أشجار المدن تخفّض الوفيات الناجمة عن موجات الحرّ إلى الثلث

01 فبراير 2023
تسجّل درجات الحرارة ارتفاعاً في المدن أكثر من الضواحي والأرياف بسبب الجزر الحرارية (Getty)
+ الخط -

قد يؤدّي زرع مزيد من الأشجار في المدن، بهدف تخفيض درجات الحرارة، إلى تقليص معدّلات الوفيات الناجمة مباشرة عن موجات الحرّ بمقدار الثلث، بحسب ما أفاد باحثون اليوم الأربعاء.

وكشف أحد النماذج عن أنّ توسيع الغطاء النباتي في مدينة ما ليشمل ما نسبته 30 في المائة من مساحتها، مقابل متوسط يبلغ 14.9 في المائة حالياً، سوف يؤدّي إلى تخفيض درجات الحرارة بمعدّل 0.4 درجة مئوية خلال موجات الحرّ الصيفية، وفقاً لما أظهرته دراسة نُشرت في مجلة "ذا لانست" الطبية.

ومن بين ستّة آلاف و700 وفاة مبكرة ناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة في 93 مدينة أوروبية في عام 2015، أظهرت النتائج أنّ في الإمكان تفادي تسجيل ثلثها. وهذا العمل البحثي هو الدراسة الأولى في إطار قضية الاحترار المناخي في المدن، التي تتوقّع عدد الوفيات المبكرة التي من الممكن تفادي تسجيلها من خلال زيادة التشجير، بحسب ما بيّنت معدّة الدراسة الرئيسية الباحثة في معهد الصحة العالمية في برشلونة تمارا إيونغمان.

وتسجّل درجات الحرارة ارتفاعاً في المدن أكثر من الضواحي والأرياف بسبب الجزر الحرارية. ويعود هذا الاختلاف في درجات الحرارة بصورة أساسية إلى المساحات المحدودة من الغطاء النباتي، وتصريف الهواء الساخن من أنظمة تكييف الهواء، وكذلك الإسفلت ومواد بناء أخرى ذات ألوان داكنة تمتصّ الحرارة وتحتفظ بها.

وقالت إيونغمان في بيان: "ندرك أصلاً أنّ درجات الحرارة المرتفعة في البيئات الحضرية مرتبطة بأمراض من قبيل قصور في القلب والجهاز التنفسي، بالإضافة إلى تسبّبها في رفع نسبة الاستشفاء ومعدّلات الوفيات المبكرة". وأضافت أنّ "هدفنا يتمثّل في جعل السياسيين والمسؤولين المحليين يدركون فوائد إدخال مسألة الغطاء النباتي في التخطيط المُدني بهدف تعزيز البيئات الحضرية المستدامة والمرنة والصحية".

وبسبب الاحترار المناخي الناجم عن الأنشطة البشرية، سوف يكون الارتفاع في درجات الحرارة في المدن أكثر حدّة. ومن هنا، تتزايد الحاجة الملحّة إلى تكييف المدن مع الوضع، بهدف تحسين النتائج المرتبطة بالمسائل الصحية.

وكانت أوروبا قد شهدت في العام الماضي صيفاً سُجّلت في خلاله أعلى درجات حرارة على الإطلاق، ليحتّل عام 2022 المركز الثاني على قائمة أكثر السنوات حرّاً. كذلك، لامست موجات الحرّ في مختلف أنحاء العالم مستويات قياسية، فيما صارت فترات هذه الموجات أطول في العقود الأخيرة.

وحالياً، تؤدّي موجات البرد في أوروبا إلى تسجيل معدّلات وفيات أعلى من تلك الناجمة عن موجات الحرّ. لكنّ التوقعات التي تستند إلى الانبعاثات الحالية تشير إلى أنّ الأمراض والوفيات المرتبطة بموجات الحرّ سوف تتسبّب في عبء أكبر على الأنظمة الصحية في غضون عقد.

وفي هذا الإطار، أوضحت إيونغمان أنّ "الوضع يتحوّل إلى طارئ بصورة متزايدة مع ما تشهده أوروبا من تقلبات في درجات الحرارة ناتجة عن التغيّر المناخي".

وقد وفّر الباحثون الذين نُشرت دراستهم في "ذا لانست" أرقاماً تقديرية عن معدّلات الوفيات الخاصة بالأشخاص الذين كانت أعمارهم تتخطّى 20 عاماً ما بين يونيو/ حزيران 2015 وأغسطس/ آب منه، علماً أنّ عدد هؤلاء كان 57 مليون نسمة.

وقد حُلّلت علاقة هذه البيانات بالمتوسّط اليومي لدرجات الحرارة في المدن، في حين أتت درجات الحرارة في المدن في صيف عام 2015 أعلى بـ1.5 درجة مئوية عن تلك المسجّلة في المناطق الريفية المحيطة. وعموماً، كانت المدن التي شهدت معدّلات وفيات مرتفعة ناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة، في جنوب أوروبا وشرقها.

تجدر الإشارة إلى أنّ دراسات سابقة كانت قد أظهرت أنّ المساحات الخضراء قد تحمل فوائد صحية، من قبيل انخفاض معدّلات الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والخرف والاضطرابات الذهنية، بالإضافة إلى تحسينها الأداء الإدراكي لدى الأطفال وكبار السنّ.

(فرانس برس)

المساهمون