"عزوتي"... عراقيون يوفرون العلاج للمرضى

07 يوليو 2022
نال "عزوتي" ثقة الناس (فيسبوك)
+ الخط -

يفخر أهالي محافظة المثنى العراقية (280 كيلومتراً جنوب العاصمة بغداد)، بـ"عزوتي"، وهو اسم فريق تطوعي من المحافظة كسب ثقة قاطنيها بسبب "إنجازات" حققها على الصعيد الإنساني في منطقة فقيرة يعاني أهلها من البطالة، عدا عن إهمال البنى التحتية. ونجح الفريق في جمع تبرعات عديدة لمساعدة الأهالي. 
والعزوة تمثل القوة والشجاعة والبطولة والمساعدة والكرم التي يتصف بها شخص أو قبيلة أو مجموعة. وعلى الرغم من المبادرات العديدة التي تبناها فريق "عزوتي"، لكن أفراده اليوم يحدّدون مساراً واحداً للمساعدة يتمثل بالتكفل بعلاج مرضى الفشل الكلوي. ويقول رائد فريق عزوتي جعفر الزيادي، لـ"العربي الجديد"، إن الفريق كان يعمل لفترة طويلة في مجالات إنسانية مختلفة لصالح المحتاجين من أبناء محافظة المثنى، مشيراً إلى أنه منذ عام 2017، بدأ الفريق يتخصص في مجال تقديم المساعدات لمرضى الفشل الكلوي.
ويعدّ الفشل الكلوي من بين الأمراض التي تسجّل ارتفاعاً في عدد المصابين. ونظراً لتهالك البنى التحتية الصحية، تنتهي حياة الكثير من المصابين بهذا المرض من دون أن يحصلوا على العلاج الملائم، فيما يتمكن أولئك الذين يملكون المال من السفر إلى خارج البلاد للعلاج، أو التوجه إلى مستشفيات خاصة داخل العراق، وخصوصاً في إقليم كردستان.  
ويقول الزيادي إنه بسبب نقص العلاجات أو استخدامها بشكل خاطئ وتناول مياه الشرب الملوثة، تسجل محافظة المثنى عدداً كبيراً من المصابين بالفشل الكلوي، لافتاً إلى أن عدد المرضى المعلن عنهم داخل المحافظة يبلغ حوالي 300 شخص. يضيف الزيادي: "رسمياً، تكفل فريق عزوتي بعلاج أول حالة فشل كلوي عام 2017"، مبيناً أنّهم يركزون على عملهم التطوعي في محافظتهم فقط نظراً لوجود عدد كبير من المرضى، ويؤكد أنّ خبرة الفريق الصحي والقدرة على جمع التبرعات وغير ذلك جعلتهم قادرين على المساعدة.
ويضمّ فريق عزوتي مجموعة من الشباب. وعادة ما ينتشرون في مركز المدينة ليومين بعد الحصول على الموافقة الأمنية لجمع المبلغ المطلوب. وقد عرف الأهالي الفريق التطوعي من خلال يافطة وضعت على الطريق وصندوق تبرعات، كما أن الكثير من أعضائه باتوا شخصيات معروفة بين سكان مدينتهم.

ويذكر الزيادي أن فريقه مكون من 300 عضو موزعين على 24 مجموعة تشمل كل مناطق محافظة المثنى، يتابع: "نعتمد على تبرعات الناس البسطاء في الشارع ولا يوجد لدينا أي دعم حكومي ولا نحصل على تمويل من المنظمات أو المؤسسات أو رجال الأعمال، بل نعتمد على تبرّعات الخيرين أثناء الحملة".

فريق العمل (فيسبوك)
فريق العمل (فيسبوك)

وكسب "عزوتي" ثقة أبناء محافظة المثنى، ويسعى إلى إطلاق المزيد من المشاريع المستقبلية في القطاع الصحي. ويشير الزيادي إلى أن هناك مخططاً لتقديم مقترح من أجل بناء مستشفى خاص لعلاج مرضى الكلى في محافظة المثنى، واستقطاب أطباء متخصصين في زراعة الكلى.
ويُشيد الطالب الجامعي أيمن عبد الرحمن، وهو من سكان محافظة المثنى، بـ"عزوتي"، ويعتبر أنه حقق إنجازاً وطنياً، ويقول إنّ "ما حققه فريق عزوتي عجز عنه مسؤولون حكوميون ومؤسسات الدولة. وبالتالي، يمكن القول إنه حقق إنجازاً وطنياً"، يضيف في حديثه لـ"العربي الجديد": "يبدو أن الحل يكمن في المبادرات الإنسانية التي يتبناها المواطنون لإنقاذ البلد وسكانه، فالحكومة غارقة بالفساد".

تهمة الفساد التي أطلقها عبد الرحمن ليست غريبة عن الشارع، إذ إن العراقيين بشكل عام غير راضين عن حكومتهم ويحمّلونها مسؤولية ما حل بكل مفاصل الدولة. لكن يبدو أن مبادرة "عزوتي" ستنتشر في المحافظات الأخرى، كما تقول  الناشطة في مجال حقوق النساء مرام قاسم، التي تضيف أن "العديد من المواطنين تطوعوا في مبادرات عدة ساهمت في تأمين محامين للمتهمين وإطلاق سراح سجناء كانوا يحتاجون إلى كفالات مالية، وبناء منازل لفقراء، أو تسديد ديون، وتقديم مساعدات مادية مختلفة لعائلات متعففة".

خلال جمع التبرعات (فيسبوك)
خلال جمع التبرعات (فيسبوك)

وتقول لـ"العربي الجديد": "لا تنتهي المشاكل الإنسانية في بلدنا، في وقت تصل فيه ميزانية البلد إلى أرقام كبيرة في ظل زيادة أسعار النفط، علماً أن العراق يملك مخزوناً نفطياً هائلاً وإنتاجاً ضخماً يمكن استغلال موارده في تحسين البنى التحتية المختلفة، بما فيها المجال الصحي وتحسين معيشة السكان بما لا يدع أي مجال لطلب المساعدة أو إنشاء فرق تطوعية لجمع تبرعات من أجل توفير علاج للمرضى الذين على الحكومة تبني علاجهم".

المساهمون