أزمة التلوث إلى تفاقم في غزة

14 ابريل 2024
تتكدّس النفايات في رفح (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- قطاع غزة يواجه أزمة بيئية حادة بسبب العدوان الإسرائيلي، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية، تلوث المياه، وتراكم النفايات، بينما الهيئات المحلية تعاني من صعوبات في التعامل مع الأزمة.
- الضغط السكاني وتكدس النازحين زاد من حدة التلوث وكميات النفايات، مع تدهور قنوات التصريف للمياه العادمة، مما أدى إلى تسرب مياه الصرف الصحي وانتشار الأمراض.
- الأزمة المائية تفاقمت خلال الحرب، حيث أصبحت 97% من المياه الجوفية غير صالحة للشرب، والسكان يعتمدون على المياه المحلاة، مع خسائر تقديرية تتجاوز 30 مليار دولار.

يواجه قطاع غزة أزمة بيئية كبيرة، في ظل تدمير البنية التحتية وتلوث المياه وتراكم النفايات وغيرها وعدم قدرة الهيئات المحلية على الحد منها.

تتفاقم أزمة التلوث في مختلف مناطق قطاع غزة، وتحديداً في الجنوب، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وتوقف عمل عشرات الهيئات المحلية بفعل القصف الجوي والمدفعي. وتراكمت القمامة في مختلف مناطق القطاع خلال الأسابيع الأخيرة جراء تعطل عمل الهيئات المحلية والبلديات، في ظل عدم توفر الوقود اللازم لتشغيل السيارات التابعة لهذه المؤسسات، وعدم قدرتها على تشغيل الأيدي العاملة.
علاوة على ذلك، فإن العشرات من موظفي هذه المؤسسات لم يتقاضوا رواتبهم على مدار أشهر الحرب باستثناء بعض الدفعات المالية المحدودة، الأمر الذي أثّر على أوضاعهم المعيشية والاقتصادية. كما أن تكدس النازحين في مناطق الوسط والجنوب زاد نسبة التلوث وكميات النفايات وسط عدم قدرة البلديات والهيئات المحلية على التعامل مع الكثافة السكانية هذه.  
من جهة أخرى، فإنّ البنية التحتية، وتحديداً قنوات التصريف للمياه العادمة وغيرها، لا تستوعب حجم الضغط السكاني الهائل حالياً، وقد أنشئت قنوات تصريف عشوائية خلال الحرب.
وتمتلئ الكثير من الشوارع والأزقة بالمياه العادمة، في ظل انتشار المخيمات العشوائية التي نزح إليها السكان هرباً من القصف والاستهداف في مناطق غزة والشمال. ويقدّر عدد الهيئات المحلية والبلديات التي تقدم الخدمات لنحو 2.4 ملايين نسمة في القطاع بنحو 25 هيئة بلدية ومحلية، وتنتخب هذه الهيئات من خلال انتخابات محلية، إلا أنها لم تجر في القطاع منذ عام 2005.
حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد كل القطاعات في قطاع غزة أدت إلى تدمير تلك القطاعات، من بينها البيئة والبنية التحتية وشبكات الصرف الصحي وشبكات المياه، ما ترك انعكاسات خطيرة على حياة المواطنين في قطاع غزة، وشلّ عمل جميع بلديات قطاع غزة. 
ويؤكد رئيس بلدية رفح أحمد الصوفي أن الواقع البيئي في المدينة تضرر بشكلٍ كبير بفعل استمرار الحرب على غزة، وقد دمرت البيئة الطبيعية في الأحراش والمسطحات المائية في المنطقة الحدودية. ويقول لـ "العربي الجديد" إن الكثير من الطيور هجرت المناطق الشرقية لرفح بفعل الازدحام السكاني الكبير والقصف الإسرائيلي على مدار نصف عام من الحرب.

