أزمة تعليمية عراقية بسبب كورونا

03 أكتوبر 2020
بدأت مدارس قليلة العام الدراسي الحالي (صافين حامد/ فرانس برس)
+ الخط -

حتى اليوم، لا يبدو أن العراق اعتمد آلية تعليم واضحة في ظل أزمة كورونا، في ظل صعوبة التعليم عن بعد والحضور الفعلي في آن 

مع استمرار تسجيل العراق ارتفاعاً في عدد الإصابات بفيروس كورونا، تسعى وزارة التربية إلى إيجاد حلول للعام الدراسي الحالي، علماً أنه جرت العادة أن يبدأ العام ما بين 18 سبتمبر/ أيلول والأول من أكتوبر/ تشرين الأول. لكن حتى الآن، لم يعلن عن عودة الدوام الرسمي، وسط إعلان الوزارة عن جملة من المقترحات قالت إنها تقوم بدراستها، منها ما يبدو صعباً مثل التعليم عن بعد، في ظل ضعف شبكة الإنترنت وعدم توفر أجهزة إلكترونية لدى جميع التلاميذ، والدمج (ما بين التعليم عن بعد والحضور الفعلي) على الرغم من البنى التحتية غير المؤهلة. في هذا السياق، تواجه الوزارة مأزقاً حقيقياً قد يحتّم عليها طلب مساعدة دولية.   
وفي وقت سابق من شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، قدمت لجنة التربية والتعليم العالي في مجلس النواب العراقي مقترحاً يقضي ببدء العام الدراسي الجديد في 15 من أكتوبر/ تشرين الأول الحالي. وفي وقت نصحت بتقليص عدد أيام الدوام إلى ثلاثة أيام، يقول رئيس اللجنة قصي الياسري إن المقترحات الأخرى التي قدمتها تتمثل في الحصول على موافقة وزارة الصحة واللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية لمعرفة أبرز مستجدات الفيروس ومدى احتمال إصابة الأطفال ونقلهم للعدوى.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

إلا أنّ مسؤولاً في وزارة التربية العراقية، يقول لـ "العربي الجديد" إنّ الوزارة في مأزق كبير؛ فلا المدارس قادرة على تأمين التباعد بين التلاميذ داخل الصفوف، فيما التعليم عن بعد صعب. يضيف: "قبل الجائحة، كان هناك نحو 50 تلميذاً في الصف الواحد، خصوصاً في الأرياف، بدوامين صباحي ومسائي، من دون أن تكون هناك صفوف كافية. كما لا يملك التلاميذ أية إمكانية لشراء أجهزة إلكترونية وتأمين إنترنت جيد للدراسة من خلال تطبيق زوم مثلاً أو سكايب أو حتى مشاهدة الدروس على يوتيوب. لذلك، لن يكون هناك حل فعلي أو تعليم بديل إلا بعد انتهاء الجائحة". ويلفت إلى أن الوزارة قد تطلب مساعدة أممية لبحث الأزمة.
إلى ذلك، تقول مديرة مدرسة الأفنان الابتدائية المختلطة هند علوان (58 عاماً) إن واقع الحال في مدارسنا يجعل الدراسة صعبة في ظل جائحة كورونا. كما أنّ المقترحات المطروحة لا تتناسب مع هذا الواقع المؤلم. وننصح أن تقوم لجان من وزارة التربية بزيارة المدارس للاطلاع على أحوالها، قبل اتخاذ أية قرارات، من ضمنها زيارة مدرسة الأفنان". تضيف أن هناك دوامين وأحياناً ثلاثة في بعض المدارس. فكيف يمكن تقسيم الوقت بين تلاميذ يتشاركون المبنى نفسه"؟.  
وتؤكد علوان لـ "العربي الجديد":  "كتبنا وناشدنا وما من مجيب. فعلنا ما نستطيع وبمساعدة أولياء الأمور. لكن بعض المقترحات لا تتناسب مع واقع مدارسنا. في الظروف العادية، نعاني بسبب الدوامات. فكيف سيكون الحال في ظل كورونا؟ لا يمكن السيطرة على التلاميذ في ظل عددهم الكبير. ففي كل صف ما بين 30 إلى 60 تلميذاً. بعض المدارس سجلت أكثر من 80 تلميذاً للمرحلة الأولى، فضلاً عن الراسبين في هذه المرحلة. وفي ظل كثرة العدد، يصعب تقسيمهم إلى 3 أو 4 مجموعات، ما يتطلب زيادة عدد المدارس. وبهدف السيطرة على التلاميذ، نحتاج إلى عدد إضافي من المدرسين حتى نتمكن من إتمام المناهج المقررة في وقت قصير لتفادي عدوى الفيروس".
من جهتها، تقول إيمان الفرطوسي (28 عاماً)، وهي مدرّسة في ثانوية أفق الأهلية للبنين: "يمكن للعام الدراسي أن يكون ناجحاً إذا ما قامت المدارس بجمع تلاميذ كل مرحلة في يوم واحد لأننا نعلم أن عدد التلاميذ في المدارس الحكومية للمرحلة الواحدة يعادل عدد تلاميذ مدرسة أهلية في كل مراحلها. ويجب زيارة المدارس وزيادة التوعية في ظل الدمج بين الإلكتروني والحضور".  
وتوضح الفرطوسي لـ"العربي الجديد" إنه يمكن للتعليم الإلكتروني النجاح في المدارس الأهلية لأن عدد التلاميذ قليل. من هنا، "خطتنا لاعتماد الدمج والحرص على التواصل بين المدرّس والتلميذ، على ألا يتجاوز عدد التلاميذ الـ 15 مع ضمان التباعد الجسدي. تضيف "ربّما يرى الجميع صعوبة في نجاح العام الدراسي الجديد في ظل فيروس كورونا. لكن وسط كل ذلك، يجب أن يستمر التعليم، وعلى الأهل والأساتذة والتلاميذ أن يكونوا يداً واحدة لمحاربة الوباء والجهل وتبسيط المادة العلمية. كما يجب أن يكون وقت الحصة الدراسية 30 دقيقة مع توفير مواد التعقيم والكمامات، والاستمرار في حملات التوعية".

وفي شهر مايو/ أيار من العام الماضي، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" أن نصف عدد المدارس الحكومية في العراق في حاجة إلى تأهيل وترميم، والمسح الأخير المدعوم من المنظمة أظهر أن 54 في المائة من أبناء العائلات الفقيرة لا يكملون المرحلة الدراسية الثانوية، وأن متوسط عدد التلاميذ في الصف في معظم المدارس الحكومية هو 60 تلميذاً. وسبق لوزارة التربية أن أعلنت حاجة العراق إلى نحو 9000 مدرسة جديدة في عموم البلاد لحل أزمة الدوامات. 

المساهمون