أعلنت وزارة الداخلية العراقية، اليوم الثلاثاء، الاستجابة للمئات من حالات التعنيف ضد النساء والأطفال، والنجاح في إعادة العشرات من الفتيات والأطفال الهاربين من منازلهم، فضلاً عن معالجة أوضاع كبار في السن، نتيجة تعنيف أُسَري، في أحدث حصيلة تصدرها السلطات الأمنية حيال ظاهرة العنف الأسري الذي دفع أخيراً ناشطين وحقوقيين إلى المطالبة بالإسراع في إقرار قانون لحماية المرأة والطفل من قبل البرلمان، بعد تصاعد حالات الاعتداء والتعنيف.
ووفقاً لبيان مطول أصدرته وزارة الداخلية العراقية، فإنه منذ مطلع العام الحالي ولغاية منتصف الشهر الماضي، جرت معالجة 754 حالة تعنيف للنساء، و233 حالة تعنيف مماثلة لرجال، ومعالجة تعنيف 55 طفلاً، إضافة إلى إعادة 62 فتاة هاربة، ورصد ومتابعة 22 طفلاً هارباً، فضلاً عن انتشال 22 من كبار السن نتيجة التعنيف، وانتشال 4 أطفال نتيجة التعنيف أيضاً، ولفت البيان إلى أن الحالات المذكورة هي من عموم مدن البلاد ومحافظاتها.
ناشطون وحقوقيون يطالبون بالإسراع في إقرار قانون لحماية المرأة والطفل من قبل البرلمان، بعد تصاعد حالات الاعتداء والتعنيف
وأشارت الداخلية إلى أن "الشرطة المجتمعية نظمت في جانب التوعية والتثقيف، ورش عمل بواقع 101 ورشة عمل وندوة، فيما بلغ عدد المحاضرات 113 محاضرة، وأُصدِر 13815 مطبوعاً خاصاً بموضوع الجانب التوعوي والتثقيف من العنف، وكانت هناك 668 دورية راجلة توعوية".
واعتبر البيان الذي نشرته وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) أن "مواقع التواصل الاجتماعي، بلا حارس أمين قادر على صد وردع ما يضرّ الأسرة، وخاصة المراهقات والمراهقين أو الأطفال دون سن البلوغ، وبالتالي أصبح استدراج الفتيات أو الأطفال بالأسلوب الناعم والأحلام الوردية وغيرها من طريق هذه المواقع".
وأضافت أن "العنف أحد الأسباب التي تقع فيها الفتيات ضحية الهروب، بعض الأحيان يكون السبب هو المال أو الرخاء أو أسباباً حقيقية أخرى، من بينها عدم قدرة الأسرة على التربية الصحيحة وبناء إنسان بشخصية متزنة، حيث يفترض على الأب، حتى لو كان بعيداً عن أسرته لأيام، أن يضع أطفاله أو فتياته تحت رقابة حقيقية قادرة على تحصينهم من المجتمع ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل عام".
وأشارت إلى أن "النسبة الأكبر من الهروب هي للفتيات المراهقات، وتليها المتزوجات"، مؤكدة أن "الهروب لم يصبح ظاهرة حتى الآن، بل هناك حالات فردية عديدة".
ولفتت إلى أن "الشرطة المجتمعية تتلقى مجموعة من الاتصالات والمناشدات عبر خطها الساخن 497 بشكل يومي على مدار الساعة، من قبل متخصصين في تلقي المناشدات والمكالمات لكي تتم الاستجابة الفورية والسريعة لهذه المناشدات".
وتابعت أنه "من خلال التجربة العملية، ومن خلال الحالات التي تم رصدها نلاحظ أن أغلب الفتيات الهاربات يذهبن إلى أماكن تمت زيارتها سابقاً من قبلهن أو من قبل عوائلهن، وتوجد أماكن ثانية حيث يتم رصد فتيات يزرن مرقداً مقدساً أو مكاناً آخر"، مبينة أن "بعض الفتيات يتم إيهامهن بالزواج خارج المحاكم واستدراجهن وجعلهن يتركن عوائلهن، وتتباين الطرق وإيهام الفتيات من محافظة لأخرى، حسب طبيعة العائلة والأسرة التي نشأت فيها الطفلة أو المراهقة".
وأكدت أن "الشرطة المجتمعية مستمرة بجولاتها التثقيفية والتوعوية، واستطاعت الوصول إلى مناطق نائية ومناطق بعيدة وحتى العشوائيات وغيرها وإقامة الكثير من الندوات بهذا الشأن".
الشرطة المجتمعية وكبار السن
وحول موضوع كبار السن، قالت إن "الشرطة المجتمعية لديها تنسيق مباشر مع دائرة ذوي الاحتياجات الخاصة في محافظة بغداد، وتعمل على استحصال الموافقات الرسمية لغرض إيداع المسن في دار قادرة على توفير الدعم النفسي والصحي له، وذلك بعد تقديم الدعم النفسي والصحي له من قبل الشرطة المجتمعية".
وأكدت الداخلية العراقية أنها تتعامل مع حالات العنف الأسري التي تتضمن إيذاءً جسدياً أو نفسياً شديداً بعد الاتصال بالشرطة المجتمعية عبر الخط الساخن (497) وصفحة الشرطة المجتمعية العراقية على "الفيسبوك"، مشيرة إلى أنه "يجري التنسيق مع قوى المجتمع الفاعل لحل المشاكل وأخذ التعهدات من أولياء الأمور ومتابعة الحالات بسجل خاص لمدة تستمر شهراً أو ثلاثة أشهر أو ستة أشهر بحسب الحالة وإدخالها ضمن الرعاية اللاحقة"
وذكرت: "نتعامل مع قضايا العنف الأسري المتضمنة تعنيفاً جسدياً ونفسياً شديدين عبر تحويلهم إلى مديرية حماية الأسرة والطفل، التي تمثل أحد مفاصل وزارة الداخلية، ولديها أيضاً خط ساخن، وتعمل على تقديم المساعدة اللازمة للمعنَّفين من خلال نقلهم إلى المستشفيات المتخصصة بغية الحصول على الرعاية الصحية اللازمة لمتابعة الحالة بشكل دائم".
ولا يملك العراق قانوناً للعنف الأسري، إذ تعارض القوى السياسية الدينية في البرلمان تمريره منذ سنوات تحت مزاعم أنه تقليد لقوانين غربية.
وما زالت البلاد تعتمد على مواد تشريعية ضمن القانون 111 لسنة 1969، تسمح للزوج والأب بـ"تأديب الأبناء أو الزوجة ضرباً ما دام لم يتجاوز حدود الشرع". وتورد المادة الـ41 من قانون العقوبات أنّه "لا جريمة إذا وقع فعل الضرب استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون. ويعتبر القانون ذلك استعمالاً لحق تأديب الزوج لزوجته، وتأديب الآباء والمعلمين للأولاد القُصَّر". فيما تلجأ الشرطة عادة إلى فرض تعهدات على المسبب للضرر إن كان والداً أو والدة أو زوجاً، وتكتفي بإجراء "مصالحة" بين الطرفين في بعض الأحيان، وإن كان الطرف المسبّب هو الأب، تُلزم الأطفال بالعودة إلى المنزل.