يُعدّ "منتدى الجالية الجزائرية" في تركيا إحدى التجارب الطموحة والمُهمة على صعيد تنظيم الجالية الجزائرية في العالم، بما يتيح لها الدفاع عن مصالحها ورعايتها والمشاركة الإيجابية في الحياة العامة في البلد المضيف، إلى جانب الإسهام في دعم المشاريع في الجزائر وإعطاء صورة مشرفة عن البلاد.
وأحيت الجالية الجزائرية، قبل أيام (19 فبراير/شباط الجاري)، الذكرى الثالثة لتأسيس هذا المنتدى، أو "الدار الكبيرة" كما يحلو للجزائريين تسميتها، وسط حضور متنوع جمع مختلف الجاليات العربية والإسلامية، بالإضافة إلى شخصيات مثّلت عدة مؤسسات ناشطة بتركيا..
وُلدت فكرة المنتدى قبل ثلاث سنوات في حديقة بإسطنبول، عندما بدأ تجمع للطلبة والكوادر الجزائريين التفكير في تأسيس جمعية جزائرية بتركيا، بعدها انطلقت الخطوات العملية والقانونية على أرض الواقع، ليعلن في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، بمناسبة عيد ثورة الجزائر، اعتماد المنتدى رسميا جمعيةً قانونيةً وفق القانون التركي، وأقيمت أول فعالية رسمية في فبراير/شباط 2019 بمناسبة عيد الشهيد، حضرها ممثلون عن الدبلوماسية الجزائرية ومستشار الرئيس التركي الدكتور ياسين أقطاي وشخصيات جزائرية وتركية.
وفي السياق، يقول نور الإسلام توات، نائب رئيس المنتدى وأحد أبرز العاملين فيه، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المنتدى هيئة ثقافية اجتماعية تجمع أفراد الجالية الجزائرية في الأراضي التركية، هدفها توطيد أواصر الأخوة والتعاون بين الجزائريين، كما تسعى لتقوية أسس الصداقة بين الشعبين التركي والجزائري، وتحقيق التكافل والتعاون بين الجالية الجزائرية في تركيا ضمن فضاء قانوني يشمل الجانب الثقافي والاجتماعي والطلابي والاقتصادي، وخدمة شؤون الجزائريين في تركيا وتعزيز العلاقات الجزائرية التركية بما يخدم مصلحة البلدين".
خلال عامه الأول، أنجز المنتدى 50 نشاطاً، بين محاضرات وأنشطة تخص دعم الاندماج الاجتماعي للجالية في تركيا، قبل أن يبدأ تطوير استراتيجيته عبر تأسيس نواد تخصصية وخلق فضاءات تهمّ الجالية، على غرار "النادي الاقتصادي" الذي يهتم برجال الأعمال الجزائريين وكل ما له علاقة بالتجارة والاستثمار، و"نادي المرأة والأسرة"، الذي يهتم بشؤون المرأة الجزائرية والأطفال، و"نادي المناظرات" الذي يُدرّب الشباب والطلبة، إضافة إلى "النادي الرياضي" وتنظيم الرحلات السياحية المشتركة.
كما أطلق المنتدى في وقت لاحق "منتدى العمل الخيري المناسباتي" الذي يتولى تقديم إعانات لبعض العائلات والطلبة الجزائريين في الأعياد والمناسبات الدينية، كشهر رمضان وعيد الأضحى...
إشعاع مع أزمة كورونا
ويؤكد محمد واعراب، أحد كوادر الجالية الجزائرية في تركيا، لـ"العربي الجديد"، أن المنتدى برز بشكل لافت مع بداية الأزمة الوبائية لكورونا، خاصة بعد إصدار السلطات الجزائرية قرارا بإغلاق الحدود الجوية والبحرية والبرية، ما أدى إلى توقف كل الرحلات، وبقاء ما يفوق ألفي مسافر جزائري عالقين في مطار إسطنبول الدولي، إذ تولى المنتدى توفير المؤونة والاحتياجات الغذائية لصالح العالقين في المطار، كما ساهم شبابه في تقديم فحوصات مجانية بالتنسيق مع أطباء جزائريين مقيمين بإسطنبول، وتوصيل المؤونة والأدوية لصالح العالقين الجزائريين الذين نقلوا إلى إقامة جامعية بعيدة عن إسطنبول 600 كيلومتر.
وتركز الحكومة والسلطات الجزائرية، خلال الفترة الأخيرة، على ضرورة إطلاق خطط لتنظيم وتأطير الجالية الجزائرية في الخارج، للاستفادة من الكوادر العاملة في مختلف المجالات في الخارج، وإفساح المجال لها للمساهمة في التنمية وخدمة مصالح الجزائر والدفاع عنها في مختلف الفضاءات، وهو ما يستدعي تغيير أنماط تعاطي الممثليات الدبلوماسية الجزائرية مع أوضاع الجالية في الخارج.
ونسّق شباب المنتدى الأنشطة مع الممثلية الدبلوماسية الجزائرية في تركيا، خاصة في عهد السفير الجزائري السابق مراد عجابي، ومع حكومة البلد المضيف تركيا وجمعيات محلية كالهلال الأحمر التركي وجمعية لرجال الأعمال الأتراك.
وساهم المنتدى في تنسيق جهود نشطاء وجمعيات جزائرية في الخارج عن طريق تأسيس "منتدى الجزائريين في الخارج"، الذي قاد خلال الأزمة الوبائية في الجزائر حملة "ومن أحياها" لإدخال أسطوانات الأكسجين إلى الجزائر.
ويطمح المنتدى، ضمن الآفاق والمشاريع المستقبلية، إلى تأسيس وقف خاص للجالية الجزائرية بتركيا، وإنشاء مشروع استثماري يموّل المنتدى ومدرسة خاصة، فضلا عن إيجاد ممولين لمشاريع الطلبة وتأسيس مركز دراسات جزائري في تركيا.