لا يُعَدّ تصنيع الكبتاغون الخطوة الأصعب المتعلّقة بهذا النوع من المخدّرات، بل ضمان وصوله إلى وجهته. ويُحكى عن "إبداع" في تهريبه، سواء أكان ذلك من خلال إخفائه في البضائع، أم إرساله عبر مسيّرات، أو حتى طائرات شراعية.
وفي الأعوام الماضية، صادرت القوى الأمنية في دول عدّة كميات هائلة من حبوب الكبتاغون، وكانت الحبوب في كلّ مرة مخبّأة بطريقة أغرب من تلك التي سبقتها. وعلى سبيل المثال، أخفى المهرّبون حبوب الكبتاغون في معجون الطماطم، وفي ثمار الرمّان، حتى إنّهم وضعوها الواحدة تلو الأخرى في حبوب الزيتون. وقد عُثر عليها في مرّات عدّة مخبّأة في مواد بناء، وألواح حديدية أو خشبية، وحتى في أشجار زيتون ولوحات خشبية مزينة. ومن بين إبداعات المهرّبين العديدة، وضع الكبتاغون في فواكه مزيّفة مصنوعة من البلاستيك، من قبيل البرتقال والليمون، وإخفاؤها في صناديق مليئة بالفواكه الطازجة.
وتصدم طرق تهريب الكبتاغون الغريبة القوى الأمنية، في حين أنّها تحول في معظم الأحيان دون كشف أجهزة المسح الضوئي (سكانر) أو الكلاب البوليسية عن حبوب الكبتاغون. لذلك، تعتمد الأجهزة الأمنية في معظم الأحيان على مخبرين للكشف عن شحنات ومصادرتها.
في ما يأتي أمثلة على وسائط لتهريب شحنات من الكبتاغون جرت مصادرتها:
-
ثمار رمّان
في إبريل/ نيسان 2021، ضبطت الجمارك السعودية 5.3 ملايين حبّة كبتاغون مخبّأة بمهارة في شحنة من الرمّان واردة من لبنان. وفيما تُركت ثمار رمّان عديدة على حالها، فقد فُتحت أخرى ووُضعت حبوب الكبتاغون في داخلها. ودفعت هذه العملية السعودية إلى إعلان تعليق استيراد الفواكه والخضراوات من لبنان.
-
ماشية
في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، عثرت السلطات الكويتية على 17 كيلوغراماً من حبوب الكبتاغون مخبّأة في بطون أغنام. ويُعَدّ ربط الأسلحة والمخدّرات بالماشية في أثناء عبورها المناطق الحدودية للرعي، خدعة تهريب قديمة. ولم تكتفِ كارتيلات المخدّرات في أميركا اللاتينية بربط البضائع، بل وضعت أكياس الكوكايين والهيرويين داخل أحشاء الكلاب وحيوانات أخرى.
-
ليمون بلاستيكي
في ديسمبر/ كانون الأول 2021، ضبطت الجمارك اللبنانية تسعة ملايين حبّة كبتاغون مخبّأة في شحنة من الليمون في مرفأ بيروت، كان من المفترض إرسالها إلى إحدى دول الخليج. ووُضعت أكياس بلاستيكية مليئة بتلك الحبوب في ثمار ليمون بلاستيكية خُبّئت وسط ثمار الفاكهة الطازجة. وبعد أسبوع واحد فقط، وصلت إلى دبي شحنة من 1.1 مليون حبّة كبتاغون مخبّأة بالطريقة ذاتها، وقد ضبطتها الجمارك الإماراتية.
-
محشي زيتون
في إبريل/ نيسان 2015، اعتقلت قوات مكافحة الإرهاب الأردنية مهرّباً خبّأ 37 ألف حبّة كبتاغون في داخل حبوب زيتون. وضبط فرع المخدّرات في دمشق في ديسمبر/ كانون الأول 2021، 160 ألف حبة من الكبتاغون محشوة في حبّات زيتون، وأُوقِف صاحب الشحنة.
-
معجون طماطم
في يوليو/ تموز 2021، عثرت السلطات السعودية على أكثر من مليونَي حبّة كبتاغون في أوعية زجاجية لمعجون طماطم. ومن شأن عمليات شبيهة أن تصعّب عمل الكلاب البوليسية.
-
أفران بيتزا
في مارس/ آذار 2021، اعتقلت الشرطة النمساوية عصابة يُشتبه في تورّطها في تهريب الكبتاغون إلى السعودية، وداهمت مطعماً وجدت فيه الحبوب مخبّأة داخل أفران لصناعة البيتزا. وفي السنوات الماضية، استُخدمت دول أوروبية عدّة كنقاط ترانزيت لإعادة تغليف حبوب الكبتاغون وشحنها إلى وجهتها. وفي مايو/ أيار 2015، أعلنت إدارة مكافحة المخدّرات في دبي تفكيك عصابة تهريب مخدّرات والعثور على 331 ألف حبّة كبتاغون مخبّأة في أفران بيتزا.
