بالنسبة إلى صانعي السياسة في تركيا، يشكل السياح إعلانات متحركة من خلال سلع ومنتجات البلاد التي يحملونها في حقائبهم. من هنا يركزون على زيادة عدد الشواطئ العامة المجانية التي تحمل الراية أو العلامة الزرقاء سنوياً، والتي تمنحها مؤسسة التعليم البيئي العالمية غير الحكومية للشواطئ والموانئ، باعتبارها وسيلة ترويج عالمية للبلاد.
يشرح المتخصص بالترويج السياحي، فيهري إيت، لـ"العربي الجديد" أن الراية الزرقاء شهادة امتياز وثقة دولية تفيد بأن الشاطئ نظيف وآمن، وتمنحها المؤسسة الدولية بعد التأكد من معايير سلامة البنية التحتية، وتوفير الخدمات وجودة المياه، وخلو البحر من أي تلوّث".
ويلفت إلى أن تركيا "سبّاقة" في هذا المجال، وتسعى منذ 34 عاماً إلى جعل معظم شواطئها تحصل على هذه علامة الزرقاء. ويعتبر أن تفشي وباء كورونا خلال عامين أثرّ سلباً على إقبال السياح ومشروعات تأهيل بعض الشواطئ، لكن استراحة الطبيعة والشواطئ، تحديداً من التلوّث والتعديات جلبت إيجابيات.
وكان وزير الثقافة والسياحة التركي محمد نوري أرصوي أكد سابقاً أن بلاده حافظت العام الحالي على المركز الثالث عالمياً بعد إسبانيا واليونان في عدد الشواطئ التي حصلت على الراية الزرقاء، وتخطط لاحتلال المركز الأول عالمياً في عدد هذه الشواطئ.
وقد أضافت تركيا هذا العام 12 شاطئاً جديداً لشواطئها الـ519 التي حصلت على الراية الزرقاء، بينها 5 في ولاية أنطاليا التي عززت مركزها الأول عالمياً في عدد الشواطئ التي ترفع الراية الزرقاء، والذي يبلغ 218، بعد تأكيد تلبيتها المعايير الدولية المطلوبة على صعيد جودة ونظافة مياه البحر، وتأمين التوعية البيئية المطلوبة والعناية بإدارة البيئة وجودة الخدمات المقدمة، والتدابير الأمنية المطلوبة في المناطق السياحية.
ويخبر العامل في القطاع السياحي محمد أرسلان "العربي الجديد" أنّ "المواطن التركي هو الهدف الأول المنشود في نيل تصنيف الراية الزرقاء، لذا تزيد السلطات عدد الشواطئ العامة والمجانية كي تسمح بالسياحة والاصطياف للجميع، حتى بالنسبة إلى الفقراء، وتحدد أسعار المأكولات والمشروبات فيها بمثيلاتها في محلات الولايات، وتستثمر عائدات المبيعات في توفير خدمات. لكن ذلك لا يعني إهمال عامل الجذب الدولي".
ويلفت إلى أنّ العلامة الزرقاء ليست حكراً على الشواطئ البحرية، إذ يمكن أن تمنح لبحيرات، وهو ما حصل لشاطئ إنجيرالتي على بحيرة إزنيك الشهيرة بولاية بورصة في العام الجاري، ما جعله أول شاطئ بحيرة في تركيا ينال هذه الميزة".
ورداً على شائعة فصل شواطئ تحمل العلامة الزرقاء بين الشباب والأسر، يؤكد أرسلان أن بلاده لا تطبق أي معايير للفصل بين الناس في الأماكن العامة. لا بين النساء والرجال ولا بين الأتراك والسياح. لكنه يعترف بأن بعض الشواطئ تخصص أماكن للأسر وأخرى ملاصقة للشباب، كما يوجد في أخرى تابعة لمرافق سياحية شواطئ خاصة بالنساء وأخرى بالمحجبات، بعضها في ولاية أنطاليا. ويشدد على أنّ "الشواطئ العامة ذات العلامة الزرقاء تتضمن ميزات، ويجب ألا يخضع ارتيادها لشروط، فهي توفر مجاناً خدمات ومستلزمات مختلفة، وتوظف رجال إنقاذ".
وحول أهم الشواطئ الممهورة بالعلامة الزرقاء، يوضح أرسلان أنّ "شواطئ أنطاليا تتصدر القائمة، وأحدها بمساحة 44 ألف متر مربع في منطقة ماناوغات، وهناك أيضاً شواطئ كمر جاميوفا وكابوتاش، وأخرى كبيرة في ولاية موغلا التابعة لأنطاليا، ومرمريس وبودروم وشواطئ وإزمير وألانيا. وأعتقد بأن شاطئ لارا في أنطاليا أحد الأفضل في تركيا، لأنه رملي ويمتد على مسافة 8 كيلومترات، ويحمل العلامة الزرقاء". وأطلقت تركيا أخيراً شعار "السياحة الآمنة"، إلى جانب محاولتها تلبية 23 معياراً تطلبها مؤسسة التعليم البيئي العالمية لمنح العلامة الزرقاء. وزاد الترويج للسياحة الآمنة في تركيا بعدما اتفقت وزارات السياحة والثقافة والداخلية والخارجية على إصدار شروط للمنشآت كي تحظى بفرصة نيل الشهادة، ودخول موقع وكالة ترويج وتطوير السياحة التركية التي تعتمد شروط المنظمات الدولية المتخصصة.
وتدرج المنشآت في تصنيف السياحة الآمنة إذا طبقت الشروط الدولية على صعد النقل والتجهيزات والطعام، ونالت موافقات من الوزارات واتحاد أصحاب الفنادق واتحاد المنشآت الفندقية في تركيا، وجمعية مستثمري المطاعم السياحية والمطاعم التجارية".
ويشير أرسلان إلى أنّ الحصول على شهادات السياحة الآمنة يختلف عن العلامة الزرقاء، فالأولى مخصصة للمنشآت السياحية والثانية للشواطئ. ويوضح أن "السياحة الآمنة تستدعي مساراً طويلاً، إذ يجب أن تستوفي 132 معياراً خاصاً تشمل دخول السياح إلى المنشأة والتعامل مع حالات الطوارئ والعزل الصحي، و120 معياراً خاصاً بالأماكن المخصصة للطعام والشراب، و44 معياراً يتعلق بمركبات التنقل والتجول. كما تشمل الشروط برامج المياه والهواء، إذ يجب أن تعقم المنشآت التي تحصل على الشهادة سخانات المياه ومكيفات الهواء لدى مغادرة الزوار، وترك مسافة 1.5 متر على الأقل بين الطاولات، و60 سنتيمتراً بين الكراسي".