يقطن السوري خليل محمد، في أحد سكان شارع أبو الهيس بمدينة الرقة، ويقول لـ"العربي الجديد": "الصرف الصحي خلال فصل الصيف مقبول، لكن في بعض الأوقات يحدث انسداد لا نعلم ما هي أسبابه، لكن في فصل الشتاء نعاني من انسداد متكرر، والبلدية تقوم بالتنظيف، لكن يتكرر الانسداد من جديد بسبب الوحل والطين، والحل يحتاج إلى معرفة أسباب الانسداد، والتخلص منها".
ويقول عبد العزيز الأحمد، من حي حديقة البستان، لـ"العربي الجديد"، إن "الصرف الصحي في المدينة بشكل عام لا بأس به، عدا في الأزقة، والبيوت القريبة من أنبوب الصرف الرئيسي يعاني سكانها من تبعات الانسداد المتكرر نتيجة تقادم الشبكة، وهذا يحدث كل شهرين أو ثلاثة أشهر، ونحتاج إلى شبكة صرف صحي جديدة من حديقة حي البستان حتى الكورنيش".
يتجاوز طول شبكة الصرف الصحي في الرقة 380 كيلومتراً، وتعاني المدينة من الإهمال منذ حوالي 40 عاماً، ويقول المهندس أحمد إبراهيم، الذي ترأس بلدية الرقة خلال الفترة بين 2017 إلى 2021، لـ"العربي الجديد": "المدينة تمتلك آلية لتصريف مياه الصرف الصحي عبر أنابيب من البيتون المسلح والبولي إيثيلين، لكن ليست كل مناطقها مغطاة بالشبكات، وهناك جزء من المدينة ضمن العشوائيات، وبعض المناطق التنظيمية لا تضم شبكات صرف صحي حتى اليوم، علماً بأن هذه الشبكات ليست ذات طابع مستدام، وتعاني من مشكلات بينها انتهاء العمر الافتراضي، ومع الزيادة السكانية يصبح قطر الشبكة غير كاف لاستيعاب الكميات المطلوب تصريفها".
وأوضح إبراهيم أن "الشبكة تعرضت للدمار نتيجة الأعمال الحربية، فضلاً عن الركام الذي تم دفعه إلى شبكات الصرف الصحي، وأدى إلى انسدادات، وهناك مشكلة طرأت حديثاً تتمثل في استخدام الأهالي للشبكات في الري، إذ يقومون بسد غرف التفتيش لرفع منسوب المياه ضمن الشبكة، وهذا يسبب مشكلة في البنية التحتية، فيتسرب الماء عبرها باتجاه الأرض، وأيضاً يسبب طفح شبكات الصرف الصحي، ما يزيد من التلوث والأمراض التي تسببها الحشرات".
ويضيف أن "الرقة تعاني من وضع مأساوي، فالعمل يقتصر على إعادة تسيير المياه ضمن شبكات الصرف الصحي، وبالتالي هي أعمال إسعافية لا تأخذ الطابع المستدام في تأمين الخدمات للمدينة، ونستطيع القول إن العمل خلال السنوات الخمس الماضية لم يكن يخطط للمستقبل، وإنما تسيير الوضع، ولا أعتقد أن المؤسسات الحالية قادرة على تقديم الخدمات بشكل مستدام لأسباب منها ضعف الإمكانات، وعدم توفر الخبرة العملية في مجال إعداد الخطط الخدمية الخمسية للمدن".
في المقابل، يؤكد نائب رئيس بلدية الرقة، إبراهيم الرشيد، لـ"العربي الجديد"، أن " الصرف الصحي من بين أولويات عمل البلدية، والكل يعلم أن الدمار في مدينة الرقة ليس قاصراً على الأبنية، بل يشمل البنية التحتية، والتي تجاوز الدمار الكلي فيها 70 في المائة، وهناك أحياء بنيت حديثاً، وامتداد عمراني على أطراف المدينة، ويتوجب على البلدية مد شبكات الصرف الصحي إليها، والعمل جار حتى في الأحياء العشوائية، لكن حجم الدمار الكبير يحتاج إمكانيات هائلة، وسنوات من العمل".
ويتابع الرشيد: "تحتاج مدينة الرقة إلى 7 مليون دولار تقريباً لاستكمال مشاريع الصرف الصحي، وميزانية البلدية السنوية تتراوح ما بين 300 إلى 500 ألف دولار، والعام الماضي كانت الميزانية 360 ألف دولار، وأنجزنا مشاريع متكاملة في عدد من الأحياء، وتأخر العمل هذا العام لأسباب كثيرة، منها تأخر الحصول على الميزانية. ورغم ذلك تم تنفيذ أعمال مد الشبكة في حي الدرعية، ونزلة شحادة، والمشلب، والحصيوة، وأيضاً داخل مركز المدينة، ما بين شارعي الوادي وتل أبيض، والأعمال مستمرة، لكن يجري العمل بشكل جزئي من منطقة إلى أخرى حتى يكون هناك عدالة في توزيع الخدمات، وسنواصل العمل حتى يتم إصلاح الشبكة بالكامل".
وكشفت الطبيبة زينة بهجت الحسن لـ"العربي الجديد"، عن المخاطر الناجمة عن سوء شبكة الصرف الصحي، قائلة: "مياه الصرف الصحي، والتي تعرف بالمياه السوداء، خطرة جداً لاحتوائها على عدد كبير من أنواع البكتيريا والفيروسات، إضافة إلى المواد السامة والمعادن الثقيلة، ووجودها حول المنازل، أو اختلاطها بمياه الشرب كارثة، فهي تهدد البيئة، إذ يكثر وجود الذباب والقوارض والحشرات الناقلة للأمراض، فضلاً عن الأمراض المعوية والتنفسية المرافقة. كما أن وجود مادة النترات في مياه الصرف الصحي يسبب فقر الدم لدى الأطفال، وقد يؤدي إلى سرطان البلعوم في حال ري المزروعات بالمياه الملوثة، إضافة إلى الطفح الجلدي، والحكة الجلدية لدى الكبار والصغار، والطرق الوقائية كثيرة، ومنها عزل مياه الصرف الصحي عن المياه النظيفة، وإصلاح شبكات الصرف الصحي، وعدم ري المزروعات بتلك المياه".