يضيف أن البيئة تأثرت بشكلٍ كبير، وتسربت مياه الصرف الصحي إلى المياه الجوفية. كما أن إنشاء الحفر الامتصاصية في المناطق العشوائية للنازحين زاد من تلوث المياه.
ويلفت إلى أن التلوث البيئي الحاصل بفعل الحرب على غزة أدى إلى انتشار الأمراض بشكلٍ كبير بين المواطنين والنازحين خلال الأشهر الماضية، ما أدى إلى تضرر البيئة بشكلٍ كبير في المناطق الجنوبية. ويقول إن زيادة عدد السكان بهذه الطريقة أدى إلى زيادة الطلب على الخدمات والضغط الشديد على البنية التحتية من شبكة المياه والصرف الصحي والطرقات والمرافق الخدماتية، خصوصاً المرافق الصحية مثل المستشفيات والرعاية الصحية.

يؤدي التلوث إلى انتشار الأمراض (أشرف أبو عمرة/ الأناضول)
يؤدي التلوث إلى انتشار الأمراض (أشرف أبو عمرة/ الأناضول)

ويشير إلى وجود 1.3 مليون نسمة في مدينة رفح، الأمر الذي انعكس سلباً على المنظومة الصحية وأدى إلى انهيارها بشكلٍ كبير في ظل العجز عن تلبية الاحتياجات الرئيسية للمواطنين. ويوضح الصوفي أن الضغط الهائل للنازحين أدى إلى زيادة كميات النفايات من 100 طن يومياً إلى 500 طن، وسط عدم قدرة العاملين في هذا المرفق الحيوي على جمع وترحيل النفايات، عدا عن الانتشار الواسع للمخيمات العشوائية للنازحين في المناطق الغربية لرفح.
ويوضح أن ما سبق أدى إلى انتشار القوارض والبعوض والذباب، إذ إن القدرة التشغيلية للبلدية في قطاع الصحة والبيئة لا تزيد عن 150 عاملاً يخدمون 1.3 مليون نسمة في رفح. علاوة على ذلك، دمر الاحتلال مكب صوفا للنفايات المعد سلفاً للتعامل مع النفايات في المناطق النموذجية، وتمت الاستعاضة عنه بمكب مؤقت في المناطق الغربية لمدينة رفح حتى انتهاء العدوان.

من جهته، يقول المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة إن القطاع قبل الحرب كان يواجه نقصاً في المياه الصالحة للشرب، وكانت 97 في المائة من مياهه الجوفية غير صالحة للشرب بسبب تلوثها بمياه البحر وملوثات أخرى. وتفاقمت الأزمة خلال العدوان بسبب تدمير البنية التحتية للمياه، مثل محطات التحلية وشبكات المياه. 
ويقول الثوابتة لـ "العربي الجديد" إن أهالي القطاع يعتمدون بشكل كبير على المياه المحلاة، وتنتج محطات التحلية 50 مليون متر مكعب سنوياً، وهو ما يعتمد عليه الفلسطينيون في قطاع غزة. وخلال الحرب، أصبح الحصول على مياه للشرب حلماً صعب التحقق لدى أكثر من 95 في المائة من الأهالي والأحياء والمناطق. بالتالي، يلجأ المواطنون إلى شرب المياه المالحة وغير المعالجة التي تسبب ضرراً كبيراً للأطفال والناس بشكل عام.
وبحسب المسؤول الحكومي، يعيش الفلسطينيون تحديات حقيقية في غزة، أبرزها ارتفاع كلفة المياه المحلاة والتي تُشكّل عبئاً كبيراً على الناس، بالإضافة إلى انعدام التيار الكهربائي، وهو ما يؤثر على عمل البلديات ومحطات التحلية، وتلوث المياه الجوفية الذي يهدد صحة الأهالي بشكل واضح، الأمر الذي أدى إلى انتشار الأمراض. ويوضح أن الخسائر التقديرية والأولية المباشرة التي تعرض لها قطاع غزة حتى الآن تتجاوز 30 مليار دولار، وذلك من دون الأخذ بالاعتبار الخسائر غير المباشرة، نظراً لصعوبة حصرها في الوقت الحالي بسبب استمرار حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.

المساهمون