إخلاء سبيل الناشط يحيى حلوة... ومطالبات بالإفراج عن كل المرضى في السجون

03 أكتوبر 2022
المطالبة بالإفراج فوراً عن كل المرضى في السجون (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

بعد عامين في السجن، عانق الناشط السياسي المصري عضو حزب العيش والحرية "تحت التأسيس" يحيى حلوة الحرية، بعد معاناة طويلة داخل زنزانته من تدهور حالته الصحية نتيجة إصابته بعيب خلقي في القلب يستلزم عناية طبية فائقة ومباشرة. 

يحيى حلوة كان قد قبض عليه من منزله بمحافظة السويس في 17 سبتمبر/أيلول 2020، واختفى قسريا مدة 11 يوما حتى ظهر أمام نيابة أمن الدولة العليا في 28 سبتمبر/أيلول على ذمة القضية رقم 880 لسنة 2020، وقد أقر أمام المحققين بتعرضه لسوء المعاملة والضرب والتعذيب صعقاً بالكهرباء، وطالب بالتحقيق في هذه الانتهاكات. 

وبينما عبّر حزب العيش والحرية -تحت التأسيس- عن سعادته بخروج حلوة، قال في بيان له: "ندرك أنه ما زال هناك بالسجون عشرات على الأقل من المواطنين والنشطاء الذين نعرفهم ويمكننا نحن وغيرنا من القوى الديمقراطية حصرهم، وآلاف غيرهم لا نعرفهم ولا نستطيع حصرهم. ونؤكد أن خروج كافة المظلومين من السجون وتحقيق انفراجة شاملة وحقيقية مرتبطان بتغييرات حقيقية في السياسات والتشريعات التي أدت لحبسهم".

حالة حلوة لا تختلف عن أحوال المئات وربما الآلاف من المعتقلين من كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة والشباب الذين يعانون أوضاعا صحية حرجة في سجون تفتقد للكثير من مقومات الحياة الطبيعية. 

وبينما تفرج السلطات المصرية عن أفراد بين عشرات الآلاف من السجناء السياسيين الذين ألقي القبض عليهم بعد صيف 2013، تظل المطالبة بالإفراج فورا عن المرضى في السجون هي الأولوية لدى الكثير من المنظمات الحقوقية والمبادرات المجتمعية، إذ يعد الإهمال الطبي في السجون جريمة بنص الدستور والقانون؛ إذ تنص المادة 18 من الدستور المصري الصادر عام 2014 على أن "لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقًا لمعايير الجودة… ويجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان في حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة".

كما تنص المادة 55 من الدستور على أن "كل من يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيّا أو معنويّا، ولا يكون حجزه أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيّا وصحيّا".

وكذلك تنص المادة 56 على أن "السجن دار إصلاح وتأهيل. تخضع السجون للإشراف القضائي ويحظر فيها كل ما ينافي كرامة الإنسان، أو يعرض صحته للخطر".

وتؤكد منظمات أن الإهمال الطبي في السجون ومقار الاحتجاز يعد ترسيخا لسياسة القتل البطيء التي تنتهجها السلطات المصرية تجاه خصومها، وذلك بالرغم من حملاتها الإعلامية وتأكيدها المستمر احترام حقوق المحتجزين المختلفة داخل أماكن الاحتجاز المختلفة، وعلى رأسها الحق في تقديم الرعاية الصحية الملائمة، وهو الحق الذي يُنتهك بشكل منهجي، خاصة داخل السجون المشددة، في ظل سياسة تعتيم تفاقمت مع انتشار فيروس كورونا.

وأظهر بحث لمنظمة العفو الدولية، شمل 16 سجنا، أن عيادات السجون تفتقر إلى الإمكانيات اللازمة لتقديم رعاية صحية كافية، ومع ذلك، كثيراً ما يرفض مسؤولو السجون نقل المحتجزين في وقت مناسب إلى مستشفيات خارج السجون لديها الإمكانات المتخصصة المطلوبة، ويحتمل أن يكون تقاعس السلطات عن تقديم الرعاية الصحية اللازمة، بما في ذلك حالات الطوارئ، قد أسهم أو تسبب في وقوع وفيات قيد الاحتجاز كان يمكن تجنبها.

وأكدت المنظمة أن أمر تقديم الرعاية الصحية الفورية، بما في ذلك الحالات الطبية الطارئة، يترك إلى تقدير الحراس وغيرهم من مسؤولي السجون، الذين يميلون عادة إلى تجاهل شدة مشاكل المحتجزين الصحية أو التقليل من شدتها، ويؤخرون في المعتاد نقلهم لتلقي العلاج داخل السجون أو خارجها.

فيما طالب حزب العيش والحرية بتعديل القوانين التعسفية المقيدة للحريات ذات العبارات الفضفاضة، مثل قانون مكافحة الإرهاب والمواد المكبلة لحريات التعبير، والتنظيم والتجمع السلمي والنشر، من قوانين العقوبات والتجمع والتظاهر والجرائم الإلكترونية التي لا تقيد الحق في التعبير السياسي فقط وإنما كافة أشكال التعبير، مثل من يسجنون بموجب المواد المجرمة لإزدراء الأديان وهدم قيم الأسرة وغيرها من القوانين.

إلى جانب تعديل قانون الإجراءات الجنائية بحيث يتوقف استخدام الحبس الاحتياطي كعقوبة من دون مبررات، وتوقف الممارسة السيئة المعروفة بالتدوير، حيث يحبس الناس بالتهم نفسها في قضية أخرى من دون ارتكاب أي واقعة ومن دون أن يروا الشارع من الأساس، فضلًا عن مطالبته "بمواجهة حاسمة لممارسة الاختفاء القسري الذي عانى منه معظم زملاؤنا، وكافة انتهاكات الحقوق الدستورية كالتعذيب وسوء المعاملة وانتهاكات ضمانات المحاكمة العادلة".

كما دعا إلى إصدار عفو عام وقرارات بإخلاء السبيل عن كل من سجنوا بموجب هذه الآليات والقوانين.

وقد أدى الإهمال الطبي في السجون، على مدار السنوات الماضية، إلى ارتفاع معدلات الوفاة داخل السجون ومقار الاحتجاز المختلفة. ففي العام 2021، تُوفي 60 محتجزا داخل السجون المصرية، حسب ما وثقت منظمة "نحن نسجل" في إحصائيتها السنوية، مقسمين إلى 52 ضحية من السجناء السياسيين، و8 جنائيين بينهم 6 أطفال.

 

فيما شهد عام 2020 وفاة 73 مواطنا نتيجة إهمال طبي في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في مصر. وخلال السنوات السبع الماضية، قضى نحو 774 محتجزا داخل مقار الاحتجاز المصرية المختلفة، حيث توفي 73 محتجزا عام 2013، و166 محتجزا عام 2014، و185 محتجزا عام 2015، و121 محتجزا عام 2016، و80 محتجزا عام 2017، و36 محتجزا عام 2018، و40 محتجزا عام 2019.

 

المساهمون