أجبرت قوة تابعة لهيئة تحرير الشام، جبهة النصرة سابقاً، الأحد، أصحاب محلات الهدايا والعطور في عدد من مناطق محافظة إدلب، شمال غربي سورية، على إغلاق محلاتهم، كيلا يبيعون بضائعهم للمحتفلين بعيد الحب الذي يصادف اليوم 14 فبراير/شباط، الذي تعتبر الهيئة الاحتفال به محرماً.
وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن عناصر مما يسمى بمركز "الفلاح" (جهاز الحسبة)، التابع للهيئة، أجبروا أصحاب ما لا يقل عن 20 محلاً لبيع الهدايا والعطور في مدينة سلقين، شمال غربي إدلب، على إغلاق محلاتهم، وأخرجوا الرافضين منها عنوة، ووضعوا عليها أقفالاً أحضروها معهم مسبقاً.
وأضافت المصادر أن المدينة شهدت انتشاراً مكثّفاً لعناصر مسلحين من المركز، الذي يعمل على تطبيق "الشريعة" عنوة في مناطق سيطرة الهيئة، ويعتبر من أعلى الأجهزة قوة في سلسلة هرمها التنظيمي.
وأشارت إلى أن عناصر آخرين يتبعون للمركز، ترافقهم قوة من "أمنية إدلب" التابعة للهيئة، جابوا شوارع مدينة إدلب، وطالبوا أصحاب المحلات بالإغلاق، وسيّروا دوريات في شوارع المدينة.
ويعتبر مركز "الفلاح" بديلاً عن مركز "سواعد الخير" الذي غيّرت الهيئة اسمه أوائل عام 2020، بعد غضب شعبي، وعلى خلفية الممارسات والانتهاكات التي كان يرتكبها عناصره بحق المدنيين.
ويعمل المركز على تطبيق الشريعة بحسب زعم عناصره، ويحارب الاختلاط بين الذكور والإناث في الأماكن العامة، وإقامة الاحتفالات، وتدخين السجائر والنرجيلة في الأماكن العامة، ونشر الإعلانات والملصقات "المحرمة".
وفي مايو / أيار الفائت، أصدر "مركز جسور للدراسات" دراسة تحليلية تناولت أهداف ظهور جهاز حسبة تحرير الشام من جديد، وباسم مختلف، بالرغم من الانتقادات والغضب الشعبي.
وقالت "وحدة الحركات الدينية" في المركز إن الهيئة تحرص على الدفع قدُماً لتطبيق هذه الفكرة رغم فشلها السابق تحت مسمى "سواعد الخير"، كما تهدف إلى تعميق التغلغل في المجتمع، إضافة إلى سعيها للموازنة بين تكتّلات الهيئة، حيث إن وجود الحسبة بحد ذاته يعد عاملاً في التوازن الداخلي فيها، نظراً لكون بعض المسؤولين ينتقدون تراخي الهيئة في القيام بواجباتها الدينية، وتعيين هؤلاء أو مقربين منهم على رأس الهيئة يزيد من تماسكها التنظيمي.
وأشارت الدراسة إلى أن التناغم مع التيار الجهادي هو من أهداف تفعيل الفلاح، فبالرغم من أنّ الهيئة ترى نفسها ضابطاً لملف التنظيمات الجهاديّة وتحركاتها في إدلب، إلا أنها تسعى بالتوازي مع ذلك لتخفيف حدّة التنافر المتوقّع فيما بين قواها وعناصرها.
وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أدانت، مايو الماضي، الممارسات المتشددة التي تقوم بها هيئة تحرير الشام وذراعها الجديدة "مركز الفلاح"، وأشارت إلى أن ممارسات المركز تعتبر انتهاكاً لأبسط معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان، والذي ينص بشكلٍ واضح على حرية الحركة واللباس والتنقل.
وطالبت الشبكة، في تقرير، المجتمع الدولي بمساعدة السوريين في التخلص من التنظيمات المتشددة التي تعتاش على الفوضى، وذلك باتخاذ خطوات جدية وفق جدول زمني محدد وصارم لتحقيق انتقال سياسي نحو الديمقراطية يضمن الاستقرار وحقوق الإنسان.