أطفال تونس... عائلات ومدارس تشرك الصغار في دعم فلسطين

20 نوفمبر 2023
طفلة تونسية تناصر الفلسطينيين (حسن مراد/Getty)
+ الخط -

يجد أطفال تونس أنفسهم في قلب الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، ولا تُثني التحذيرات من إبعاد الأطفال عن مشاهد الحرب الصادمة الأهل والمؤسسات التعليمية عن إشراكهم في المسيرات والتظاهرات الداعمة للمقاومة الفلسطينية، وعلى امتداد الأسابيع الماضية، لا يغيب الشباب والأطفال عن التحركات أمام السفارات الأجنبية أو في الساحات العامة بدافع من أسرهم أو مدارسهم.
واستجابت المدارس والمؤسسات المعنية بالأطفال لنداءات الهلال الأحمر التونسي بالانخراط في حملات التبرعات، والتي شارك فيها الأطفال بسخاء. تقول منال حمدي، وهي أم لثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين 7 إلى عشر سنوات، إنها تتحدث مع أطفالها يومياً عما يحدث في غزّة، على الرغم من قلقها من تداعيات بشاعة الصور التي تنقل عبر شاشات التلفاز أو على وسائل التواصل الاجتماعي على نفسياتهم الهشة.
تؤكد منال لـ "العربي الجديد": "أحاول أن أنقل لهم انتصارات المقاومة، وأعلي من شأن التضحيات التي يقدمها الشعب الفلسطيني في غزة من أجل وطنه. أحياناً أتعمّد تغييب التفاصيل الموجعة، لكنني أفاجأ مرات عدة بالمستجدات التي ينقلونها عن أصدقائهم في المدرسة أو عبر مشاهدتهم لفيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واعتدت اصطحابهم في المسيرات والتظاهرات التي تنظم نصرة للمقاومة، كما أحثهم على المشاركة في حملة جمع التبرعات التي نظمتها مدرستهم، وتركت لهم حرية اختيار شكل التبرع، وقد اختاروا التبرع بالأدوية والمستلزمات الطبية". 
ومنذ عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، رُفع العلم الفلسطيني إلى جانب التونسي في جميع المدارس والمعاهد التعليمية تضامناً مع غزة، كما يردد النشيدان الوطني التونسي والفلسطيني في المدارس تضامناً مع الفلسطينيين ضد العدوان الإسرائيلي.
ويرى مدرس المرحلة الابتدائية عزيز الجبلي، أنّ "دعم القضية الفلسطينية من المواقف التقليدية الموروثة، وتجمع الأسر التونسية على إشراك أبنائها في المسيرات والتظاهرات الشعبية المساندة لغزة، وهذا جهد مطلوب لمد الجسور بين الأجيال في القضايا المهمة، وأبرزها عدم ترك أي مجال لتمرير فكرة التطبيع مع الكيان المحتل".

لا تنسى وضع الكوفية الفلسطينية (حسن مراد/ Getty)
لا تنسى وضع الكوفية الفلسطينية (حسن مراد/ Getty)

ويقول الجبلي لـ "العربي الجديد": "قبل طوفان الأقصى، غرق المشهد العام في مخاضات عسيرة اختبرها التونسيون من مختلف الشرائح العمرية بلا هوادة، وكاد الجيل الجديد أن ينسى القضية الفلسطينية، كما عملت دوائر خارجية على خلق أجيال لا تهتم بالقضايا الكبرى للأمة. أعادت المقاومة القضية إلى واجهة الأحداث، وأصبحت بوصلة للأجيال الجديدة. للأسر والمؤسسات التعليمية دور كبير في إشراك الأطفال بالتظاهرات، وشرح ما يحدث في فلسطين بطريقة مبسطة حتى يكونوا ملمين بما يحدث، بما يحفزهم على المتابعة. تعريف الأطفال بقضايا الأمة يترك انطباعات إيجابية على شخصياتهم، كما يشكل صداً لمحاولات التغريب وطمس الهوية". 
وتُولي الجمعيات التونسية الداعمة لحقوق الأطفال اهتماماً كبيراً بما يتعرّض له الأطفال في قطاع غزة، وأعربت الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل، عن "استنكارها للموقف الدولي الداعم للاحتلال على حساب أهل الأرض، باعتباره موقفاً مناصراً لقتل الأطفال والمدنيين، وداعماً لتشريد آلاف الأطفال وأسرهم". وأدانت الجمعية في بيان، "الاعتداءات الوحشية الإرهابية لجيش الاحتلال الصهيوني على أهل غزة، والتي استهدفت المرافق الصحية والمدارس والمنازل، في خرق واضح لجميع القوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن".

وتؤكد الباحثة في علم الاجتماع صابرين الجلاصي، على "ضرورة إشراك الأطفال في متابعة القضايا الكبرى، مثل الحرب على غزة، لكن من دون السماح لهم بمشاهدة المجازر بحق المدنيين، لما قد ينجم عن ذلك من أضرار نفسية". وتقول لـ "العربي الجديد": "يتعيّن على أولياء الأمور إيصال رسائل لأطفالهم مفادها بأن قضية فلسطين هي قضية إنسانية، وقضية استرداد حق مسلوب، كما أنها جزء من الهوية الدينية، فالدفاع عن القضية الفلسطينية يعزز لدى الأطفال مفهوم الانتماء، ويحدد في أذهانهم أهمية العلاقة بينهم وبين الوطن. تفسير حيثيات القضية الفلسطينية وغيرها من القضايا الإنسانية للطفل يعزز لديه قيم المواطنة، وأهمية أن يكون لديه وطن مستقل وأمن".
وتشهد المحافظات التونسية تنظيم العديد من فعاليات التضامن مع قطاع غزة بشكل شبه يومي، ويعرب المشاركون فيها عن رفضهم للحرب الإسرائيلية الإجرامية، والمجازر البشعة التي ترتكب بحق أهل غزة، ويطالبون بتدخل عربي ودولي لفرض وقف فوري لإطلاق النار.

المساهمون