استمع إلى الملخص
- "صندوق غسان أبو ستّة للأطفال" يقدم الدعم الطبي لأطفال غزة المصابين، حيث يستفيد آدم كأول طفل من هذه المبادرة في بيروت، مع التركيز على الرعاية الطبية والنفسية والاجتماعية.
- الجهود المبذولة لعلاج آدم وأطفال آخرين تشمل التحضير للجراحة وإعادة التأهيل، مع التزام بتأمين الرعاية الشاملة وتسليط الضوء على الحاجة الماسة للدعم الطبي والنفسي للأطفال المتأثرين بالنزاعات.
آدم طفل فلسطيني يبلغ من العمر5 أعوامٍ، يقاوم بالأمل معاناة مضاعفة عايشها بعد تعرّضه لإصابة خطرة في يده اليسرى نتيجة قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي منزل أسرته في جباليا في 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث استشهد أفراد من عائلته، بينهم والده، وشقيقته، وعمّته، بينما ترقد والدته في أحد مستشفيات مصر، في مشهد من مشاهد المعاناة التي يمر بها أي طفل فلسطيني في قطاع غزة.
ومن غزة إلى مصر، ومن مصر وصل آدم مع عمّه عيد إلى بيروت، أمس الاثنين، حيث كان في انتظاره فريق من المتطوّعين لدى "صندوق غسان أبو ستّة للأطفال"، وسيارة تابعة للصليب الأحمر نقلته إلى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، من أجل استئناف تلقّي العلاج والرعاية الطبية اللازمة.
آدم طفل فلسطيني يتحدى بالأمل آلامه
وافتُتح "صندوق غسان أبو ستّة للأطفال" في أواخر العام الفائت 2023، بمبادرة إنسانية من مؤسسي "متحف نابو" للآثار والطبيب الفلسطيني البريطاني غسان أبو ستّة ومجموعات من أصدقاء الشعب الفلسطيني. وتهدف المبادرة إلى تقديم الدعم الطبي اللازم لأطفال غزة الجرحى الذين سبّبت إصاباتهم فقدان الأطراف أو أعضاء الجسد، وغيرها من الحالات التي تستدعي عمليات بتر أو المصابين في العينين أو الفم أو الأذنين، ، حيث يعد الطفل آدم أول طفل فلسطيني يصل إلى بيروت لتلقي العلاج ضمن المبادرة.
ويتطلع آدم بأملٍ إلى بدء رحلة العلاج الجسدي وإعادة التأهيل، راسماً ابتسامة على وجهه، فيها مزيجٌ من التفاؤل والخوف، فرغم كونه طفلاً فلسطينياً خارجاً من ويلات الحرب غير أنه صاحبُ الشخصيّة القويّة، العفويّة، والصوت العالي المرح، الذي في المقابل شاهد على مجزرة أودت بحياة أقاربه وأحبائه، ووضعت والدته على سرير المستشفى بحالةٍ خطرة، وفق ما يصفه من التقاه في مطار بيروت ويرافقه في المركز الطبي، مشيرين لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "كل الفريق المرافق والمتابع لحالة آدم يحبّونه، إذ تمكّن صاحب الخمسة أعوام، من سرقة قلبهم، ينتظرون رؤيته والحديث معه، هو الذي لم يخفِ حبّه لشخصية سبايدرمان، وفي الوقت نفسه، عجز عن إخفاء خوفه من الإبرة كلّما أمسكتها الممرضة بيدها"، لافتين إلى أنّ "آدم وعمّه مقرّبان جداً كلٌّ منهما من الآخر، وعمّه يخاف عليه كثيراً، ولا يتركه يغيب عن نظره، كما أن آدم متمسّك بالحياة، ويريد العودة إلى أرضه وتحقيق أحلامه فيها".
في الإطار، تقول المتحدثة الإعلامية باسم "صندوق غسان أبو ستّة للأطفال"، دانيا دندشلي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "آدم نجا من قصف إسرائيلي استهدف منزلهم في جباليا في 29 أكتوبر الماضي، لكنه تعرّض لإصابة خطرة في يده اليسرى، وللأسف توفي والده، وشقيقته (عمرها سنة)، وعمّته، بينما أصيبت والدته بجروح"، مشيرة إلى أنّ "آدم انتقل إلى مصر في 5 ديسمبر/كانون الماضي، حيث خضع لعددٍ من العمليات، قبل نقله إلى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، حيث حضر معه عمّه، وستوفَّر له كامل التغطية الطبية، مع مسار إعادة التأهيل والدمج، وتلقي الرعاية الطبية والنفسية والاجتماعية".
"لقد استقبلنا اليوم طفلاً من غزة يبلغ من العمر خمس سنوات وهو أول جريح يصل إلى لبنان. ومن المقرر أن يتلقى العلاج الطبي من الإصابات الجسيمة التي لحقت به خلال الاستهداف الجماعي والعشوائي المستمر الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي للمدنيين في القطاع."
— AUB Office of the President (@POAUB) May 28, 2024
رئيس الجامعة الأميركية في بيروت فضلو… https://t.co/LdxhRq0HoO
وتلفت أيضاً الاختصاصية النفسية، دانيا دندشلي قائلة "لا نعرف بعد المدة التي سيبقى خلالها آدم في المستشفى، قبل عودته إلى مصر، فهذا الموضوع يقرّره فريق الأطباء المتابع لحالته، إذ إن هناك مراحل متعددة في رحلة العلاج، تبدأ بالتحضير الجسدي قبل إخضاعه لأي عملية جراحية"، مشددة كذلك على أهمية إعادة التأهيل، إذ إنّ "فلسفة الصندوق وهدفه الأساسي ترميم الحياة بالتزامن مع ترميم الأجساد، بمعنى إعادة تأهيل الأطفال، وتعزيز قدراتهم حتى يتمكنوا من إعادة التعامل مع يدهم وجسمهم بشكله الجديد بعدما فقدوا منهم أطرافاً، علماً أن آدم لم يفقد أي طرف، ولكن الحديث هنا بشكل عام عن أهمية إحضار الأطفال الذين أصيبوا بالحرب إلى لبنان وبأسرع وقت لتجنّب تعرّضهم لأي مضاعفات، مع الاستفادة أيضاً من القطاع الطبي في لبنان الذي يتمتع بنظام كامل بما يختص إعادة التأهيل، سواء الجسدي أو التربوي، والصحة النفسية، ومعالجة إصابات الحروب، وغيرها".
من جهة ثانية، تشير دندشلي إلى أن العمل يجري على إعداد لائحة بالأطفال المصابين، لإحضارهم إلى لبنان، لكنها تلفت في المقابل إلى أنّ هناك معايير معينة للاختيار، وفريقاً طبياً يدرس الملفات، والحالات التي يمكن معالجتها تبعاً لأنواع الإصابات والعمليات الجراحية المطلوبة، لافتة إلى أنّ الصندوق يتعهد من جانبه بتأمين الرعاية الشاملة، سواء جسدياً، أو نفسياً، وكذلك على صعيد التعليم والترفيه وغيرها من الاحتياجات التي تعيد دمج الأطفال في مجتمعهم ومحيطهم.