تكثر المساعي لتعليم الأطفال عن تاريخ وجغرافيا فلسطين خصوصاً في مخيمات الشتات لفهم ماهية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة اليوم.
لم تنتهِ نكبة الشعب الفلسطيني حتى اللحظة. يومياً، يعيشون نكبة جديدة في ظل العدوان الإسرائيلي الذي يشهده قطاع غزة. يعمد العدو إلى قتل كل من فيها وإرغامهم على النزوح عنها إلى دول مجاورة. إلا أن أجيالاً عدة ولدت في بلاد اللجوء وهي بعيدة عن فلسطين. لكن إنه لأمر ضروري أن يتعرف الأطفال إلى تاريخ وجغرافيا فلسطين، خصوصاً أنه يمُنع تعليمهما في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فكان مشروع "بذور المستقبل" الذي تقوم به جمعية "نواة - مركز التضامن الاجتماعي" في مخيم برج البراجنة في بيروت.
وتقول ريم عبيد، العاملة في قسم محو الأمية في الجمعية، والمقيمة في مخيم برج البراجنة، إنها تعلّم الأطفال الذين لم يتمكنوا من الالتحاق بالمدارس، وتحديداً السوريين الذين ليس لديهم أوراق ثبوتية تمكنهم من الالتحاق بالمدارس. وعن مشروع تعليم الأطفال تاريخ وجغرافيا فلسطين، توضح أنه "في إطار المشاريع التي تقوم بها المؤسسة، هناك مشروع يتعلق بفلسطين وحضارتها وتاريخها، وذلك كل يوم جمعة، في ظل العدوان الهمجي على غزة. نحرص على تعريف الأطفال بالثوب الفلسطيني والكوفية والزيتون والتطريز والدبكة". تضيف أنه "من خلال هذا المشروع، هناك حرص على أن يتعرفوا إلى مناطقهم وانتمائهم وخريطة فلسطين ومفتاح العودة الذي هو رمز لكل فلسطيني".
تتابع أن "مشروع بذور المستقبل يشمل أطفالاً من عمر الثامنة حتى الثامنة عشرة، وقد اخترنا هذا المشروع لأن عدداً كبيراً من الأطفال لا يعرفون شيئاً عن بلدانهم أو خريطة بلدهم، فقررنا القيام بأنشطة عدة تهدف إلى تعريف الأطفال ببلدهم من خلال الرسم وقراءة القصص الهادفة وتعليمهم تاريخ وجغرافيا فلسطين وغيرها من البلدان وعواصم الدول. نشجع الأطفال على اكتساب المعرفة".
وتوضح عبيد: "نركز على ما يحصل اليوم في قطاع غزة. من الضروري أن نكون متضامنين مع أهل غزة. لو لم يهجر أهلنا من فلسطين لكنا مثلهم اليوم. عندما أتعرف إلى بلدي وأسماء الشهداء، أكون متضامناً معهم. كذلك فإننا نتضامن من خلال مقاطعة المواد الداعمة للعدو الصهيوني والتعرف إلى أهمية المقاطعة". تضيف: "من الضروري أن يتعرف الأطفال إلى خريطة فلسطين وما يحدّها شمالاً وجنوباً وغرباً وشرقاً. كذلك نعرّفهم إلى حنظلة وأهمية وجوده في ثقافتنا".
من جهتها، تقول الطفلة جوري محمد (12 عاماً)، المتحدرة من حيفا في فلسطين، والمقيمة في مخيم برج البراجنة: "التحقت بمشروع بذور المستقبل حتى أتعرف إلى بلدي، خصوصاً بعدما أخبرني أهلي ما يحصل في غزة من إبادة جماعية ضد أطفال ونساء وشيوخ غزة. أخبرت عن مجزرتي الطنطورة ونابلس والعديد من المجازر الأخرى. بتّ أعرف معنى التطهير العرقي، وأحببت التعرف أكثر إلى تاريخ بلدي ومقاطعة العدو الصهيوني. في الوقت الحالي، أقاطع كل المنتجات الداعمة لكيان العدو".
بدورها، تقول الطالبة لين حسين (12 عاماً)، المتحدرة من بلدة الغابسية في فلسطين: "أُقاطع كل المنتجات الداعمة للعدو الذي يقتل أهلنا في غزة، وقد شردنا من فلسطين خلال نكبة عام 1948. أتوجه إلى الجمعية لأتعرف إلى جغرافيا وتاريخ فلسطين. صرت أعرف معلومات أكثر عن بلدي وتاريخه، خصوصاً بلدتي الغابسية. أتابع ما يحصل في غزة، وأدعو كل حر إلى العمل على وقف الحرب على أهلنا في غزة".
أما يوسف أحمد علي (12 عاماً)، المتحدر من مدينة الناصرة في فلسطين، والمقيم في مخيم برج البراجنة، فيقول إنه "بسبب ما يحدث لأهلنا في غزة، أقاطع كل المنتجات الداعمة للعدو الصهيوني، وأحضر إلى الجمعية حتى أستمع إلى محاضرات تتعلق بجغرافيا فلسطين وغيرها الكثير. أشارك بكل النشاطات المتعلقة بفلسطين وجغرافيتها، وأستفيد من هذه المحاضرات لأن المعلومات التي حصلت عليها لم أكن أعرفها سابقاً، كذلك نشاهد أفلاماً وثائقية تتعلق بفلسطين وتاريخها وتراثها".
في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، يشعر الفلسطينيون في الشتات برغبة أكبر في تعريف الصغار بالتاريخ الفلسطيني وما حصل لأهلهم من تهجير، خصوصاً أن ما يحصل اليوم في قطاع غزة شبيه بما تعرّض له أهلهم وأجدادهم على مدى عقود. في هذا الإطار، تحرص العائلات، كما المنظمات والجمعيات، على تعريف الأجيال الجديدة بالتاريخ الحقيقي لفلسطين وما عاشه الفلسطينيون، بعيداً عن برامج الوكالات والمنظمات الدولية ومناهجها.