أطفال أفغانستان مضطرون إلى ممارسة أعمال شاقة لإعالة أسرهم

07 يناير 2023
طفل أفغاني يبيع البالونات في كابول (وكيل كوشار/ فرانس برس)
+ الخط -

إلى جانب حرمانهم من معظم مقومات الحياة مثل الصحة والتعليم وغيرها، بات عدد كبير من الأطفال الأفغان مضطرين إلى العمل في الأسواق منذ نعومة أظافرهم بسبب سوء الحالة المعيشية، ووسط تقلبات سياسية وأمنية تحرم عدد كبير من الرجال والنساء من العمل.
ينظف أحمد منصور ابن عبد القدوس (12 سنة)، أحذية الناس في سوق "شهر نو" من أجل كسب بعض المال الذي تحتاج إليه عائلته بشدة. وهو يكسب يومياً ما بين 40 أفغانية (أقل من نصف دولار)، و90 أفغانية (دولار واحد تقريباً)، لشراء بعض أرغفة الخبز لأسرته الفقيرة، وذلك بعدما حرم والده من العمل كشرطي، وبات يعمل حمّالاً في محل تجاري.
يقول منصور لـ"العربي الجديد"، خلال وقوفه على حافة طريق مرتجفاً من شدة البرد: "أنظف أحذية الناس في هذا الموقع بعدما تركت الدراسة في الصف الخامس لتأمين أرغفة قليلة من الخبز لأسرتي. هكذا هي الحياة، كان أبي يأخذ راتباً جيداً، وكنت أرافق أختي الصغيرة إلى المدرسة، واليوم لا يكسب والدي أموالاً كافية ما أجبرني على الخروج إلى السوق لمساعدته، وهو يأتي بي في الصباح إلى هذا السوق، ثم يأخذني معه في المساء. يزودني أصحاب الفنادق بطعام، خاصة في وقت الغداء، ويساعدني بعض الناس، لكن معظمهم فقراء بلا عمل، والدراسة أصبحت مجرد حلم بالنسبة لي".
يضيف: "حلم حياتي على غرار والديّ أن أدرس وأصبح طبيب أسنان، وأنا أحب هذه المهنة، لكن أحوال عائلتي تغيّرت، ويبحث لي والدي حالياً عن عمل آخر في محل، لكن أحداً لا يقبلني بسبب صغر سني، لذا لم يبقَ أمامي إلا العمل في تنظيف الأحذية"، ويوضح أنه يواجه مشكلة البرد الشديد وعدم وجود ملابس مناسبة وأحذية تقي رجليه من البرد الشديد.
أيضاً يخرج محمد محب الله (10 سنوات)، صباحاً من منزله في منطقة قلعه شورى بكابول، ويحمل كيساً أكبر من حجمه لجمع قوارير بلاستيكية من أجل بيعها والحصول على قوت أسرته، وقد يغادر المنزل خلال البرد الشديد مع افتقاره إلى ملابس وأحذية تقيه من شدة البرد، لأن أسرته تحتاج إلى رغيف خبز، فلا البرد يمنعه من الخروج ولا الثلوج والمطر، ولا عدم وجود أحذية وملابس، ويحتمل أن يعود في المساء بأقل من نصف دولار يعطيه لأبيه المريض في المنزل كي يصرفه.

عمل بعض الأطفال الأفغان من أجل رغيف خبز (دانيال ليل/ فرانس برس)
آلاف الأطفال الأفغان يعملون لإعالة أسرهم (دانيال ليل/فرانس برس)

ويقول لـ"العربي الجديد": "أضع دائماً في جيبي على سبيل الاحتياط عشرة أفغانية أشتري بها خبزاً لتناوله كوجبة غداء خلال وقت الظهيرة إذا لم أحصل على مال مساعدة من أحد. وعندما أبيع القوارير أخذ المبلغ إلى والدي المصاب بشلل نصفي، علماً أن أمي تعمل في المنازل أيضاً، وكل ذلك لا يكفي لتوفير أقل ما نحتاجه".
يتابع: "التعليم أمر جيد، لكن لا يمكن أن أذهب إلى المدرسة التي تحتاج إلى ملابس ورسوم، وأن يتوفر في البيت خبز وطعام، وأنا أفتقر إلى كل ذلك".
ويقول الفتى زريالي، البالغ من العمر 13 سنة، لـ"العربي الجديد": "أبيع شربة آش التي تتضمن مكونات بهارات ومعكرونة مخلوطة بزبادي، وتطبخها والدتي في المنزل. وأنا أتجوّل في السوق من الصباح حتى المساء، وأكسب بين 200 أفغانية (دولارين و25 سنتاً)، و300 أفغانية (ثلاثة دولارات و35 سنتاً)، علماً أنني لست الوحيد الذي أعمل في أسرتي، بل جميع أفرادها".

ويوضح أن والدته كانت تعمل في التنظيف في مقر وزارة العدل، لكنها أقيلت من عملها بعدما سيطرت "طالبان" على السلطة في أغسطس/ آب 2021، وحاول بلا جدوى أن يجد عملاً في منازل ما اضطره إلى ترك الدراسة لأنه الابن الوحيد وله ست شقيقات يعتبر خروجهن من المنزل معيباً في المجتمع الأفغاني، ويشير إلى أن "المشكلة الرئيسية بالنسبة إليه هي شعوره بالبرد الشديد، خاصة حينما تتساقط الثلوج".
ويعلّق الناشط نصير أحمد أحمدي على وضع الأطفال في أفغانستان بالقول لـ"العربي الجديد": "تشير الأرقام إلى أن 3.7 ملايين طفل كانوا يشتغلون في الأسواق قبل أن تسيطر حركة طالبان على الحكم، وبينهم 2.1 مليون مارسوا أعمالاً شاقة. وقد ارتفع هذا العدد كثيراً بعد التغيّرات الأخيرة في أفغانستان".
يضيف: "معظم الأطفال العاملين بلا تعليم، والسوق يؤثر في أخلاقهم وأساليب تعاملهم مع أسرهم، كما أن عصابات إجرامية تستخدم شريحة من الأطفال الفقراء في تهريب المخدرات وارتكاب أعمال سيئة أخرى، ولا عناية محلية أو دولية بهذه الشريحة المظلومة والمهمشة".

المساهمون