تسببت فيضانات غير مسبوقة منذ عقود في تركيا في مصرع 38 شخصاً على الأقل في شمال البلاد، حيث زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة، إحدى المدن الأكثر تضرراً لأداء الصلاة على نية الضحايا متعهداً بتقديم مساعدة حكومية.
تعرضت مناطق غربي منطقة البحر الأسود (شمالي تركيا) لهطول أمطار غزيرة تسببت بحدوث فيضانات في ولايات بارطن وقسطمونو وسينوب.
وأعلن وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة، ارتفاع عدد ضحايا السيول بولاية قسطمونو إلى 32 قتيلًا وإلى 6 قتلى في سينوب.
وفي وقت سابق الجمعة، ذكر بيان لإدارة الكوارث والطوارئ التركية "آفاد"، أنّ جميع المؤسسات المعنية تواصل عمليات الإجلاء والبحث والإنقاذ والاستجابة بدعم من الأفراد والمركبات، مشيراً إلى استمرار علاج 10 مواطنين في المستشفيات.
وفي وقت سابق، أعلنت "آفاد" في بيان إجلاء 323 شخصاً في بارطن، و925 آخرين في قسطمونو، و472 في سينوب. وهناك عدد غير محدد من الأشخاص في عداد المفقودين.
وجاءت هذه الفيضانات، التي تسببت بها أمطار قوية ليل الثلاثاء الأربعاء، في وقت لا تزال تركيا تتعافى من حرائق ضخمة أودت بثمانية أشخاص في منطقة الجنوب السياحية.
ويرى عدد كبير من العلماء أنّ الكوارث الطبيعية، مثل تلك التي تتوالى في تركيا، قد تصبح أكثر تواتراً وشدّة.
والجمعة، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأماكن المتضررة من السيول في الولايات الثلاثة "مناطق منكوبة".
وبدا أردوغان حزيناً ومفعماً بالأمل في آنٍ واحد أثناء تأديته الصلاة عن أرواح الضحايا أمام بضع مئات السكان في مدينة قسطمونو التي غمرتها المياه.
وقال الرئيس أمام الحشد "سنقوم بكل ما بوسعنا كدولة بأسرع ما يمكن، وننهض من تحت الرماد". وأضاف "لا يمكن أن نُعيد المواطنين الذين فقدناهم، لكن دولتنا لديها الوسائل والقدرة للتعويض على أولئك الذين فقدوا أحباءهم".
كما أعلن أردوغان عن حزمة تسهيلات ومساعدات لدعم المتضررين من السيول، وأشار في تغريدة عبر "تويتر"، الجمعة، إلى إعلانه في وقت سابق اليوم مناطق عديدة في تلك الولايات "مناطق منكوبة" بسبب السيول.
Kastamonu, Bartın ve Sinop illerimizde sel felaketinden etkilenen bölgeleri Genel Hayata Etkili Afet Bölgesi ilan ettik.
— Recep Tayyip Erdoğan (@RTErdogan) August 13, 2021
Yüreğimizi yakan can kayıplarını geri getiremesek de diğer her kaybı telafi edecek güç, imkân ve kararlılığa sahibiz. Milletimiz için çalışmayı sürdüreceğiz. pic.twitter.com/ZNBi5Ip6U6
ولفت إلى استمرار أعمال الإنقاذ في مناطق السيول بواسطة خمسة آلاف و88 شخصاً و19 مروحية وطائرة مسيّرة و701 سيارة و66 سيارة إسعاف و41 فريق بحث طبي و542 آلية أشغال، و14 صهريجاً لسحب المياه.
وكشف عن تطبيق حزمة من التسهيلات في المناطق المنكوبة لدعم المتضررين، مثل تأجيل دفع الضرائب والديون، وتعويض الخسائر المادية، وإعداد حزمة دعم عاجل لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة المتضررين.
لكن بعض الناجين المصدومين عبّروا عن غضبهم إزاء السلطات المحلية، متهمين إياها بعدم التحرك بالسرعة اللازمة لوضع السكان في أمان.
وقالت أرزو يوجل التي فقدت أثر ابنتيها وأهل زوجها إثر انهيار مبنى سكني: "قالوا لنا فقط أن نضع سياراتنا في مكان آمن، لأن النهر قد يفيض. لم يقولوا لنا أنقذوا حياتكم وحياة أبنائكم". وأضافت وهي تجهش بالبكاء، وفق ما نقلت عنها وكالة الأنباء التركية الخاصة "ديميرورين" (دي إتش إيه)، "لو تمّ تحذيرنا، لغادرنا في أقلّ من خمس دقائق (...) لم يُطلب منا إخلاء المبنى".
بعد تساقط أمطار غزيرة، ارتفع مستوى المياه إلى أربعة أمتار في بعض المدن، بحسب السلطات، وغرقت شوارع مدن كاملة في سيول جرفت سيارات.
شاهد آدم سينول (75 عاماً) المياه تحاصر، خلال بضع دقائق، منزله في محافظة بارتين. وقال لوكالة أنباء الأناضول الرسمية "لم أرَ شيئاً كهذا من قبل". وأضاف "ارتفعت المياه إلى فوق نوافذنا وكسرت بابنا وحتى حائط حديقتنا".
وصرّح وزير الزراعة والغابات بكر باك دميرلي "إنها كارثة لم نعش مثلها منذ 50 أو مئة عام ربما".
في مواجهة ارتفاع منسوب المياه، اضطرت فرق الإغاثة إلى إجلاء 45 مريضاً من مستشفى في منطقة سينوب الساحلية. وأظهرت مشاهد بثّتها قنوات التلفزة وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي عملية إجلاء قرويين في مروحية بعدما لجأوا إلى أسطح منازلهم. وانهارت جسور عدة إثر انزلاقات أرضية.
19 people trapped in floods in Turkey's Black Sea province of Sinop were rescued by helicopter pic.twitter.com/TXRWO4QRUI
— ANADOLU AGENCY (@anadoluagency) August 11, 2021
تتوقع مصلحة الأرصاد الجوية تواصل هطول الأمطار في المناطق المتضررة في سائر أيام الأسبوع.
وتشهد المناطق التركية المطلة على البحر الأسود بشكل متكرر فيضانات. الشهر الماضي، قضى ستة أشخاص في ريزي في شمال شرق البلاد.
بعد هذه السلسلة من الكوارث الطبيعية المتكررة التي ضربت تركيا، كثف العديد من السياسيين والجمعيات ضغوطهم على أردوغان كي يتخذ تدابير جذرية من أجل الحد من انبعاثات غازات الدفيئة.
وتركيا هي من بين الدول النادرة التي لم تتبنَ اتفاق باريس للمناخ المبرم عام 2015.
قبل عامين من انتخابات تبدو صعبة بالنسبة إلى الرئيس التركي على خلفية صعوبات اقتصادية، تمثل هذه الكوارث الطبيعية تحدياً سياسياً بالنسبة إليه.
وأثناء زيارة للمناطق المنكوبة بسبب الحرائق في أواخر يوليو/ تموز، أثار أردوغان الغضب عندما رمى للناجين أكياس شاي من حافلة. إذ إن منتقديه رأوا في ذلك مؤشراً إلى انعدام التعاطف مع المنكوبين.
(الأناضول، فرانس برس)