-
إطارات عربات
في مارس/ آذار 2021، عثرت الجمارك الماليزية على 94 مليون حبّة كبتاغون مخبّأة في إطارات عربات في ميناء كلانغ، وهو ما يُعَدّ حتى الآن أكبر عملية ضبط لحبوب الكبتاغون. يُذكر أنّ ماليزيا لم تكن الوجهة الأخيرة لتلك الحبوب. وبعد ثلاثة أسابيع فقط، عُثر على أكثر من ثلاثة ملايين حبّة أخرى مخبّأة في قواعد ألومينيوم للأبواب.
-
مسيّرة وطائرة شراعية
في فبراير/ شباط 2022، أعلن الجيش الأردني أنّ مهرّبي المخدّرات باتوا يستعينون بطائرات مسيّرة. وفي يونيو/ حزيران 2022، أسقطت القوات الأمنية العراقية طائرة شراعية محمّلة بمليون حبّة كبتاغون في البصرة جنوبيّ البلاد، بالقرب من الحدود مع الكويت. وقد تمكّن قائد الطائرة من الفرار.
ما هي حبوب الكبتاغون؟
الكبتاغون تسمية قديمة لعقار يعود إلى عقود مضت. لكنّ تلك الحبوب، وأساسها الأمفيتامين المحفّز، باتت اليوم المخدّر الأوّل على صعيد التصنيع والتهريب وحتى الاستهلاك في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي. في الأصل، لم يكن الكبتاغون إلا واحدة من تسميات مادة الفينيثلين، أحد أنواع الأمفيتامينات المحفّزة، وقد طُرح في الأسواق للمرّة الأولى من قبل شركة "شيميفرك هامبورغ" في عام 1961. ونال العقار براءة اختراع وبات يوصَف لعلاج اضطراب نقص الحركة وفرط الانتباه، كما النوم القهري، وإلى حدّ ما لعلاج الاكتئاب كذلك.
وفي عام 1981، أُعلن هذا النوع من المخدّرات مادة خاضعة للرقابة في الولايات المتحدة الأميركية، وقد أدرجته منظمة الصحة العالمية واحدة من المواد ذات المؤثّرات العقلية، وذلك على الرغم من محدودية استهلاكه لأغراض غير طبية في حينه.
وفي عام 1986، حُظر استخدام الكبتاغون في غالبية الدول، لكنّ مادة الفينيثلين كانت قد لاقت رواجاً واسعاً في الدول الخليجية، وباتت حبوب الكبتاغون تصنّع بشكل غير شرعي في البداية في ما كان يُعرف بيوغوسلافيا، كما في بلغاريا. واليوم، باتت سورية المصنّع الأساسي لحبوب الكبتاغون، يليها لبنان، وتُصنَّع مئات ملايين الحبوب سنوياً في البلدَين وتُقدَّر قيمتها السنوية بمليارات الدولارات الأميركية.
ويُصار إلى تناول الكبتاغون على شكل حبوب، لكن من الممكن كذلك طحنها وشمّها. وتُعزّز مادة الأمفيتامين أنشطة الدماغ، وبالتالي في إمكانها أن تعطي دفعاً من الطاقة والثقة وترفع مستوى التركيز، لكنّها قد تؤدّي كذلك إلى قطع الشهية والأرق.
ويُعَدّ استهلاك تلك الحبوب المخدّرة شائعاً بين الطلاب الراغبين في الاستيقاظ ليلاً للتحضير للامتحانات، أو سائقي الأجرة والشاحنات، وخصوصاً الذين يعملون في وظيفتَين أو يقودون مسافات طويلة ليلاً، كما بين الموظفين الراغبين في الحفاظ على أكبر قدر من النشاط والتركيز لساعات طويلة.
وتُعَدّ المملكة العربية السعودية المستهلك الأكبر لحبوب الكبتاغون، إذ إنّ استهلاكها شائع بين الطبقة الغنية، وخصوصاً في خلال الحفلات التي تستمرّ حتى ساعات الصباح، وتستخدمها أيضاً نساء عديدات بهدف تخفيف الوزن، لكونها تقطع الشهية.
ويلجأ اليها عمّال كثيرون ليتمكّنوا من بذل جهودهم لساعات إضافية. ولكونه يُنظر إليه كمادة منشّطة مرتبطة أساساً بالسعي لزيادة الإنتاج، يبدو استهلاك الكبتاغون أسهل، كذلك فإنّه لا يُعَدّ من المحرّمات الرئيسية من قبيل الكوكايين.
(فرانس برس)