يشكو أهالي السويداء من تردّي الرعاية الصحية التي تقدمها المنشآت الصحية الحكومية، في ظلّ تفاقم نقص الكادر الطبي والأدوية، وخروج كثير من الأجهزة الطبية عن الخدمة، الأمر الذي يعرّض حياة عدد أكبر من الأشخاص للخطر، إضافة إلى التكلفة الطبية الكبيرة في المشافي الخاصة، في وقت تزداد فيه الأوضاع المعيشية سوءاً يوماً بعد يوم.
وقال معتز الأحمد (36 عاماً)، وهو مقيم في السويداء: "تعرّض أحد أقاربي مؤخراً إلى أزمة قلبية، عندما وصلنا إلى المشفى لم يكن هناك طبيب مختصّ، وقد انتظرنا أكثر من نصف ساعة حتى وصل الطبيب، ولو كانت الحالة أكثر خطورة لكان فقد حياته".
وأضاف: "حتى إمكانات المشفى تنهار يوماً بعد آخر، فجهاز الطبقي المحوري معطّل، والخيار أمام المريض إمّا التوجّه إلى مشفى صلخد التي تبعد عن السويداء نحو 30 كم أو الذهاب إلى مشفى خاص وتحمّل تكلفة بعشرات آلاف الليرات، وهذا أمر يعجز عنه غالبية الناس".
من جانبه، قال علي المصفي (31 عاماً)، وهو مقيم في السويداء، لـ"العربي الجديد"، "صديقي كان يعاني من كسر في العظم ويحتاج إلى صفيحة، إلّا أنه انتظر دوره، عدة أسابيع، لإجراء العملية. وتمّ تحديد موعد عمليته مرتين، لكن في المرتين تمّ تأجيلها بسبب وجود عمليات إسعافية. وهو ليس لديه القدرة على الذهاب إلى مشفى خاص بسبب ارتفاع تكاليف العلاج فيه".
وأضاف: "اليوم المشافي في أسوأ حالاتها، جرّاء تردي البنية التحتية وخروج كثير من الأجهزة الطبية عن الخدمة، لكن الأخطر هو نقص الكادر الطبي، خاصة مع موجة السفر الكبيرة للعاملين بهذا القطاع إلى الصومال وليبيا".
من جهتها، قالت مصادر طبية مطّلعة في السويداء، طلبت عدم الكشف عن هويتها لأسباب خاصة، إنّ "المشكلة الكبرى اليوم والتي تهدد حياة كثير من الناس الذين يتعرّضون لحوادث مرورية، هي عدم وجود طبيب مختصّ بجراحة الأوعية الدموية منذ أكثر من أربع سنوات، فأصبح على المصاب إمّا التوجّه إلى مشفى خاص، وهي غالباً ليست بالمستوى المطلوب، أو يتم نقله إلى دمشق، لكن هذه الأيام هناك مشكلة أكبر وهي أنّ المشافي تغصّ بمصابي كوفيد-19".
وتابعت: "هناك نقص أطباء في الكثير من أقسام المشافي، مثل قسم الجراحة العامة والحروق والصدرية والأورام، وبعض منها يقوم على طبيب واحد. كما هناك أجهزة طبية مهمة خارج الخدمة، منها الطبقي المحوري وجهاز تخطيط الأعصاب، الأمر الذي يجعل الناس مضطرين إلى قطع أكثر من 100 كم ليصلوا إلى دمشق، لتلقي الرعاية الصحية اللازمة".
بدوره، قال مدير مشفى السويداء الوطني، سلام اتمت، في تصريح لصحيفة محلية، إنّ المشفى يعاني من نقص بأطباء الاختصاص بشكلٍ عام، وهذا يشمل أقسام الجراحة العامة والصدرية والأوعية الدموية والأطفال. ولفت إلى أنه حتى يقوم الكادر الطبي والتمريضي بهذه الأقسام بعملهم على أكمل وجه، يجب أن يكون هناك في كل قسم على أقل تقدير خمسة أطباء اختصاص، إلّا إنّ هذه الأقسام تعمل بطبيب واحد أو اثنين لكل قسم، وهذا غير كافٍ، كما أنه ليس هناك أي طبيب متعاقد مع المشفى للأسف، في قسم جراحة الأوعية الدموية.
وأضاف أنّ جهاز الطبقي المحوري معطّل منذ فترة، علماً أنّ عقد صيانة الجهاز مركزي وهناك تواصل بشكلٍ مستمر مع الوزارة ليصار إلى إصلاح هذا الجهاز، مؤكداً أن ما ينطبق على إصلاح هذا الجهاز ينطبق على غيره من الأجهزة المعطلة.