاتهم"، وفق ما تفيد الصفحة الإلكترونية. وأوضح ماركوس أنه يعمل مع مجموعات إغاثة وناشطين على الأرض في كابول من أجل التخطيط لعملية الإنقاذ.

ومنذ إطلاقها في وقت سابق من هذا الأسبوع، تلقّت الحملة تبرّعات من أكثر من 106 أشخاص، بمساهمات تراوحت ما بين دولار أميركي واحد و20 ألف دولار. لكنّ منصة "غو فند مي" لم تردّ على طلب وكالة "فرانس برس" للاطّلاع أكثر على نشاطها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى ماركوس.

(أسوشييتد برس، رويترز، فرانس برس)

المساهمون